الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جورج شكور: أنا شاعر الحاءات الثلاث

جورج شكور: أنا شاعر الحاءات الثلاث
16 يوليو 2009 01:09
الشعر في حياة جورج شكور عالم من الفرادة المستقلة بالموهبة الربانية والرهافة الحسية، يقع في المساحة الخاصة بين الذاتية والرؤيوية عند الشعراء ليتشكل بنية جمالية يكثر المعجبون بها لا سيّما وأنها من انسيابيات هذا الشاعر الذي دخل مع الحاء العربية مدارات شعرية ألزمته لقب شاعر الحاءات الثلاث: حب، حرية، حكمة. عرفتها دواوينه «وحدها القمر»، «كلمات للحلوين»، «زهرة الجماليا»، «مرآة ميرا» وغيرها، وتنوعت في قصائده بلاغة الصور والكلمات ومؤخراً أضاف إلى المكتبة الشعرية ديواناً جديداً اسماه «عنهم وعني». وجورج شكور شاعر من لبنان وأستاذ جامعي، حمل رسالة التعليم منذ الصغر، منذ كان يأتي بألواح خشبية يجعل منها مقاعد للتلاميذ، ويقيم مدرسة صيفية مجانية، ولا يزال يفعل ذلك حتى اليوم، تحت سنديانة بلدته «شيخان» في قضاء جبيل. مبيناً أنه احب اللغة العربية منذ صغره حباً شديداً، وكان يتسلق سنديانة أمام داره عليها عريشة، يأكل منها عنباً ويقرأ شعرا وقرآنا ونهج بلاغة، فيأتي إليه معظم أهالي القرية ويجلسون تحت السنديانة، ويهيمون كلامه صامتين. اطلع جورج شكور على الشعر العربي منذ جاهليته حتى نهضته، وكان حظه كبيراً لأنه عرف الكبار من شعراء العربية وأدبائها، وصادقهم صداقة مودة ومنهم الأخطل الصغير، والشاعر القروي رشيد سليم الخوري، وأمين نخلة، وبولس سلامة، وسعيد عقل، وعمر أبوريشة، ونزار قباني، ونجيب جمال الدين، وعبد الكريم شمس الدين، والشيخ عبد الله العلايلي، وأحمد الصافي النجفي، والجواهري، والكثير الكثير منهم. وفي الحوار معه تفاصيل أخرى: هل ما زال الشعر محافظاً على مكانته الأدبية؟ لا، لأن الشعر حتى في العالم الراقي تراجع تراجعاً كبيراً وتسمى بأسماء مدارس شعرية لا تشفع له تسمياتها ولا تؤمن له شعرية الشعر، أما في لبنان والبلاد العربية فكما كان لنا في عصور الأدب العربي شعر جيد وشعر رديء كذلك حالة الشعر عندنا الآن، ثم ان اللغة الفصحى لم تعد في الفم كالسابق يجيدها الشاعر بالفطرة والسليقة بل أصبح مضطراً أن يتعلمها ويتعلم معها الأوزان والقوافي أضف إلى ذلك متطلبات الحياة المادية التي جعلت الناس يتوجهون نحو اختصاصات بعيدة عن جو الشعر، فالحياة بأسرها صارت تعتمد المادة أكثر من اعتمادها الروح. أالا ترى أن الإعلام أثر على الشعر؟ في قديم الزمان، كان الشاعر عند العرب صحافي عصره ولسان حال قبيلته ومحاميها أما اليوم فقد زاحمت الصحافة ووسائل الإعلام كافة الشعر وانتزعت منه بعض أغراضه. هل من تخوف على التعبير بالكلمة؟ لا خوف على التعبير بالكلمة لأنها أصلاً وعاء الفكر وطالما هناك فكر ووجدان وخيال ستبقى الكلمة وسيلة بارزة من وسائل التعبير. كيف سيدافع الشعر عن نفسه؟ بالإبداع والجودة والضغط على وسائل الإعلام المقصرة في إعطائه حقه واحترام منزلته والتلهي بنشر ثرثرات لا قيمة لها تسميّها أحياناً شعراً حراً أو حديثاً أو قصيدة نثر، كل ذلك لأن بعض المشرفين على الصفحات الثقافية يكتبون مثل هذا اللون من الكلام ويدعون الشاعرية ويكثرون أنصارهم ويترجمون لشعراء من العالم ثرثرات تقرأها حتى في كبريات الصحف. ومن الملاحظ أن اكثر المزعومين شعراء يريدون الوصول من أقرب السبل من دون تعب أو ثقافة أو عدة فنية والإعلام المحتاج إلى مادة سريعة يحبذ هذا الأنتاج وعلى الرغم من ذلك كلمة فإن حال الشعر في البلدان العربية أرقى من حاله في العواصم العالمية. هل ساهم شعراء قصيدة النثر في الهجوم على الشعر الأصيل؟ «قصيدة النثر» تسمية مخطئة ومحتالة لأن كلمة قصيدة في العربية تختص بالشعر الموزون المقفى على تنوع ألوانه وهندسة تفاعيله ولا علاقة لها «بالمنثورة» فكيف يستعار اسم القصيدة (الشعر) ليطلق على كلام قد يكون بعضه جميلاً وأحياناً أخرى لا هو شعر ولا نثر وإنما يكون كما اسميته أنا «شتراً» وكان أحرى بأهل هذه التسمية أن يسموّه «النثر الشعري» لأن الشعر المنثور هو شعر منظوم حوّل إلى نثر وهنا يحدث التناقض. تختلف بعض المواقف بين التمسك بالتقليد والخوض في التجديد فما هو موقفك؟ لست من الداعين إلى التقليد بل إلى التجديد والإبداع لكن ضمن التمسك بالأصول وروح التراث وإضافة إلى هذه الأصول أصول جديدة. انطلاقاً من اسمك بين الشعراء، ما الشعر؟ وهل يستطيع الجمع بين الأصل ومواكبة العصر؟ تنوعت تعريفات الشعر ومن أبرزها قول أحمد شوقي: والشعر ما لم يكن ذكرى وعاطفة أو حكمة فهو تقطيع وأوزان، وقال جميل صدقي الزهاوي: إذا الشعر لم يهززك عند سماعه فليس خليقاً أن يقال له شعراً. وأنا شخصياً قلت: والشعر من نعم السماء شعاعة تهمي علي فيشرق الإلهام ولا شك في أن الشعر يستطيع الجمع بين كل العصور، لما فيه من مادة طوعية بين يدي الشاعر المتمكن والمالك الشاعرية الأدبية. برأيك إذاً، من هو الشاعر؟ الشاعر مخلوق متفرد بجهاز عصبي رهيف متميز بخياله وصفائه وروحه السامية المحبة للمثل والقيم والإنسانية كما يحتاج إضافة إلى ذلك عدة شاعريته أي الصرف والنحو والبلاغة ومعرفة العروض والخوض في الجمال. إن العربية من أغنى اللغات شعرياً وأوزانها ليست مقطعية كما في الغرب بل هي تفاعيل مكونة من تموجات موسيقية داخلية وهذه التفاعيل التي اكتشفها الفراهيدي تزن كل ما ينطق به اللسان العربي شعراً ونثراً. ما علاقة حرف الحاء بشعرك؟ معظم شعري يدور حول حاءات ثلاث: حب، حرية، حكمة، ولا يزال قلبي مفعماً بالحب لعروس شعري الملهمة التي تعيش في خيالي، الجميلة المكونة من كل الجمالات التي أراها. أما الحكمة فبالتأكيد نضجت بعد هذا السن وقد خصصت قسماً من شعري لها وللحرية اللتين تبرزان في ديوان «زهرة الجماليا» و»ملحمة الحسين». هل تعكس هذه الحالات الواقع من جميع جوانبه؟ هي تعكس ما في نفسي وما في هذا الواقع، لقد تحدثت في شعري عن المقاومة قبل أن توجد فأنا رؤيوي في قصائدي استبق الأحداث، لقد ذكرت في إحدى قصائدي أن لبنان رسالة ومساحة روحية وهذا الكلام قلته وبكل تواضع قبل البابا من هنا أرى في شعري روحية الواقع لا الواقع كما هو. ماذا عن ديوانك الأخير «عنهم وعني»؟ لعله زرع محبة في حقول الروح، صنفته التجديد مع الأصالة مزداناً بشعرية الشعر وصفائه، نشرته هذا العام وأقام له المجمع الثقافي العربي احتفالاً في قصر «الاونيسكو»، تعاقب على الكلام فيه نخبة من الخطباء والشعراء. جورج شكور من أنت؟ ساءل سوسنٌ وهزارْ قلت اسكتا، غار البنفسج غارْ ريحانةٌ في البال خاليةٌ وتنفّست فبكى شميم عُرارْ.. * * * أهواك همّ العمر، زهرته رمحاً يجرّح بي، وطعم شفار غنّيتك الشعر آلبه وعدت حورُ الجنان قبيل كان كنارْ وصلت مهدوداً على جسدٍ عفو الجمال، صُلبتُ ليل نهارْ الوردة الحمراء تجرحني، وأضمّها جمراً وشُعلة نارْ * * * في أي ركنٍ ما لنا ذكرٌ؟ فوق الرّبى، وعلى شطوط بحار أهواك عبر الموج شاردة شلاّل شمسٍ آذنت بقرار أتذكرين لذيذ غفوتنا فوق الرمال على لذيذ دوار؟ متهالكين على المساء، وقد سال الحديث، وطاب بوحُ سوار وتغيبُ في عينيك تسألني عيناي لون الدّمع، سال، وغارْ ويروح يُصغي الرملُ مبتسماً والموجُ يسرقُ تمتمات حوارْ * * * قدماك، كم أهرقت حولهما عُمري وخمري، ما عددت جرار وسجدتُ أستفتي فتونهما ما الجلّنار على بهاء بهار؟...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©