الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المبخرة.. عناق بين الجمر والعطر

المبخرة.. عناق بين الجمر والعطر
24 ابريل 2010 20:21
يفوح منها روائح البخور والدخون والمسك والعنبر والعود والطيب بمجرد أن تدس في أحضانها قطعاً من تلك المكونات العطرية فوق الفحم المشتعل فيها فتعطر الأجواء وتنشر الروائح الزكية. إنها «المبخرة» التي تجمع في تركيبتها العناصر الأساسية في الكون: الهواء والتراب والنار والماء. تنتشر المبخرة أو المجمرة في كافة إمارات الدولة، بل لا يخلو بيت من وجودها كونها رمزاً من رموز الذوق الرفيع والأناقة والجمال وكرم الضيافة، حيث تضم في حناياها مزيج البخور وخشب العود لتفوح في أرجاء البيت معطرة الثياب والأبدان والضيوف الكرام. عرف أجدادنا في المنطقة المبخرة منذ مئات السنين، وقد جاء ذكرها مقرونة بالدخون في إحدى قصائد شاعر الإمارات الكبير الماجدي بن ظاهر (المرجح أن ولادته عام 1532). ووفق منشورات «نادي تراث الإمارات» فإن مناطق الإمارات عرفت المباخر على أنواعها عبر فترات الحج، خاصة أنه عثر على أوانٍ فخارية في معظم دول المنطقة، أهمها اكتشاف الأواني الفخارية في قبور حفيت (يرجع تاريخها إلى حوالي 2700 ق.م) كما ارتبط ظهور المبخرة في المنطقة بتاريخ إنتاج وتجارة اللبان والبخور خلال فترة النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد عبر المحيط الهندي - ساحل مالابار- حيث يضم المتحف العماني مبخرة مصنوعة من حجر الكلس، تقوم على 4 قوائم بداخلها مادة سوداء تشكّل آثار اللبان وتعتبر أقدم مبخرة في العالم، إذ حدد تاريخ المبخرة بما بين 2200- 2100 ق.م». تقول غاية الظاهري- مؤلفة وباحثة في التراث: «يرتبط استخدام المباخر بالذوق وحسن استقبال الضيوف، ولها تقاليد تتصل بتدخين وتعطير الضيف، حيث يقدم له العود في المبخرة ليُنسم منه إليه ويراعى أن تكون كمية البخور والعطور ضعف كمية الجمر. وتستخدم المباخر بشكل يومي بهدف التعطير وكذلك في مناسبات كثيرة كالخطبة والزواج والنجاح والاحتفال بأسبوع المولود وختان الأطفال، وفي مناسبات عديدة أخرى». إلى ذلك، تصنع المباخر في الإمارات من الفخار والجص والنحاس بأنواعه والخزف والبرونز بأشكال ونماذج مختلفة. ويشير إلى ذلك محمد عبدالله- عامل فخاريات في سوق القرية التراثية، يقول: «تدخل صناعة وتجارة المباخر في إطار إحياء التراث والمحافظة عليه، كونها إحدى المهن التقليدية فننجز العشرات من أشكال الفخار لبيعها في السوق الشعبي أو خلال مهرجانات التراث لإهدائها كرمز بيئي محلي». ويضيف: «تصنع المبخرة من خلال اختيار نوع التربة وتنظيفها ويضاف إليها الماء ويتم تدويرها عبر الحرق بالنار، إذ يحتاج تصميمها إلى ساعة كاملة، فمنها ماهو طويل الشكل ودائري أو شبه الصقر أو الزنبقة. وثمة مباخر غير فخارية تصنع من مواد معدنية مطورة تستخدم بالطاقة الكهربائية أو الغاز وليس الجمر». اليوم، تعكس مجسمات المباخر التي تزين أندية التراث والمؤسسات ومراكز التسوق والفنادق الكبرى ودوارات تقاطع الشوارع الرئيسة؛ مكانتها الكبيرة في نفوس أبناء الدولة كإحدى ملامح البيئة المحلية والتقاليد المتوارثة عن الأجداد الذين عرفوها منذ القدم، ونشروا من خلالها روائح النباتات العطرية في فضاءاتهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©