الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برنامج بعثة النخبة الحكومي.. خطوة أبوظبي على طريق تكنولوجيا الغد

برنامج بعثة النخبة الحكومي.. خطوة أبوظبي على طريق تكنولوجيا الغد
24 ابريل 2010 20:20
يبدأ الإعلان على الرمال الذهبية وهناك ينتهي مبتعثاً كرة النور التي تنتقل من يد إلى أخرى في تطلع إمارة أبوظبي إلى المستقبل، إنه الإعلان الذي أطلقته حكومة أبوظبي من خلال شركة تابعة لها، هي شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة بالتعاون مع مجلس أبوظبي للتعليم، لحث الطلاب الإماراتيين للاجتهاد والتفوق من أجل مشاركتهم في رؤية وطنهم الاستراتيجية والأساسية والمساهمة في وضع بصمتهم في التكنولوجيا المتقدمة واعتبارها من مهامهم الوطنية وواجباتهم حيال بلدهم. إنه برنامج بعثة النخبة للتكنولوجيا المتقدمة، واحد من البرامج المتعددة التي ولدت في رحم شركة مبادلة، ثم كوّن كيانه الخاص عبر شركة صدر مرسوم إنشائها في أواخر 2008، وشكلت كيانها المستقل التام التابع لحكومة أبوظبي منذ الشهر الثالث في هذا العام. فاستثمار حكومة أبوظبي لا يقتصر على أسهم ومبادرات استثمارية في الكوادر البسيطة ، إنما هو استثمار طويل الأمد في البشر، عماد الدولة الإماراتية. في لقاء مع خالد الشملان، مدير مشاريع، وحدة تنمية قطاع التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي في شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة- «آتيك»، شرح لنا البدايات التي أوصلت إلى برامج استثمارية في الكوادر البشرية بالإضافة إلى الاستثمارات الضخمة في المجالات الأكثر تطوراً في العالم. قال الشملان «أنا بدأت في شركة مبادلة للتنمية في بداية 2005، في وحدة الاستثمار، وكانت مهمتنا إجراء الصفقات التجارية وشراء أسهم الشركات التي تستثمر فيها شركة «مبادلة». في أواخر 2007، بدأ مشروع دخول أبوظبي في مجال صناعة أشباه الموصلات عن طريق استثمار «مبادلة» وشرائها لحصة في شركة AMD- Advanced Micro Devices. وتطورت الصفقة مع هذه الشركة في بداية العام 2008 إلى التعاون مع هذه الشركة لإنشاء شركة Global Foundries لتصنيع أشباه الموصلات، الشركة التي تعتبر مملوكة من شركتنا التي أنشئت في أواخر 2008 بالشراكة مع الـ AMD. وشرح أن «آتيك» شركة استثمارية مملوكة بالكامل من قبل حكومة أبوظبي، تعنى بالاستثمار في قطاع التكنولوجيا المتقدمة». وقال «بدأ إذن مشروعنا بمبادرة من مبادلة ومن ثم شكلنا كياننا الخاص، ويضم الكادر اليوم في هذه الشركة نحو 60 موظفاً، وقد صدر المرسوم بإنشائها في أواخر 2008. لكن تم الانفصال الفعلي من مبادلة في الشهر الثالث من هذا العام. البداية أما كيف بدأ برنامج بعثة النخبة وبرامج أخرى تعد من البرامج الاستثمارية في القطاع البشري، فأشار إلى إنشاء مصنع جلوبال فاوندريز في كاليفورنيا، بالإضافة إلى منشآت التصنيع والمصانع التي تتواجد في ألمانيا (مصنع) وسنغافورة (ستة مصانع) وفي ولاية نيو يورك (مصنع آخر قيد الإنشاء). إنما للمستقبل القريب رؤية أخرى تتمثل بإنشاء مصانع في أبوظبي، تطبيقاً لرؤية أبوظبي الاستثمارية للعام 2030 لخلق اقتصاد متنوع يعتمد على مصادر دخل متنوع. وبما أن صناعة أشباه الموصلات من أكثر الصناعات تعقيداً في عصرنا الحالي، فهي تستدعي القيام بمتطلباتها وتحقيق النجاح للعقول الفذة والبحوث. وأضاف « كان لا بد قبل إدخال هذه الصناعة إلى الإمارة من خطوات تسبقها مثل هذا