الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

القرية العالمية.. كرنفال البهجة والثقافة

القرية العالمية.. كرنفال البهجة والثقافة
29 مارس 2018 12:39
أحمد النجار (دبي) عقارب الساعة تتحرك ببطء، أمام بوابة العالم، إنها الثالثة عصراً، قبل ساعة تقريباً من أوان افتتاحها اليومي، حيث تتقاطر مواكب بشرية من كافة أجناس وأعراق سكان الأرض، يحملهم الشغف «لاكتشاف وجهتهم» المحببة التي يصفها موسى علّوني، بأنها «بشارة السعد» ويصفها فيصل اليامي، بأنها «ألبوم ذكريات عمره 22 عاماً. وفي تمام 3:30، تتحول ساحتها الخارجية إلى كرنفال نهاري ساحر يمثل منصة ثقافية بروح عالمية على مدار 158 يوماً، ويتوافد إليها هواة التصوير ونشطاء وعائلات وقوافل سياح بالآلاف، يتسابقون إلى توثيق الملامح الأولى لـ تظاهرة البهجة، التي تنثرها كبائن قطار ملونة خارج أسوارها، ويتنافسون للفوز بلقطات ترسم وتسرد وتعزف نوتة فرائحية للقرية العالمية. 100 مرة ألبوم المفاجآت مفتوح على مدى 500 دقيقة، تعيش منها 20 دقيقة، مستمتعاً بأجوائها الخارجية بانتظار جرس الدخول، 3 عروض في كل دقيقة، أي قرابة 57 عرضاً في اليوم، و12 ألف عرض ترفيهي على مدار 185 يوماً، 6 ملايين زائر يتوقع أن تكون القرية وجهتهم لاكتشاف العالم، محققة رقما سياحيا كبيرا يضاهي حركة الإقبال على بلدان عالمية. مشهد سينمائي في الساعة 4:5 عصراً، وعلى بعد أمتار قليلة من البوابة، أكثر من 1500 ضيف بحسب تقدير مسؤولي شباك التذاكر، يحتشدون حول أيقونة «برج خليفة» تتطاير حوله فقاعات صابونية متلألئة في مشهد سينمائي ملهم يبشر بـ «يوم سعيد»، وفق تعبير وليد زهدي (فلسطيني)، قادماً من إمارة رأس الخيمة برفقة عائلته، مؤكداً أن زيارته للقرية تتكرر أسبوعياً. ويجد الزائر، منصات تتصدرها لافتات «نحن هنا لإسعادك»، ليست شعاراً للترويج، لكنه سلوك حضاري. ووسط عاصفة من الفرح. وفي الساعة 5 عصراً، تكتسي سماء القرية بحمرة الغروب، ويسابق الزوار لحجز زوايا شاعرية للتصوير، فوق الجسر المطل على النهر، «منظر ملهم»، تتهافت إليه عائلات، لالتقاط صور على خلفيات رومانسية، وعند تمام الساعة الـ 6، لا يمكن أن تمشي 5 دقائق على ساحاتها دون أن يستوقفك عرض ما، حتى لو قررت أن تتجاهل كل شيء، فهناك أكثر من 80 لاعباً ومؤدياً بلهوانياً يجتذبون حواسك. مفاجآت بالجملة وبعد جولة بانورامية استمرت 40 دقيقة، حول أجنحة 5 بلدان من بينها 3 منصات جديدة احتضنتها القرية للمرة الأولى، هي البوسنة والبلقان وجنوب آسيا، تمثل تجربة ثقافية مفتوحة على الموروث الفني والإبداعي لكل من بنجلاديش وسيرلانكا ونيبال، 300 شخص وأكثر، يتحلقون حول بهلوانيين بعروضهم الأدائية، ونحو 50 طفلاً، يسيرون خلف أنغام وأغان تنثرها «عربة الموسيقا» تطرب أحاسيسهم وتبث في عيونهم بهجة الحياة، وبالانتقال إلى ساحة مقابلة للنهر المائي، 10 راقصين يرسمون لوحات استعراضية، وبين كل 10 أمتار، «مفاجآت كرنفالية» بالجملة وسط تجمع العائلات. استغرق حديثه 20 دقيقة، محاولاً أن يفسر قيمة القرية العالمية «كمشروع ثقافي عظيم»، بكونها تمثل «أيقونة ملهمة للأفكار والشعر والموسيقا والتصوير، هكذا قال رينيه سارفور شاعر فرنسي زائر لدبي، مضيفاً أن دبي ابتكرت «جغرافيا كونية» استحضرت فيها مجتمعات «اليوتوبيا» برؤية إماراتية