الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي الشرقاوي: ما زلت أبحث عن المخطوطة الغائبة

علي الشرقاوي: ما زلت أبحث عن المخطوطة الغائبة
28 مايو 2008 02:48
علي الشرقاوي شاعر بحريني ترك بصمته الواضحة على خريطة القصيدة البحرينية واضحة لا تزال منذ عام 1975 حيث ديوانه الأول ''الرعد في مواسم القحط'' مستمرة في تأكيد حضورها الدائم بالرغم من تغير أنماط الكتابة الشعرية· 15 ديواناً بالفصحى و8 دواوين بالعامية و9 مجاميع شعرية للأطفال و4 مسرحيات شعرية للأطفال أيضاً و4 نصوص مسرحية شعرية تلك حصيلة منجزه الشعري الذي يتمثل بمشروع إبداعي لا ينضب· علي الشرقاوي محاور متعدد الثقافات، والتاريخ يشكل لديه هاجساً والنظرية جزءاً من حياته، وحركة الشعر في البحرين والعالم العربي تسكنه، تتحرك في خلاياه الشعرية، يفهم العالم شعرياً بعد أن كان يحمل معه أفقاً نظرياً دافع عنه كثيراً· ''من أوراق بن الحوبة'' ايهام بالحكاية وبتأصيلها ضمن إطار مخطوطة منسية عثر عليها علي الشرقاوي صدفة بين كومة من ركام التاريخ، كذلك ''كتاب الشين'' ديوانه الأثير الذي تضمن مستويات ثلاثة سبق فيها أدونيس في ديوانه ''الكتاب''·· الا أن الشرقاوي لا يلوم زمنه على توجه النقد الى الآخر بكثافة وعزوفه عن إبداعاته المتكررة والمهمة، اللغة لديه كيان حاضن لكل أفكاره، ردوده ذكية وحواره بارع، التقاه ''الاتحاد الثقافي'' في هذا الحوار ليستكشف معه عالمه الشعري ضمن مشروع لا يزال لم يكتمل حيث نبع الشعر في أوج عطائه· ؟ كيف تصف لنا الحركة الشعرية البحرينية الآن وأنت أحد أهم أعمدتها؟ ؟؟ هناك العديد من الأصوات الشعرية التي بدأت في أوائل الثمانينات التي اعتمدت تجربتها على قصيدة النثر منهم: أحمد العجمي وفوزية السندي وفاطمة تيتون وعلي الجلاوي وسوسن وهنين، هذه التجارب تحاول أن تستفيد من تجربة قاسم حداد وعلي الشرقاوي وفتحية عجلان وأحمد بدن وعلي عبدالله خليفة وعلوي الهاشمي الذين أسسوا لهذه التجربة· القصيدة عند الجيل الشاب أو ما يسمى بشعراء الثمانينات تحاول أن تختلف عن الجيل السابق من خلال تجاربها المغايرة والمستفيدة من التجربة الشعرية العربية ''قصيدة النثر'' خاصة من العراق وبيروت والقاهرة، أغلب القصائد ذات نفس قصير موظفة اليومي والعادي والمهمش لتحويله الى مادة شعرية واذا كانت تجربة السبعينات مستمدة من المواقف السياسية الساخنة فإن تجارب الجيل الجديد تستمد موضوعاتها ومضامينها من الحياة الفردية لذلك فنادراً ما نجد في هذه التجارب الأبعاد الفلسفية أو الكونية للإنسان المعاصر· القصيدة الكونية ؟ ولكن هذه الأبعاد التي تسميها بالكونية تطمح الآن الى أن يتلبسها شعرك·· كيف يمكن أن نخلق عوالمها اذا لم تكن هناك تجربة إنسانية كبرى؟ ؟؟ في تصوري أن الذهاب الى أقاليم مختلفة ضروري جداً فأنت كشاعر تستمد موضوعاتك ورؤاك من الواقع المادي المحسوس والمحدود ولكن ذهابك الى ما وراء الواقع وما وراء النص، أعني ذهابك الى المجالات الروحية على سبيل المثال يعطيك مساحة أرحب في التعامل مع كل ما هو موجود على هذه الأرض أو وراء المجرات ويحولك من إنسان مهتم بالمواضيع العادية والايديولوجية والقومية الى أن تكون مثقفاً كونياً كما هو هادي العلوي الذي رأى في التجارب الإنسانية خصوبة تساهم في تحويل الإنسان الى إنسان بمعنى الكلمة ويضع المذهب أو الدين في خانة أخرى بعد أن يتحول الى الإخوة الإنسانية والتي هي كما يرى أسمى هدف يمكن أن يصله الإنسان· ؟ ولكن هذا يتعارض مع مفهوم القصيدة الحديثة في تناول ما هو يومي، عادي ومألوف لكي يكون لا مألوفا في الشعر؟ ؟؟ اتفق معك في هذه النقطة وأرى أن استطاعة الشاعر أن يحول العادي الى غير عاد هي مهمته الأساسية ورسالته الأولى في هذه الحياة فأنا استخدم كلبا ضالا على سبيل المثال وأتحدث عنه كمخلوق واقترب من معاناته في الحصول على اللقمة أحوله في هذه الحالة من كلب عادي الى كلب شعري بحيث إن أي ترجمة لمثل هذه القصيدة من الممكن أن تلامس مشاعر كل إنسان على الأرض· ؟ وهذا ليس جديداً في القصيدة الغربية؟ ؟؟ ربما ليس جديداً في القصيدة الغربية، ولكن أظنه جديداً في القصيدة العربية خاصة وأن الشعراء العرب اعتمدوا في تجاربهم الأولى في أغلبها على قصيدة الموضوع وليس على قصيدة الرؤيا، إنني اقترب في هذه التجارب من الحكماء الهنود والصينيين واليابانيين الذين توصلوا الى أن الكون هو واحد والإنسان على هذه الأرض· ؟ الآن القصيدة هي البحث المكون التركيبي عن البناء وهذا لا يلغي الموضوعة؟ وكأني بذلك أسأل هل استطعتم أن تقدموا عبر هذا التوجه نصاً حداثياً يعتمد تركيب جديد للغة؟ ؟؟ في تصوري حاولت في أكثر من تجربة أن افجر الجملة العربية وأسس لجملة مغايرة في التركيب والصورة والرمز والبعد الفلسفي وربما تلاحظ هذه القضايا في أكثر من تجربة منها تجربة ''تقاسيم ضاحي بن وليد الجديدة'' و''رؤيا الفتوح'' و''مخطوطات غيث بن اليراعة'' و''كتاب الشين'' و''من أوراق بن الحوجة''· ؟ أنا معك في ذلك ولكن أنت لعبت على الموضوعة بأسطرة ما هو محلي، واقعي الى كيان شعري أسطوري وهذا ليس بجديد فقد سبقك الكثيرون من شعراء العرب المعاصرين؟ ؟؟ ربما في القصائد الواقعية واسطورتها اتفق معك ولكن في القصائد الرؤيوية وبالذات ''رؤيا الفتوح'' و''مخطوطات غيث بن البراعة'' و''كتاب الشين'' و''من اوراق ابن الحوبة'' كلها شخصيات مخلوقة وليست واقعية بمعنى أنه لا يوجد هناك شخص في التاريخ يدعى ''غيث بن اليراعة'' أو ''ابن الحوبة''· الموروث العربي ؟ حسناً هل ترى أنك قد حاكيت الموروث العربي شكلا وبخاصة في عملك ''كتاب الشين'' وكيف ترد على طريقتها التي استخدمها ادونيس في ''الكتاب''؟ ؟؟ قبل ''كتاب الشين'' كانت هناك تجربة غيث بن اليراعة والتي اعتمدت على علاقة المتن بالهامش وكان الهامش واضحاً ليس كتفسير المتن انما كقصيدة ترفد المتن بشروحات مغايرة ومختلفة لكن بسبب عدم وجود امكانيات طباعية في تلك الفترة، اعتمدت على المتن والهامش فقط· في تجربة ''كتاب الشين'' أصبح هناك المجال أوسع للاستفادة من الشكل القديم في التحقيق فكان هناك المتن وهامشان هما التعليق والتفسير ولم أكتب شعر علي الشرقاوي انما حققه علي الشرقاوي والتحقيق هنا يحمل بعدين، الأول هو التحقيق التراثي المعروف والثاني بمعنى الإنجاز وهذا حصل قبل أن يصدر ادونيس كتابه ''الكتاب'' وكأنما قد وصلنا معا الى ذات الشكل التراثي، ادونيس استفاد من الرواية التراثية وانا ربما استفدت بشكل غير واع من كتاب ''العين'' للفراهيدي، وقد استخدمت كلمة ''الشين'' بأبعاد مختلفة لم تقتصر على اسم الشرقاوي· ؟ هل استطعت أن تتخلص من بنية اللغة السبعينية وأنت شاعر سبعيني هيمنت مجموعة من التراكيب على لغتكم الشعرية؟ الموضوع صارخ جدا واللغة الاتهامية؟ ؟؟ من الصعوبة التخلص من كل اللغة التي استخدمناها في الفترة السابقة ولكن هناك محاولات لخلق لغة مختلفة ومغايرة في العديد من التجارب مثلا التجارب في ''كتاب الشين'' و''من أوراق بن الحوبة'' التي اعتبرها بمثابة محطات مختلفة لقطار تجربتي الشعرية· ؟ هناك استخدام ميثولوجي وخاصة في شعر البحرين، ما دواعي هذا التوظيف وهل لايزال مهيمنا عن موضوعة القصيدة؟ ؟؟ هناك من يستخدم الميثولوجي في تجربته وهناك من حول الميثولوجيا الى تجارب مسرحية على سبيل المثال كتبت شخصياً عدة مسرحيات شعرية منها ''مسرحية عذاري'' و''مسرحية البرهامة'' ومسرحية ''حكاية العبد مارقوبان'' وكلها محاولة لأنسنة المدن والقرى ما قبل التاريخ الإسلامي حيث هذه المناطق تعطيك حرية أكثر للتعامل معها بعيداً عن سطوة الواقع اليومي، لأن هناك تتعامل مع الأساطير وتعيد تشكيلها حسبما تريد، بالنسبة لأهم تجربة طرحت في الساحة البحرينية حول هذه الموضوعة هي تجربة قاسم حداد في قصيدة ''خروج رأي الحسين من المدن الخائفة'' أما بقية الشعراء فظلوا يستخدمون الحسين كرمز من رموز الثورة الدائمة· الصراعات والتاريخ ؟ اتفق معك، ولكن اختلف حول الدوران في إطار تاريخي واحد ولم نخلق شخوصنا الحاضرة أي مازلنا نتناول الواقع عبر التاريخ ولم نتناول التاريخ عبر الواقع؟ ؟؟ في تجربة ''من أوراق بن الحوبة'' هل خلق شخصية متوهمة وجعلها محور الصراعات والتاريخ وفي تصوري أن هذه التجربة لم تقرأ حتى الآن بصورة جيدة لأنها تطرح عكس ما طرح في السابق من تصور أن المدينة هي تفتت روح الإنسان واعتبرها بعض الشعراء مدينة بلا قلب كأحمد عبدالمعطي حجازي والسياب والبياتي وعبدالصبور وآخرين، أنا في هذه التجربة جعلت المدينة هي حلم شعراء الإقاليم أو شعراء الريف وهي التوق الكلي لهم فالجميع يذهب الى الشهرة والحصول على المركز والجلوس على المقاهي فالمدينة هنا اختلفت عن مدن شعراء الأربعينات والخمسينات، في نفس الوقت الذي تحول فيه البدوي الى إنسان مطارد في كل الدول العربية تحت اسم ''بدون'' رغم أنه يمتلك الصحراء وحلم السماء· ؟ ما هو جديد علي الشرقاوي؟ ؟؟ حصلت قبل فترة قصيرة على جائزة أفضل نص في مسابقة البحرين الثقافية عن نص مسرحية الفلاسفة وحالياً أعمل على إصدار كتاب ''البحر لا يعتذر للسفن'' وهو بمثابة حوارية طويلة شعرية بين البحر الذي يمثل ثلثي الصفحة وبين السفن التي تحلم بالوصول الى شاطئ ما·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©