عملات الإمارات تعزز تراثها وتروي وقائع حياة الأجداد

روعة يونس (أبوظبي) - تمثل النقود المادة التي يتداولها الناس يومياً، لكنها قبل ذلك تمثل للأمم العزة النفسية والقومية، لذا اعتادت أن تحتفظ عبر عملاتها برموز وأشكال تمثل جانباً من تراثها التاريخي والديني والاجتماعي والاقتصادي. في هذا السياق، قامت الإمارات قبل عشرات السنين بوضع رموز كفاحها ونهضتها وعزتها على عملاتها، وجيّرتها لخدمة التراث والمحافظة عليه ونشره. حيث نجد ملامحاً تراثية تزين الفئات النقدية كالحصن والقلعة والدلة والسفينة والصقر والجمل والغزال وغير ذلك من رموز تراثية، وجميع ألوان تلك العملات مستوحاة من الجو والبحر والبر. أي تشير السفينة إلى البحر، والجمل إلى الصحراء، والصقر إلى السماء. وهذه المعالم تمثل الإنسان الإماراتي وفخره بتراثه وما يربطه بأرضه وشعبه، لذا رسمها وسكها في العملة، كي تبقى ماثلة أمامه وتمثله أمام الشعوب الأخرى. ومع قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وبروز أهميتها على المستوى العربي والدولي، تم تأسيس «مجلس النقد» عام 1973 وكانت أولى مهامه إصدار العملة الوطنية وهي الدرهم، لتحل محل العملات السائدة آنذاك، وكانت جميع وحدات العملة المعدنية والورقية تحمل على وجهيها تفاصيل تراثية كالدلة والبرجيل والحصن والقلعة والسفينة والنخلة والخنجر والصقر والغزال والخيل، ورموزاً أخرى تتصل ببيئة الإمارات وتعكس تاريخها، في إصدارات متتالية (ذكرى العيد الوطني، وصعود المنتخب الكروي لنهائيات كأس العالم، وتأسيس جامعة الإمارات) وغيرها. ويقول الفنان محمد مندي الذي قام بخط جميع الفئات الورقية من عملة الإمارات وبعض الدول العربية «اعتمدت عملات الدولة على ألوان تراثية مستوحاة من البيئة نفسها كالفئات النقدية التي حملت لون الرمال (1000 درهم) أو البحر (500 درهم) أو النخيل (10 درهم) تأكيداً على أن الحداثة والمعاصرة لاتحول دون التمسك بماضي وتراث المنطقة. وفي إطار الصناعات التراثية هناك عملات تحمل رسوماتها صناعة سفن الغوص أو صيد اللؤلؤ أو شباك صيد السمك، أو بيوت العريش التي سجلت وقائع أيام الأجداد». إلى ذلك، فإن رسوم بيوت العريش والبراجيل، والحلي القديمة، والخنجر والدلة، والصبية بلباسهم المحلي، والأجداد في المراكب، وكل الرموز التي تشير إلى الحياة الاجتماعية آنذاك وتسرد وقائع الأيام الصعبة والحياة القاسية، هي في الحقيقة تلتفت بوفاء وتقدير إلى وقائع عاشها الأجداد، لأنها رموز اشتركت في صياغة الماضي، وتمّ حفظها وتكريمها في عملة الإمارات.