ملهمة، واختزلتها في مدينة واحدة، بوصفها «مرادفاً موضوعياً» لعالم مثالي يحكمه الفرح بلا منافس. أسطورة وعلى أعتاب الساعة الثامنة، أمام الأهرامات التي تحتضن على شرفاتها راقصي التنورة، و«التنين الصيني»، الذي يوزع تحيات سريعة على ضيوف القرية الصينية، مشهدان مذهلان من «مجلد معالم زاخرة» تبدو مثل «مجسمات معلقة» تحمل شواهد حضارية وعبقرية إنسانية، لتروي سيرة أماكن لا يمكن استعادتها أو استحضارها، إلا في كنف القرية العالمية. تمام الساعة 8:30، إنه وقت المرح للصغار والكبار، حيث تتدفق أعداد فلكية صوب «كرنفال» وهو عنوان جديد للترفيه العائلي بامتياز، مدينة تصنع الفرح الساحر، وتنتج الإبهار لكل ثقافات العالم، تلف به زوارها صغاراً وكباراً بروح كرنفالية، وتفتح أحضانها لعيش 28 جولة شائقة و34 لعبة ممتعة ومهارة تسترعي قدراتك الخارقة. وتحتضن خيمة بداخلها 100 لعبة فيديو مسلية. وفي تمام الساعة 9 موعد الحفل الغنائي، الذي يتغير كل أسبوع مع فنان، وقد أكد فنانون ومطربون أن القرية العالمية سببت موجة عزوف كبيرة عن حضور الجمهور إلى أمسياتهم وحفلاتهم في موسم النزاهات، وذلك نتيجة انجذابهم ونزوحهم الهائل إلى المسرح الغنائي. سعادة العالم يسأل زوار عن «القبة الزرقاء»، من دون علمهم بأنها مركز عمليات ومعمل إنتاج أفكار لإسعاد الزوار، وهي بلورة سحرية يرى من خلالها فريق القرية ملامح كل ضيف، يطوعون الجميع في خدمته، ليصنعوا له جواً ملهماً لاكتشاف العالم، وصولاً إلى انتزاع بسمته وفرحته، فالقرية استطاعت ترويج موادها الترفيهية والثقافية والتراثية، متفوقةً بها على أفضل مدن الترفيه العالمية، لهذا استثمرت 32 مطرباً يمثلون سطوة الدعاية البيضاء الأقوى تأثيراً عبر الـ «سوشيال ميديا». 100 ألف يومياً سمعة القرية أصبحت «عالمية» بامتياز، فهناك 4 ملايين متابع لحساب القرية، ومئات المؤثرين العرب والأجانب من 50 بلداً عربياً وعالمياً، وزوار القرية يصل إلى 100 ألف يومياً، بحسب بدر أنوهي مدير القرية العالمية، وهذا مؤشر واضح على أن ملايين من سكان الكرة الأرضية، يصفونها بـ «كتاب التاريخ المعاصر» الذي يستحضر أمجاد الشعوب عبر أيقونات ومعالم ضاربة في القدم. قالوا عن القرية وخلال جولة خاطفة في ساحات متفرقة داخل القرية، قال الهولندي جاستس سليني هي «حديقة العالم» التي تنشر فوحها الثقافي لتسحر حواس الملايين»، والأسترالية جايدن تصفها بأنها الأعجوبة الثامنة التي تستحق إضافتها ضمن قائمة عجائب الدنيا السبعة، وهي وفق البرازيلية غابريلا رافييل، كرنفال ساحر مفتوح أمام كل شعوب الأرض. وقال السويدي بلاثيوس إيساك إنها فكرة أفلاطونية لمدينة فاضلة لكل سكانها الذين يستمتعون داخل أجنحتها وأسوارها، وأطلق عليها البلجيكي ميشيل مارتن لقب جنة الإلهام والاستجمام للمتقاعدين والمسنين وصديقة أصحاب الهمم. واعتبرها النرويجي أندرياس ميريوس ماركة إماراتية مسجلة تستحضر الماضي والمستقبل في مكان واحد. ثلاثية النكهة والطعم والرائحة يعتبر عشاق النكهات الساعة 9 مساءً موعداً مناسباً، يخصصه كثيرون للطعام، حيث تظل الحواس متوثبة والشهية مفتوحة لكل شيء، ذلك لسان حال أبو فيصل، رب عائلة سعودية يحرص سنوياً لاقتطاع أسبوع لتمضية إجازتهم في القرية العالمية، وأضاف: «طفت بلداناً عديدة، أحن إليها مجدداً لأتذوق