الاستحداث الصناعي الذي هي عبارة عن استحواذ على هذه التكنولوجيا وعلى شركات عالمية رائدة في هذا المجال، حتى تسهل عملية بناء هذه الصناعة داخل الدولة. لو خططنا على الورق وأردنا ذلك من دون تأهيل للبنية التحتية فلن نحقق شيئاً، فلنشتر أولا الثمار وبعدها نجهز السلة لنضع فيها الفاكهة». فوائد استراتيجية أما عن سبب استثمار أبوظبي في هذا المجال، فقال الشملان «ثمة عوائد اقتصادية جمة في هذا المجال مؤثرة على الناتج القومي المحلي، وعلى خلق فرص وظيفية (آلاف الوظائف)، يزيد من انتاج براءات الذمة والاختراع الذي يساهم في بناء اقتصاد معلومات، في ظل توجه اقتصاد العالم إلى الاقتصاد المعلوماتي، أو اقتصاد المعلومات- أي الاقتصاد المبني على المعرفة. حتى نبني هذا الاقتصاد يجب أن تكون لدينا مخرجات من براءة الذمة والاختراع والأبحاث وما شابه. فهذه الصناعة كفيلة بأن تساهم في خلق هذا الاقتصاد المعرفي المعلوماتي في أبوظبي. فهذا هو أحد الأسباب الرئيسية والفوائد الاستراتيجية التي تعود على إمارة أبوظبي التي هي خلق اقتصاد معلوماتي والمساهمة في خلق فرص وظيفية للموظفين ذات المؤهلات العالية الكفاءة، المساهمة في الناتج القومي المحلي، وبشكل معتبر». ولم ينف وجود تحديات جمّة أمام هذه الخطوة التي اعتبرها «استراتيجية» ولفت إلى أنه مع توافر الرأسمال والبنية التحتية المادية، بقي أمام الحكومة تحدي إيجاد الكوادر المواطنة المؤهلة لهذه الصناعة المعقدة. ورأى أن هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه الشركة، فانصب تركيزها في توفير الكوادر المواطنة، وأنشئت وحدة خاصة لها قامت بالتعاون مع مجلس أبوظبي للتعليم بوضع الخطط والحلول وإنشاء المشاريع لتوفير الكوادر الوطنية المؤهلة للقيام بهذه الصناعة. فرص مستقبلية يؤكد الشملان: «إنشاء الله، ستبدأ هذه الصناعة في أبوظبي في السنوات القليلة القادمة ولدينا مجال للتخطيط والتحضير وتوفير البنية التحتية المناسبة لإنشاء الكوادر الوطنية، وذلك من خلال إنشاء بعثات إلى الخارج مثل بعثة النخبة للتكنولوجيا المتقدمة ومن خلال برامج التوعية عن طريق ارسال طلاب الهندسة من المواطنين إلى المصانع للتدريب الصيفي. فثمة برامج التدريب الصيفي التي نوفرها، لنخبة الطلاب المواطنين الذين لا يزالون يتابعون تعليمهم العالي في كليات الهندسة». وأردف «اننا نوفر للطلاب فرصة التعرف على هذه الصناعة عن قرب، وهم سيكونون الرواد فيها في المنطقة ككل، لأن أبوظبي الأولى في هذا المجال». وشدّد «حين نوعي الجماعة حول هذه الصناعة نركز على أنها ليست مجرد صناعة وكسب أموال، إنما تنمية بلد وبناء أمة. وهذا يعني أنها مهمة وطنية وهي كذلك بالفعل». الخطوة الأولى تحدث الشملان عن إرسال الدفعة الأولى من الطلاب المتفوقين العام الماضي إلى مصنع جلوبال فاوندريز في ألمانيا، التي جاءت بناء على تعليمات مباشرة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد زيارة سموه للمصنع يرافقه المدير العام لمجلس أبوظبي للتعليم، فأصدر سموه التعليمات لابتعاث مجموعة من الطلاب من كليات الهندسة المتفوقين، فدعا عشرين طالبا، عشرة طلاب وعشر طالبات، تعرفوا على هذه الصناعة وكونوا فكرة عنها. أما هذا العام، فإن عدد الطلاب ازداد وثمة 60 طالباً وطالبة من النخبة في التفوق العلمي، ينتمون إلى أربع مؤسسات تعليمية في الدولة، هي جامعة الإمارات، كليات التقنية، جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، الجامعة الأميركية في الشارقة، بالإضافة إلى طلاب دولة الإمارات المبتعثين في الخارج. وأضاف «وفق ما رأيته من الطلاب، وبعد استبيان أجريناه للذين شاركونا في خطوتنا الأولى حول استعدادهم لجعل هذه الصناعة المعقدة تكنولوجياً مهنة لهم، كان الرد 100 في المئة بالإيجاب. لماذا؟ لأن الطالب الإماراتي المتفوق لديه من الشغف والفضول التعليمي والبحثي ما يشجعه الإقدام على الإبداع والعمل في هذا المجال». ورأى أن ما ساعد في تلقي هذه النتيجة كون الطلاب الذين ابتعثوا هم في الأساس مجموعة من النخبة التي تتمتع بحس الابداع والاختراع والتجدد. ولفت أن برامج الشركة ومن ضمنها بعثة النخبة مع مجلس أبوظبي للتعليم، لا تقتصر على صيفيات تدريبية وتعريفية، بل تتعداها إلى متابعة متواصلة لهؤلاء الطلاب، والتركيز على الإبقاء على التواصل المنهجي المتمثل بتوفير الفرص لهم لمزيد من تطوير الذات من التحاق بمؤتمرات ومشاركة بها ودورات تدريبية ولقاءات مع المسؤولين الفنيين الذين واكبوهم في ألمانيا، بالإضافة إلى التواصل الاجتماعي معهم مع توفير الإرشاد العلمي والمهني والاجتماعي، وتأمين وظائف لهم إلى حين جهوزية المصانع في أبوظبي، وقد أرسل أحد الطلاب للعمل رسمياً في المصنع في ألمانيا إلى أن يحين موعد رجوعه للعمل في بلده. وقال الشملان « إن هؤلاء المؤهلين المتفوقين، نضعهم دائما تحت العدسة على أهبة الاستعداد للمشاركة في البرامج الموجودة لدينا، سواء كانوا على أبواب التخرج أو قد تخرجوا، نعقد مقابلات معهم وربما نمنحهم وظائف». وتوقع الشملان أن تجهز مصانع أبوظبي لأشباه الموصلات خلال ست سنوات كحد أقصى، إذ أنها قد تجهز قبل ذلك بعامين. مع التفوق تعمل الشركة حالياً على التواصل مع الثانويات بعد أن تواصلت مع الجامعات في سبيل ابتعاث طلابها المتفوقين للدراسة في الخارج في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، لافتاً إلى أن الشركة وبتوجيهات من حكومة أبوظبي وقيادتها الرشيدة، خصص تقديمات متميزة للمرأة الإماراتية في سبيل تشجيعها لمتابعة تعليمها العالي في الخارج في مجالات هندسية متنوعة حرصاً منها على مراعاة خصوصيات الثقافة الإماراتية، ومن هذه التقديمات بالإضافة إلى المنح الكاملة للطالبات، تقديم فرصة توفير مرافق من الوالد أو الأخ أو الأم لفترة محددة تساعد الفتاة على التأقلم. وأشار إلى أن الشركة عقدت لقاءات مع طالبات إماراتيات درسن في الخارج ووضعت لائحة بالتحديات التي تواجههن، لذا قدمت لهن هذه الفرصة تشجيعاً لهن لتذليل العقبات أمام متابعتهن في التخصصات العلمية التكنولوجية المتقدمة. أبعد من الاستهلاك يقول محدثنا: «صحيح أن دولة الإمارات هي الأكثر استخداما للتكنولوجيا، الحديثة والمتقدمة أيضاً، إنما تتطلع قيادتنا إلى أن تكون دولة الإمارات من بين الأكثر الدول استحداثاً للتكنولوجيا الحديثة المتقدمة. إننا نعمل من أجل الانتقال من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الانتاج والتصنيع والاستحداث كي نكون في مركز رئيسي ورائد في العالم لاستحداث التكنولوجيا المتقدمة». ويلفت إلى أهمية تنمية ثقافة القراءة والإطلاع غير المتوافر في العالم العربي، وكذلك ثقافة التعليم الذاتي لدى الأولاد منذ الصغر. وقال «عندما نتكلم عن توعية الناس حول التكنولوجيا التي سنستخدمها تنصب هذه على أنشطتنا التوعوية والتنموية لدينا. وثمة مشاريع لابتعاث طلاب الثانوية وقبل دخولهم إلى الكليات، وحتى