الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جامعاتنا تأسر أكاديمييها داخل أسوار البيروقراطية

جامعاتنا تأسر أكاديمييها داخل أسوار البيروقراطية
16 يوليو 2009 01:10
قدم المشهد النقدي في السعودية خلال ثلاثة عقود مضت عددا من الأصوات النقدية المهمة والتي كان لها أثر كبير في تحولات نقدية مهمة وطرح قضايا نقدية متجددة ونشيطة، فإلى جانب المقالات والدراسات والملتقيات النقدية المستمرة هناك أيضا مجموعة من الكتب التي تصدر بين فترة وأخرى وتقدم الكثير من الدراسات التي تمثل تجديدا في عالم النقد الأدبي وعوالمه، وبرزت أسماء في عالم النقد الأدبي في السعودية بل واستطاع أن يكون صوتا فاعلا في المشهد النقدي العربي من أمثال عبدالله الغذامي ومعجب الزهراني وسعد البازعي وفائز أبا وعالي سرحان القرشي وغيرهم. في هذا الحوار مع الدكتور وأستاذ النقد عالي سرحان القرشي عن كتابه الجديد، نقارب تحولات النقد وحركية النص في المشهد الثقافي السعودي بالإضافة إلى قضايا أخرى: من خلال كتابكم الأخير «تحولات النقد وحركية النص» كيف ترون العلاقة بين النقد والنص الجديد الذي ربما لا يخضع كثيرا لشرط نقدي؟ العلاقة ما بين النص والنقد علاقة حوارية تفاعلية، النص بحركيته النابعة من طاقته الكامنة، ذلك أن النص يحمل طاقة كامنة، تأتي من ذهنية النص، التي تشتعل داخله، إذ إن أي نص له بنيته الذهنية التي هي اشتغال داخله، ينشأ من ترابطاته القائمة، ويظل خيطا تنتظم عليه ترابطاته المقترحة من قبل القارئ والناقد؛ فيأتي النقد بخبرته وقدرته على استثارة هذه الطاقة، فيستثيرها، ويتحرك بها نحو إعادة قراءة للنص في ضوء التشكل الجديد الذي أراده الناقد، عبر حواره، وعبر اسثارته لكوامن النص؛ ومن هنا لا يأتي النقد بمعايير يفصلها على النص، ومن ثم ليست هناك شروط لاستجابة النص ماعدا شروط التجدد، واكتناز الدلالة، والقدرة على إحداث التعدد الدلالي. التجارب الحديثة هل ترى أن النقد واكب التجارب الحديثة بما يكفي؟ وكونك مشغولا بتحليل النص وقراءته نقديا ألا ترى أن الكثير من نقادنا ذهبوا إلى التنظير النقدي بعيدا عن النص وعوالمه؟ ربما كانت التجارب النصية الحديثة هي الأقدر على استنطاق طاقات النقد الجديدة، وقد حققت إنجازات لافتة على المستوى النقدي، فولدت النقد النصوصي بتفرعاته الأسلوبية، والتفكيكية، وولدت نقد الخطاب، والحوارية، وغيرها من مشتغلات النقد التي ابتدأت من النص وجاوزته إلى الخطاب، والسياق، والنسق.. ومن ثم أصبح النص عالم الناقد؛ فكما أن العالم أمام صاحب النص ميدان لاشتغالاته، وليس من الممكن لأي «ناص» الإحاطة بأطراف العالم، كذلك الناقد ليس بإمكانه الإحاطة بكل التجارب النصية منفردة؛ لكنه يشتغل على النماذج، واللافت، والخارج بفعل نصوصي، وهذا من شأنه أن يقود إلى الحوار مع التجارب النصية بصفة شمولية. أما على مستوى التطبيق فأتفق معك في أن هناك مناطق نصية لازالت مجهولة، وأن الحوار النقدي معها سيجدد الاشتغالات النقدية، وينمو بالنظرية النقدية. هل ترى أن هناك منجزا نقديا محليا إزاء منجزات أخرى عربية؟ إلى أي مدى كان هذا المنجز حسب رأيك؟ نعم هناك منجز نقدي محلي على مستوى حوار النظرية، وعلى مستوى تحليل علاقة النص بالخطاب والسياق، وعلى مستوى استجلاء الأنساق، وعلى مستوى حوار النص مع النصوص، وحركة الأصوات داخل كل نص، وعلى مستوى حوار النظرية النقدية مع الخطاب وتحولاته.. كل ذلك ظاهر في فعلنا النقدي المحلي، ومقدر من قبل الحوار النقدي العربي، وظاهر في التفاعل معه. عرفت كناقد وأستاذ اكاديمي في جامعات السعودية وأيضا كشاعر وكاتب.. أيهما أفاد من الآخر لديك النقد أم الشعر؟ كلاهما أفاد من الآخر، لكني أفدت من التفاعل ما بين الأداة النقدية وحركية النص، بشكل واضح، على النحو الذي تحدثت عنه في إجابة السؤال الأول، إذ إن تجربتي النقدية ليست وليدة طرق النظريات النقدية، وليست وليدة نصي الذي أكتبه، لكنها وليدة استقبال النص بذلك المنحى الذي يستقبل ذهنيته، ويستخرج حركتها، فيرتد نماء للمقولة النقدية، وكشفا لطاقات النص. كيف ترى ظهور الرواية السعودية بهذه الكثرة والوفرة؟ أتعتقد أنها حالة من الانفجار الفني والمعرفي يؤدي إلى الذهاب الى الرواية؟ ما سبب هذه الكثرة برأيك؟ خصوصا أن لكم دراسة بعنوان «تجاور الأبنية في النص الروائي السعودي»؟ ليس كل نص اتخذ شكل السردية يدخل في إبداع الرواية، فهناك الكثير من الحكايات التي طولها قص كاتبوها، وتخيلاتهم التي تلفق من وهناك، وتزيد هذه الوصلة، وتضيف تلك، ليخرج ذلك في مطبوع يحمل اسم رواية؛ فما لم تشعرك السردية بحوارها مع العالم المسرود، وتتفاعل مع تعدد الأصوات، وتشعر فيها بالحوار الكتابي؛ وإشراك القارئ في هذا الحوار، والعمل على إدارة دفة السرد من خلال تشكيل أبعاد رمزية للمكتوب، بالارتقاء بمستواه عن مستوى الحكاية في مستواها الأولي، البسيط.. ما لم يكن ذلك كذلك فلن يكون ذلك رواية. أما عن سبب الطفرة في الكتابة السردية التي قد تكون رواية أو غير ذلك؛ فلذلك أسباب عديدة من أهمها: البحث عن حرية القول، والرغبة في بناء التجارب في أفق يطرح الرأي، ويحلل، ويحاور، في فضاء لا تخنقه البرقراطية، ويخرج من مقاعد الاستماع والتهميش إلى فضاء يقدم الرأي والرؤية، مع تقديم النقد القاسي، والجارح أحيانا. عملكم كأستاذ للنقد في جامعة الطائف في السعودية هل يتيح مناخا نقديا وحوارا متصلا حول النقدي؟ ماذا قدمت من خلال الجامعة بهذا الصدد؟ أعتقد أن الناقد يخلق فضاءه الذي يتحرك منه، تجربتي في كلية المعلمين قبل انضمامها لجامعة الطائف، التي لازال عملي التدريسي بها، أفادتني بتطوير نظري النقدي بفعل حواري مع النص، وبمغامرتي في تقديم تجارب نقدية قدمتها في مؤتمرات وملتقيات نقدية... لذلك أزعم أن الحوار يخلقه الجهد الذاتي، وأن جامعاتنا لازالت تأسر أكاديمييها في أسوار من البيروقراطية الإدارية، فصلت الجامعات عن الخطاب الثقافي والتفاعل معه، وأصبح أساتذة الجامعة يترسمون طريق تفاعلهم إما عن طريق المؤسسات الثقافية خارج الجامعة، وإما عن طريق الصحافة ووسائل الإعلام، وهذا ما تختلف به عنا الجامعات العالمية التي من مدرجاتها ينبثق الفعل الثقافي، والحوار معه. قصيدة النثر كيف ترى قصيدة النثر ومنجزها هل استطاعت بعد كل هذا المشوار المليء بالشعراء والتجارب الشعرية والمجموعات الشعرية أن ترسو على وعي خاص؟ أعتقد أنها حلقت في أفق التجدد المستقل؛ بدليل هذه الضجة التي لازالت مستمرة حولها، ذلك أنها كونت نماذج مائزة، تمردت على النسق وشكلت طريقها الخاص، الذي ليس بالضرورة أن يكون وعيا خاصا، لكنه وعي منسجم، مع تجدد الوعي، والتحليق في أفق استقلالية التشكيل، نابذا كل تقليد يتراجع بالتجربة عن خلقها وإبداعها. ما هو مستقبل الشعر في عصر المعلوماتيه؟ وما مدى تعاطفك مع الانتشار الالكتروني للشعر والنقد حتى؟ أعتقد أن الشعر أفق تعبيري سيظل له مكانه، وأن ليس هناك مجال لخلق تحيزات لأجناس إبداعية؛ استدناء جنس، ومصادرة آخر بحجة أن الزمن لهذا، وأن زمن ذاك ولى، واعتقد أن الانتشار الالكتوني للشعر والنقد سيخلق مساحة أوسع لاستقبال النص والتفاعل معه. ما رأيك فيما يحدث هنا وهناك بين بعض النقاد أو المثقفين كما حدث بين الشاعر محمد العلي وعبدالله الغذامي مثلا؟ لا أنظر لذلك في إطار النقد والثقافة، لكنه إطار إنساني يحدث بين أي طرفين متصارعين! بمناسبة الغذامي، كيف ترى كتابه «القبيلة والقبائلية»؟ هل تراه امتدادا لباقي مشروعه للنقد الثقافي خاصة؟ نعم أرى ذلك خاصة أن الغذامي وضع أمامنا ممارسات مشهودة وقريبة، بعضها نتورط فيه، قدم تفسيراته وتحليلاته، وبيان مخاطره إن لم نتنبه للنسق القبائلي والطائفي الذي يحتويه. القرشي: حوار النص
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©