الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مزارعو أستراليا يهربون من الجفاف إلى الانتحار

مزارعو أستراليا يهربون من الجفاف إلى الانتحار
7 مارس 2015 21:15
وولجت (أ ف ب) وضعت لافتة على الطريق المؤدي إلى مدينة وولجت الأسترالية مكتوب عليها «الزراعة ليست أسلوب عيش، بل هي تبقي الجميع على قيد الحياة»، غير أن هذه المنطقة باتت اليوم ترزح تحت وطأة الجفاف ويجهد المزارعون فيها للصمود. هذه المدينة الزراعية الأسترالية، اسمها مشتق من كلمة بلغة السكان الأصليين لأستراليا وتعني ملتقى نهرين، تعاني أسوأ موجة جفاف خلال قرن ما يرغم المزارعين على الصراع من أجل الاستمرار. فقد مرت ثلاثة مواسم من دون أي قطرة مطر تقريبا. وتحولت سهول خضراء إلى مساحات مترامية الأطراف من التربة البنية المتصدعة. وعلى طول الطرق المفروشة بأوتاد خشبية لقياس منسوب المياه، تتصاعد سحب من الغبار تحت قوائم النعامات المارة في المكان. ويغرق الأفق وسط سديم الحرارة. وقال المزارع واين نيوتن، المقيم في قرية نائية تبعد 650 كلم شمال غرب سيدني لوكالة فرانس برس، «إنها كلعبة شطرنج في كل الاتجاهات سعيا للبقاء، إنها لعبة للبقاء». وأضاف «فترات الصباح تكون الأسوأ لأنك لا تعلم ما ينتظرك وتعلم أن يومك سيكون مرهقا». كريس كليمسون، الذي ساعد المزارعين على بيع مواشيهم لحوالي عقدين من الزمن، أشار إلى أن أكثر المزارعين حنكة وخبرة يصارعون من أجل البقاء. وقال «سمعت بعضا من أكبر وأقوى المزارعين يقولون لي إنه في حال استمر انحباس الأمطار، فإنهم سيتخلون عن مهنتهم». وشهدت أستراليا، إحدى أكبر الدول المنتجة والمصدرة للحوم الحمراء، أكثر أعوامها حرارة سنة 2013، وثالث أكثرها حرارة السنة الماضية. وهذا الأمر يمثل ضغطا جديدا على المزارعين في مناطق مثل وولجت، في مقاطعات نيو ساوث ويلز جنوب شرق البلاد. وتعرضت المنطقة للجفاف خلال معظم فترات العقد الأول من القرن الحالي. وتغطي فترة الجفاف الحالية مناطق نيو ساوث ويلز وكوينزلاند التي تمتد على مساحة أكبر من فرنسا. ولزيادة درجة اليأس، توقعت دراسة أسترالية، نشرت نتائجها العام الماضي، أن التغيير المناخي سيؤدي إلى انخفاض مستويات هطول الأمطار في جنوب البلاد وإلى موجات جفاف أكثر شدة. وقال القسيس في جماعة «جيش الخلاص» في الريف لويد جراهام إن السكان في وولجت وفي مدينة لايتننج ريدج الواقعة شمالا يعانون «تدنيا كبيرا في روحهم المعنوية». وأضاف «ثمة أزواج وزوجات في مواجهة دائمة، وهناك أسر تعيش مشاحنات بشأن هذا الموضوع، والجفاف يسبب هذا الضغط النفسي الكبير ما يجعل كل شيء يخرج إلى العلن». إلا أن توافر خدمات الصحة العقلية بشكل متزايد ساعد العائلات التي تكافح من أجل البقاء للتكيف مع هذا الوضع، على حد تعبيره. وفي حين لم تسجل حالات معروفة للانتحار في وولجت بسبب الجفاف، أصبحت هذه الظاهرة مشكلة كبيرة بالنسبة للمجتمعات الريفية في البلاد. وخلصت دراسة نشرت نتائجها سنة 2012 أجرتها الجامعة الوطنية الأسترالية بشأن الرابط بين الانتحار والجفاف في نيو ساوث ويلز خلال الفترة بين 1970 و2007، إلى وجود «أدلة واضحة» تعزو زيادة بنسبة 15? لخطر الانتحار لدى الرجال الريفيين الذين تراوح أعمارهم بين 30 و49 عاما مع تدهور ظروف الزراعة. وإذ تشكل الزراعة 80? من دخل المنطقة، شهد موراي، رئيس البلدية السابق، كفاحا مطردا من السكان المحليين لمواجهة المشاكل المالية والعاطفية خلال ولاية أخيرة لثلاث سنوات أمضاها كرئيس للبلدية. وقال مواري «خلال عامي 2010 و2011، كانت هذه المقاطعة في المرتبة الثالثة لأهم المناطق في الإنتاج الزراعي في نيو ساوث ويلز»، أما حاليا «نحن في أسفل القائمة» بعد موجات الحر الشديد التي ضربت المنطقة. وحاليا، لم تعد وولجت التي تضم أكبر مستودع لتخزين الحبوب في نصف الكرة الجنوبي، تنتج أي كميات من القمح. وقبل عقد ونيف، كانت المنطقة تضم 1,2 مليون رأس من الأغنام و89 ألف بقرة. أما حاليا فلم يعد هناك سوى 200?7 ألف رأس من الأغنام و23 ألف بقرة، وفق كليمسون. ودفع هذا الوضع العمال إلى ترك مناطقهم للعمل في المدن، في حين أن الأسر التي ترسل أبناءها إلى المدارس الداخلية قد انتقلت إلى مناطق أخرى بحثا عن معيشة أرخص، ما أتى على مناطق تكافح أصلا للبقاء. وتزداد الدعوات لزيادة المساعدات لهذه المناطق وسط تقارير عن تشديد المقرضين الخناق على المزارعين المثقلين بالديون، ما دفع وزير الزراعة بارنابي جويس إلى حث المصارف على وقف التضييق على المزارعين. في هذا الوقت، أطلقت الحكومة برامج لقروض خاصة بمرحلة الجفاف تشمل خفضا لأسعار الفائدة. وقال رئيس الاتحاد الأسترالي للمزارعين برنت فينلي إن «هؤلاء الأشخاص يرزحون تحت وطأة مستويات عالية من الضغط النفسي، ويجب بذل الكثير لمحاولة مساعدة الناس لتخطي هذا الوضع».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©