الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم الخاص الأفغاني: «يقظة» أم عجز حكومي؟!

24 ابريل 2010 21:22
يقف "عبد العظيم راوي المجيد"، ببذلته الجديدة، داخل أحد المكاتب في مدرسته، حيث تعلو الحائط صور مختلفة لشخصيات أفغانية، مؤكداً أن مدرسته التي افتتحها مؤخراً في كابول ستحظى بمدير حالما يحصل على التمويل المناسب من قبل المستثمرين الذين يودون ارتياد عالم المدارس الخاصة في أفغانستان، أو المانحين الحريصين على دعم جهود التعليم في البلاد. ورغم النقص الذي تعانيه المدرسة في بعض اللوازم الأساسية، مثل الدفاتر والكراسي، يحافظ عبد العظيم راوي على تفاؤله بالقدرة على تأمين المال الضروري لإدارة مدرسته واستكمال استثماره الذي يقول إنه مهم بالنظر إلى "قلة المدارس الخاصة في أفغانستان والحاجة لبناء مزيد منها؛ لأن الأمر لم يعد يقتصر فقط على الأغنياء، بل حتى على الفقراء والناس العاديين يودون إدخال أبنائهم في المدارس الخاصة لما توفره من جودة في التعليم وآفاق مستقبلية أفضل". ورغم المشاكل العديدة التي تعرفها أفغانستان، والاضطرابات السياسية والأمنية التي تعصف بالبلاد، تسعى فئة متزايدة من المستثمرين إلى إطلاق مدارس خاصة لتلبية احتياجات الطبقة الوسطى التي بدأت تظهر في أفغانستان، لاسيما المغتربين الذين فضلوا العودة إلى بلادهم بعد سنوات طويلة قضوها في الخارج. ولم تحل ندرة الإمكانات دون افتتاح عبد العظيم راوي لمدرسته في قلب كابول، ثم ما أن جف الطلاء على الجدران ووصلت الدفعة الأولى من الكتب المدرسية، حتى قام بتوظيف المدرسين الذين يبدو أيضاً أنهم لم يحصلوا على شهادات جامعية، وأنهم يكتفون بالشهادة الثانوية، وهو ما يضع بعض علامات الاستفهام حول جودة التعليم الخاص في أفغانستان، وما إذا كان الاتجاه المتزايد للاستثمار في المدارس الخاصة يحركه دافع آخر غير الربح المادي. وعندما سُئلَ عبد العظيم حول هذه الثغرات، لاسيما وأنه هو نفسه لم يدخل جامعة قط، أجاب أن من سيسير المدرسة هو المدير الذي سيحرص على أن تكون مؤهلاته وخبرته مناسبتين لإنجاح المدرسة. وبالنسبة للسلطات التعليمية في أفغانستان التي تمثلها "نجيبة نورستاني"، المشرفة على قطاع التعليم الخاص في وزارة التعليم الأفغانية، فهي تعترف بوجود "العديد من المشاكل المرتبطة بضعف المستوى التعليمي في المدارس الخاصة، والوزارة تسعى إلى فرض قواعدها على الجميع وضمان التزام تلك المدارس بالحد الأدنى من المعايير المقبولة في مجال التعليم". غير أن القسم حديث التشكيل ولم يمر على إنشائه سوى خمسة أشهر، وما يزال أمامه الكثير من العمل، لاسيما إجراء التحقيقات ومراقبة المدارس للحد من الممارسات غير المنضبطة؛ كاهتمام البعض بالربح على حساب جودة المخرجات التعليمية. ويذكر أن عدد المدارس الخاصة التي فتحت أبوابها خلال السنوات الثلاث الأخيرة في أفغانستان فاق 280 مدرسة يوجد معظمها في العاصمة كابول، وهو ما يعكس تطلعات الأفغان لتعليم جيد يتجاوز المرحلة المظلمة التي عاشوها تحت حكم "طالبان" التي فرضت قيوداً صارمة على التعليم. إلا أن العدد الكبير للمدارس الخاصة يعكس أيضاً عجز الحكومة الأفغانية عن تلبية احتياجات الأفغان وتوفير تعليم جيد يؤمن مستقبلا أفضلا لأبنائهم. لكن تصاعد وتيرة إنشاء المدارس الخاصة ينطوي على بعض الإشكالات، مثل ظهور نظامين تعليميين مختلفين، أحدهما موجه للفقراء والآخر مخصص للأسر الميسورة القادرة على دفع رسوم التعليم الخاص. هذا بالإضافة إلى انتقادات البعض لنظام التعليم الخاص الذي يركز على اللغة الإنجليزية ويهمل لغة "داري" والبشتونية، وعدم إدراجه لتاريخ البلاد وثقافتها. أما على الجانب الآخر، فتطالعنا مدرسة "زاركونا" الحكومية في كابول؛ حيث الماء يقطر من السقف، وعدد الطلبة في الصف يصل 60 طالباً لا يجد بعضهم مقعداً للجلوس. هذا بالإضافة إلى الأجور الزهيدة التي يتقضاها المدرسون والتي لا تتجاوز 90 دولاراً في الشهر. وفيما كانت المدرسة في السابق معسكراً تدريبياً تابعاً لـ"طالبان"، أصبحت اليوم مدرسة تحت تصرف مديرتها "صافية جان" التي تستمر في إدارتها رغم المشاكل العديدة، حيث 70 في المئة من الطلبة ينحدرون من أسر فقيرة، وحيث الازدحام أصبح لا يطاق بعدما بلغ عدد الطلبة 7500 طالب... ومع ذلك تصر المديرة على أن التعليم الحكومي في تقدم مستمر مقارنة بما كان عليه في الماضي، مؤكدة ذلك بقولها: "عندما جئنا إلى هناك عقب مغادرة طالبان كان في المدرسة كرسي واحد، ورغم الافتقار إلى الموارد فنحن ماضون إلى الأمام". ومع تنامي الإعلانات عن المدارس الخاصة في شوارع كابول، وظهور ملصقات إعلانية لتشجيع الناس على تسجيل أبنائهم في تلك المدارس، لم يعد من الممكن بالنسبة للمدارس الحكومية والمعنين بالتعليم الرسمي، تجاهل المنافسة التي قد تمثلها المدارس الخاصة، وإن كان البعض، مثل "صافي جان"، يصر على هشاشة التعليم الخاص وعدم قدرته على المنافسة بسبب استهدافه لنخبة محدودة من الشارع الأفغاني، وكذلك بسبب التساؤلات المطروحة حول جودة مخرجاته وتقديم المدارس الخاصة للربح المادي على الرسالة التعليمية. جيفري فليشمان - محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم سي تي انترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©