الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دول العالم حائرة في تحديد تنافسية الأسواق وحريتها

دول العالم حائرة في تحديد تنافسية الأسواق وحريتها
20 ابريل 2017 22:18
حسام عبدالنبي (دبي) تقف دول العالم اليوم حائرة أمام اتخاذ قرار بحرية المنافسة في أسواقها أو إغلاقها وتعظيم دور الدولة في التحكم في الأسواق والإنتاج، في وقت أثبتت التجربة أن المنافسة تنحرف بفساد الأسواق في النظم الاقتصادية الوضعية بنوعيها الاشتراكي والرأسمالي. فالمنافسة في النظم، سواء الرأسمالية أو الاشتراكية، لها مساوئ عدة أهمها ظهور احتكارات الأفراد والشركات في النظام الرأسمالي، لتصبح المؤسسات والشركات الرأسمالية العملاقة في مسعى إلى طلب الربح بأي طريقة وعلى أي وجه حتى لو أضر ذلك بمصالح المستهلكين من جميع شعوب العالم، خاصة بعد أن امتدت تلك الاحتكارات لتسيطر على العالم كله فازداد الأغنياء غنىً وثراءً وزاد الفقراء فقراً وضنكاً. أما في النظام الاشتراكي القائم على ملكية الدولة لوسائل الإنتاج ومباشرتها لجميع عمليات التسويق وغيرها، فكان الهدف معالجة الخطر الذي نبه منه كارل ماركس حين قال:«توجد أوقات في التاريخ الاقتصادي للأمم نجد كلاً يحاول أن يربح دون أن تحمل هذه الأوقات في ثناياها شخصية المنافسة»، ولكن أثمرت التجربة احتكار الدولة، حيث لا مجال للمنافسة المشروعة، وتالياً عدم أخذ رغبات المستهلكين وتطورها في الحسبان، وعدم الاستخدام الكفء للموارد الاقتصادية، وتجاهل تهيئة الفرص لتطوير الإنتاج والخدمات والتقدم والإبداع التقني والفني. النظام الرأسمالي يقوم النظام الرأسمالي في ركائزه على حرية الفرد الاقتصادية بقصد تعظيم رأس المال وتعظيم الربح أيضاً، وعلى هذا الأساس أيضاً ظهرت احتكارات الأفراد والشركات وامتدت الآن لتسيطر على العالم كله فازداد الأغنياء غنىً وثراءً والفقراء فقراً وضنكاً، وأصبحت المؤسسات والشركات الرأسمالية العملاقة تسعى إلى طلب الربح بأي طريقة وعلى أي وجه، واتجهت إلى التكتلات لتعظيم الربح ولو أضر ذلك بمصالح المستهلكين من جميع شعوب العالم. والمنافسة في النظام الرأسمالي هي نظام من العلاقات الاقتصادية ينطوي تحته عدد كبير من المشترين والبائعين، وكل منهم يتصرف مستقلاً عن الآخرين للبلوغ بربحه إلى الحد الأقصى، ولا تخضع الأسعار في هذا النظام إلا لتفاعل قوى اقتصادية متحررة من أي قيد يفرض عليها، وهذه هي قوى العرض والطلب من جانب كل من البائعين والمشترين بمجموعهم. وعلى هذا، فالمنافسة شكل من أشكال هيكليات السوق حيث يتميز السوق بعدد من الباعة والمشترين يتنافسون على بيع أو شراء سلعة أو خدمة، بحيث لا يستطيع أي مشتر أو بائع بمفردة دون تواطؤ مع مشترين أو باعة آخرين، أن يؤثر على السوق. ومن ثم تعتمد المنافسة على تعدد المسوقين وتنافسهم لكسب العميل، بالاعتماد على أساليب مختلفة كالأسعار والجودة والمواصفات وتوقيت البيع وأسلوب التوزيع والخدمة وكسب الولاء السلعي وغيرها. ويحدد النظام الرأسمالي عدداً من أنواع المنافسة وأولها المنافسة غير الكاملة أو الاحتكارية، إذا لم يتوافر عنصر التجانس بين وحدات السلع واستطاعت المنشأة أن تتحكم بعض الشيء في تحديد الناتج والثمن. وثاني أنواع المنافسة، ما تكون منافسة كاملة أو حرة أو غير محددة، وتتسم بافتراض كثرة عدد البائعين والمشترين وتجانس المنتج وحرية الدخول إلى السوق ومعرفة المتعاملين في السلعة بالظروف السائدة في السوق وحرية تنقل الموارد الإنتاجية وانعدام تكاليف النقل. وفي سوق المنافسة الكاملة، يمكن أن يظل عدد قليل من المنتجين يحققون أرباحاً استثنائية في الأجل الطويل، بسبب تمتعهم بميزة إنتاجية لا يمكن أن تتحقق لباقي المنتجين مثل: القرب من الأسواق أو من مصادر المواد الخام. ويرى الخبراء أن الشروط التي يجب أن تتحقق حتى يكون السوق في حالة منافسة كاملة شروط غير واقعية، حيث القليل من الأسواق يمكن أن يتفق وجميع هذه الشروط، ولذا نشأت نظريتا المنافسة الاحتكارية ونظرية الاحتكار المتعدد. وتقوم المنافسة الاحتكارية كهيكل من الهياكل المختلفة للسوق على عدة افتراضات وهي افتراض تداخل عنصري المنافسة والاحتكار معاً؛ إذ أن كل منتج في صناعة معينة يتمتع بدرجة ضئيلة من الاحتكار نتيجة لتنوع المنتج، ولكنه يتعرض لدرجة كبيرة من المنافسة نتيجة لكثرة عدد المنتجين الآخرين، وكذا افتراض تنوع المنتج وكثرة عدد المنتجين، وعلى افتراض استطاعة المنشأة أن تتحكم بعض الشيء في تحديد الناتج والسعر. ويلاحظ أن سوق المنافسة الاحتكارية قد يكون أكثر الأسواق وجوداً في الحياة الواقعية، وعلى الرغم من ذلك وجهت إليها عدة انتقادات أهمها أن المجتمع يتحمل نفقات الحملات الإعلانية الضخمة التي ينفقها المنتج لجذب المستهلكين، وهذا الإعلان بدوره يتطلب استخدام موارد من عمل ورأسمال وتنظيم، وهذه الموارد لن تضيف جديداً، لأنها مجرد نفقات دعاية على السلع الموجودة فعلاً. كما تعتبر المنافسة الاحتكارية من أهم أشكال وأنواع سوق المنافسة غير الكاملة، وكذلك تعتبر سوق احتكار القلة. أما سوق احتكار القلة، فتعتبر الصورة الشائعة للمنافسة غير الكاملة ويتوفر هذا السوق عندما يحتكر إنتاج السلعة عدد قليل من المنتجين، ويمكن التمييز بين شكلين من أشكال هذا السوق وهما احتكار القلة التام، وفي هذه الحالة تكون السلعة المعروضة في السوق متجانسة، ومن ثم يسود بالنسبة لها ثمن واحد، وعلى ذلك لا يتوفر للمستهلكين عنصر تفضيل سلعة على أخرى في هذه السوق، والشكل الثاني هو احتكار القلة غير التام، وفي هذه الحالة تكون السلعة المعروضة غير متجانسة، ومن ثم تستطيع بعض المشروعات أن تقوم بتخفيض ثمن السلعة، ولكن ذلك يكون فقط بصفة مؤقتة مما قد يؤدي إلى حدوث «حرب في الأسعار» أو حدوث حملات إعلانية مصحوبة بتقديم مكافآت وجوائز وعينات مجانية أو كوبونات للمستهلكين. واستناداً إلى ما تقدم في أنواع المنافسة في النظام الرأسمالي، يمكن القول إنه باعتبار معيار السلع والخدمات نستطيع أن نقسم المنافسة إلى منافسة كاملة في حالة تجانس المنتج ومنافسة غير كاملة في حالة عدم تجانس المنتج ووجود سلع وخدمات بديلة، وفي هذه الحالة الأخيرة نستطيع أن نفرق بين حالتي المنافسة الاحتكارية واحتكار القلة بشقية أو بنوعية. كما تجدر الإشارة إلى أن أي نوع لا يخلو من المنافسة من الأنواع السابقة من النقد ومن الآثار الضارة التي تترتب عليه. وعلى الرغم من بعض المزايا، تعاب على (المنافسة الحرة) في النظام الرأسمالي، 4 أمور قد تضعف من قدرته على تحقيق التوزيع الفعاّل للموارد أولها عدم إنتاج السلع والخدمات الضرورية لعامة الناس لعدم توفر القدرة الشرائية الكافية والمناسبة لإنتاجها بالقدر المطلوب، إعمالاً لقاعدة الطلب الفعال في السوق الذي تدعمه القدرة والقوة الشرائية، وكذا تفضيل إنتاج السلع والخدمات الكمالية والترفيهية التي تتطلب مقدرة شرائية وبأسعار مرتفعة حتى يمكن جني أرباح أكبر. وتشمل المساوئ والانتقادات كذلك للمنافسة في النظام الرأسمالي، أنه نظراً لعدم ضمان استقرار أسعار السوق في ظل المنافسة فلا تتاح للمنتجين الفرصة لتطوير أساليب الإنتاج وتحديثها لتكون أكثر كفاءة بخاصة في الأجل القصير، واستخدام أساليب الدعاية والإعلان ولو على حساب القيم والمبادئ الأخلاقية والمجتمعية، مما قد يسبب سوء استخدام الموارد وانحراف جهاز الإنتاج عن الاحتياجات الفعلية للناس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©