أكلاتها مرة أخرى، لكن نكهات القرية تعادل كل تلك التجارب»، ففي شارع المطاعم، تتربع تظاهرة كرنفالية، تختلط فيها ثلاثية النكهة والطعم والرائحة، وتجعل الزائر مرتبكاً في اختيار وجبته الخفيفة من بين 23 مطعماً موزعاً في ساحة القرية، تنتمي لمطابخ عريقة من المكسيك والصين والخليج وكوبا. وأكثر من 120 كشك تضم مأكولات ومشروبات وحلويات على طريقة بعض الشعوب، ولا يفوت 50% من زوار القرية فرصة شرب «شاي كرك» بصفته يمثل أحد عناصر الضيافة الإماراتية. دراما يومية سيناريو الغرائب وشريط العجائب «دراما يومية» لا تنتهي في القرية، ففي تمام الساعة 11:30 وخلال الطريق إلى بوابة الخروج، صادفنا زائرين من بلدان ومدن غريبة لم نتوقع وجودها في الخريطة أصلاً، لكنهم كانوا متواجدين في جغرافيا القرية العالمية، فمنهم آرثر وأولغا زوجان من مالدوفا، وأصدقاء من مابوتشي، دولة تقع بين تشيلي والأرجنتين، و3 موطنين من «غرين لاند»، دولة مستقلة تقع ضمن حدود الدنمارك، إلى جانب نيكولاس وميليسيا زوجين متقاعدين من جمهورية الدومينكان، دولة تقع ضمن جزيرة هيسبانيولا في البحر الكاريبي، وقبل أن تغلق القرية أبوابها في تمام الـ 12 منتصف الليل، لا غنى لأي زائر عن اصطحاب كوب كرك كذكرى ترافقه في طريق عودته للديار. إغراءات وجودة المنتج أكد زوار ومستثمرون في أجنحة القرية، على أن إقبال الزوار على الشراء يتفوق على مراكز خارجية في المدينة، وقال راشد الفلاحي مواطن 43 عاماً، كل زيارة للقرية أعيش 100 موقف محرج، خاصة أمام إغراءات البائعين وحلاوة لسانهم، فلا أملك إلا أن أرفع رايتي البيضاء مستسلماً لجودة منتج ما، إما لندرته وجاذبيته أو بسبب رخص ثمنه، وقالت ندى دركشلي، سورية، إن نقطة ضعفها هو التسوق، نظراً لخصوصية بضائعها وصبغتها التراثية والثقافية. دعوة لـ 7 مليارات شخص بحثاً عن حياة بشرية لـ «ما بعد كوكب الأرض»، قريباً سيتم افتتاح قرية عالمية في المريخ، تلك كانت قناعة آرثر سيموني، مصور أميركي متقاعد، متحدثاً: لماذا يحتار الـ 100 شخص الذين اختارتهم شركة «مارس وان» الهولندية، للذهاب إلى المريخ خلال العام 2018 في رحلة ذهاب بلا عودة، لماذا لا يأتون إلى القرية العالمية، كبروفة أولى قبل رحلتهم المكوكية، على الأقل لاقتباس شيء من رؤيتها الاستشرافية لمستقبل قابل للاستدامة لما بعد كوكب الأرض، هي دعوة لـ 7 مليارات شخص لاستكشاف العالم. 3000 منصة تسوق يعتبر توقيت الـ 10:30، مثالياً للمتسوقين، وخلال أكثر من 40 دقيقة، إذا لم تكن قد حددت مقتنياتك نهاراً، فلن تكفيك 5 ساعات لتستكشف محتويات الأجنحة، حيث لا تكتمل بهجة العودة للديار، إلا باقتناء هدايا واستكشاف أسواق، وفي القرية العالمية، أنت أمام 3500 منصة تسوق فنتازية، حيث يمكنك التسوق عبر 27 بلداً على بساط واحد، فمن أفخر الجلود الباكستانية إلى أشهر منتجات عضوية بوسنية، وأجود أنواع العسل اليمني والتمور السعودية إلى السجاد الإيراني، والتين التركي، والتحف الإفريقية، والزيتون الفلسطيني والقفطان المغربي، ومستحضرات الجمال من البحر الميت والبشت العراقي والآيس كريم التركي واللبان والشاي السيلاني والعود السريلانكي، وفي رحلتك لا بد أن تصافح خرطوم الفيل السريلانكي، وتلقي التحية على التنين الصيني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©