ابتعاثهم مع أهاليهم لرؤية هذه التكنولوجيا وكيفية استحداثها على الأرض، وثمة مشاريع ربما نبدأ بها مستقبلاً تشمل زيارات المدارس وعروضا مستمرة لتوعية المواطنين حول الصناعة التي ستستحدثها «آتيك» في إمارة أبوظبي، وهذه أمور مقدور عليها لتوصيل المعلومة وإعطاء فكرة عن هذه الصناعة». ويرى أن الموضوع الأكبر هو كيفية تطوير ثقافة البحث عن المعلومة وثقافة التعليم الذاتي وثقافة القراءة، فهي أمور تنصب ضمن مسؤوليات المؤسسات التعليمية والتي هي حالياً في إطار هذا التوجه، فإن مجلس أبوظبي للتعليم في طور إعداد الاستراتيجيات التعليمية المواكبة للتطورات العالمية للإرتقاء بالنظام التعليمي إلى مستويات عالية بعيدة المدى لكافة المراحل الدراسية. ولديهم حلول سريعة وأخرى طويلة الأمد. ولفت إلى أن ما يميز برنامج النخبة، أنه يعتبر تجربة تعليمية متكاملة. على أساس اختيار الصفوة يجب أن يكون عندنا مميزات تليق بمميزات الصفوة. ما يميز هذه البعثة عن بقية البعثات، هو أن نظرتنا للابتعاث الدراسي مختلفة وحديثة. لا ننظر للابتعاث الدراسي فقط للتحصيل الأكاديمي، إنما مفهومنا له هو تجربة تعليمية متكاملة، من تحصيل أكاديمي وتطوير ذاتي وتطوير مهاراتي ومنها المهارات القيادية وصولاً إلى تطوير الشخص نفسه. الاختلاط مع الثقافات الأجنبية وحضور المؤتمرات والمعارض والقيام ببرامج تدريب صيفية بحيث يكون قد اقترب من طبيعة العمل الذي سيقوم به فيما بعد. وشعار «النخبة» درج نصعد إليه خطوة بخطوة، ترافقهم حكومتهم في كل الخطوات. وما يميزه أيضا النظرة الشمولية لمفهوم التطوير الأكاديمي والتطوير الذاتي. النخبة دائماً بدورها تحدثت حنان هرهرة، مديرة مساعدة في دائرة العلاقات العامة والاتصال في الشركة، عن النشاطات التواصلية التي تقوم بها الشركة، وهي نوعان، النشاطات التوعوية وبرامج للتنمية. من برامج التنمية، بعثة النخبة وبرنامج الماجستير في جامعات هي الأرقى في العالم، وثمة التدريب الصيفي في المصانع، وثمة برامج أخرى سنعلن عنها في المستقبل. وقالت «ترتبط التوعية، في منظورنا، بالتنمية، وثمة مشاريع للتوعية. مثلا عندنا برنامج النخبة، فبالإضافة للإعلان عنه، نظمنا لقاءات تعريفية تتناول الشرح عن أشباه الموصّلات للطلاب وأهاليهم على السواء. وثمة نشاطات تعتبر أيضاً اجتماعية مع الطالب وإعلانات تشجيعية طيلة أيام السنة. بالإضافة إلى الحملة الإعلانية الموجودة لتشجيع الطلاب على التقدم لبرنامجنا، أحببنا إجراء لقاءات تعريفية لمقابلة الطلاب وجهاً لوجه، فجمعنا الطلاب المتفوقين لإعطائهم فكرة عن هذه الصناعة وعن خطة إمارة أبوظبي للخوض في هذه الصناعة مستقبلا وما هي الفرص المتوافرة. ونجري ذلك للطلاب الثانويين والجامعيين في كل من أبوظبي والعين. خيارات أوسع وختم الشملان لقاءنا معه بالقول»الآن خلال العقود الأخيرة من الزمن كانت صناعة النفط هي المسيطرة، إنما اليوم باتت الخيارات أوسع، وبفضل القيادة الرشيدة تم وضع استراتيجية للرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي لتنويع الاقتصاد، وتم استحداث صناعات مثل صناعة الطائرات والطاقة النووية والطاقة البديلة (مصدر) والتكنولوجيا المتقدمة، فتوسعت الخيارات والجميع في عملية بحث مستمر عن الكوادر الوطنية، وباتت متاحة للطالب الإماراتي وجود فرص كثيرة بنوعية أفضل بكثير، وهي فرص تحتاج إلى الناس الذين يتمتعون بالكفاءة».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©