الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إنقاذ اليونان... اختبار للاتحاد الأوروبي

24 ابريل 2010 21:22
يوم الجمعة الماضي، كان مفاوضو الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي يسابقون الزمن لمناقشة حزمة إنقاذ مالي لليونان بقيمة 60 مليار دولار بعد أن أطلق رئيس وزراء اليونان، الذي وصف البلاد بـ"السفينة التي تغرق"، نداء استغاثة تجنباً لإفلاس وطني. وأثناء إطلاقه هذا النداء، تراجع رئيس الوزراء اليوناني عن رفضه السابق لإنقاذ مالي دولي لبلاده، غير أن الإنقاذ الوشيك لم يكن كافياً لتهدئة مخاوف المستثمرين من انهيار اقتصادي يمكن أن يمتد إلى دول أخرى مثقلة بالدين. فرغم أن السندات اليونانية تقوت بعد الإعلان عن مخطط الإنقاذ المالي، فإنها سرعان ما انتكست وضعفت من جديد في وقت لاحق من يوم الجمعة، مما يُظهر أن المستثمرين مازالوا متشككين في تقيد أثينا بشروط الإنقاذ المالي، الذي قالت عنه مصادر مقربة من المفاوضات إنه قد يشمل خفضاً أكبر للمعاشات وخصخصة السكك الحديدية اليونانية. الشكوك بشأن اليونان امتدت أيضاً إلى البرتغال وإسبانيا ودول أوروبية أخرى تعاني مشاكل مالية، مما يعرض سنداتها للضغط، ويُبرز كيف حلت المخاوف من إفلاس وطني محل الأزمة المصرفية باعتبارها المشكلة الرئيسية في الاقتصاد العالمي؛ ذلك أن عجزاً عن التسديد في اليونان قد تمتد تداعياته أيضاً إلى الضفة الأخرى من الأطلسي، ليضرب البنوك وصناديق المعاشات، التي تملك سندات يونانية، ويزيد من قلق المستثمرين بخصوص دين الولايات المتحدة. والواقع أن نداء رئيس الوزراء اليوناني، يشكل أكبر اختبار للتضامن الأوروبي منذ سنوات، حيث تطلب اليونان من جيرانها أن يهبوا لإنقاذها بعد عقد من الإفراط في الإنفاق، وتفشي التملص الضريبي، وتزوير السجلات الحكومية. وفي هذا السياق، قال "باباندريو" في خطاب بث على التلفزيون الوطني أثناء زيارته لجزيرة "كاستلوريزو" الواقعة في بحر إيجه: "لقد أتت اللحظة... فاليوم، بات الوضع في الأسواق يهدد، ليس فقط بنسف تضحيات الشعب اليوناني، وإنما المسار السلس للاقتصاد أيضاً". وحسب المراقبين، فإن مخطط الإنقاذ، الذي تساهم فيه 15 دولة أوروبية بـ42 مليار دولار وصندوق النقد الدولي بـ18 مليار دولار، يمكن أن يمنح لليونان جرعة أوكسجين أثناء سعيها لاسترجاع ثقة الأسواق. وقد أفادت مصادر مقربة من المفاوضات بأن صندوق النقد الدولي قد يقدم لليونان برنامج مساعدات على مدى ثلاث سنوات، وبأنه يتوقع أن يتم توقيع اتفاق رسمي بهذا الشأن في غضون أسبوعين، على أنه يمكن تسريع إجراءات صرف المال نظراً للحاجة العاجلة إليه. أما البرنامج الأوروبي، فسيكون أكبر حجماً، حيث يتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن في غضون الأيام المقبلة؛ لكن صرف الأموال الأوروبية قد يستغرق وقتاً أطول لأنه يتطلب موافقة البرلمانات الأوروبية عليه أولًا. وعلى رغم أن الولايات المتحدة لا تساهم بأموال مباشرة في هذا المخطط الإنقاذي، فإنها تعد أقوى لاعب في صندوق النقد الدولي. وقد قال وزير الخزينة الأميركي "تيموثي جيثنر" للصحافيين الذين يغطون اجتماعات مجموعة العشرين في واشنطن إنه يجد الإعلان الأخير من أوروبا مشجعاً، مضيفاً: "إنني أرحب كثيراً بتزايد الشعور بالطابع الاستعجالي للمسألة، وأود أن أحث السلطات اليونانية والأوروبيين وصندوق النقد الدولي على التحرك بسرعة لوضع حزمة من الإصلاحات الاقتصادية القوية... والدعم المالي". ومن جانبها، قالت وزيرة المالية الفرنسية "كريستين لاجارد" للصحافيين في واشنطن إن المسؤولين "يتوقعون تسريع" المفاوضات، وإن تقدماً مهماً سيتم إحرازه خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة". نداء "باباندريو" جاء في وقت فقد فيه المستثمرون الدوليون الثقة في اليونان، حيث باتوا يعاملونها كدولة مدينة ذات مخاطر عالية، ويفرضون معدلات فائدة مرتفعة جداً مقابل السيولة التي تحتاجها للحفاظ على استمرار عمل حكومتها، هذا في وقت بات يهدد فيه فرار رؤوس الأموال خلال الأسابيع الأخيرة بإضعاف النظام المصرفي في أثينا أيضاً. والجدير بالذكر أن الأزمة اليونانية تفجرت في سبتمبر الماضي، بعد أن كشفت الحكومة الاشتراكية الجديدة عن كذب سابقتها بشأن حجم العجز العام، حيث أشارت إلى أنه يبلغ في الواقع 12.7 في المئة من الناتج الداخلي الخام لليونان. لكن إعلان المجلس الإحصائي الأوروبي عن أن الثغرة الموجودة في الميزانية هي أكبر من ذلك، أسفر عن موجة بيع جديدة للسندات اليونانية. والواقع أن اليونان شرعت منذ بعض الوقت في خفض الإنفاق العام في إطار سياسة تقشفية، حيث رفعت الضرائب وقلصت بعض الرواتب الحكومية، مما أدى إلى إضرابات عنيفة في البلاد؛ والحال أن إعادة ترتيب وتنظيم أوضاع اليونان المالية تتطلب عملية مراجعة شاملة لقوانينها الضريبية واقتصادها، وخصخصة الصناعات، وتقليص حجم قطاعها العام، ذلك أن الدين الوطني المستحق على البلاد مرتفع جداً الدرجة أن دفع الفوائد فقط يمثل 15 في المئة من كل العائدات التي تحققها الحكومة. وفي حال تبين أن اليونان غير راغبة في مزيد من التقليص المؤلم للإنفاق – أو في حال أخَّرت المشاحنات في أوروبا المساعدة الموعودة – فإن أثينا يمكن أن تعجز عن دفع جزء من دينها الذي يبلغ 300 مليار دولار. وذلك قد يعني اضطرار بعض المستثمرين إلى أن يرضوا بجزء صغير فقط مما يستحقونه، الأمر الذي يمكن أن يفضي بدوره إلى طرد اليونان من مجموعة البلدان الأوروبية التي تستعمل "اليورو" والإضرار باقتصادها أكثر. وفي هذا السياق، تقول "سارة كارلسون"، المحللة المختصة في اليونان بمؤسسة "موديز" لتصنيف الائتمان المالي للبلدان: "ثمة أمثلة كثيرة لبلدان مثل اليونان استطاعت تحمل هذا النوع من الألم"، في إشارة إلى تركيا ودول أخرى قامت بخفض صعب ومؤلم في الإنفاق من أجل استرجاع ثقة السوق، مضيفة "إنه قرار سياسي على البلدان أن تتخذه!". أنتوني فيولا وهوارد شنيدار - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©