الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام السياسي ···عقبة أمام حرية التعبير في البحرين

الإسلام السياسي ···عقبة أمام حرية التعبير في البحرين
29 مايو 2008 00:23
''بالنيابة عن الاتحاد الدولي للصحفيين أكتب إليكم هذه الرسالة لأعبر عن قلق أكثر من 600 ألف صحفي هم أعضاء في الاتحاد تجاه التهديدات التي تتعرض لها حرية الصحافة في البحرين ولأدين تلك التهديدات الموجهة من حركة إسلامية سياسية ضد الصحفيين''···هكذا استهل ''إيدن وايت'' أمين عام الاتحاد الدولي للصحفيين، رسالته يوم الأحد الماضي الموجهة إلى العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة وإلى كل من رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب والدكتور علي البوعينين النائب العام البحريني، معرباً عن استعداد ''الاتحاد الدولي للصحفيين'' لتوفير المساعدة القانونية وانتداب محامين للدفاع عن رئيس تحرير صحيفة ''الأيام'' ورئيس جمعية الصحفيين البحرينية عيسى الشايجي وسعيد الحمد الكاتب بالصحيفة ذاتها، حيث بدأت المحكمة الجنائية الكبرى في البحرين يوم 25 مايو الجاري النظر في القضية المرفوعة من وجدي غنيم، أحد قيادات جماعة ''الأخوان المسلمين'' الذي طُرد من البحرين مؤخراً، ضد الشايجي والحمد بتهمة القذف· وقال ''وايت'' إن الاتحاد الدولي منزعج لعدد الدعاوى التي رفعها وجدي غنيم ضد ''الشايجي'' و''الحمد''، وذلك بسبب عمود كتبه ''الحمد'' في ''الأيام'' مؤخراً، انتقد خلاله جماعة ''الأخوان المسلمين''· رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين الذي يتخذ من بروكسل مقراً له، أعرب عن قلقه الشديد حول القضايا المرفوعة أمام المحاكم ضد الصحفيين البحرينيين، والتي تحركها في الأساس مصالح سياسية، مسجلاً رفضه أسلوب التهديد والتحريض ضد الصحفيين والكتاب بقصد إرهابهم وتقييد حريتهم· فما هي القصة؟ المسألة تعود إلى العام الماضي، بعد أن صدر قرار السلطات البحرينية في نوفمبر 2007 بإبعاد الدكتور وجدي غنيم عن المملكة· خطوة لم تأت من فراغ، فالسبب المباشر أن غنيم أساء للشعب الكويتي في شريط مسجل يعود إلى عام 1990 أثناء محنة الغزو العراقي، قال خلاله عن شعب الكويت ''إنه شعب يطالب باللواط أراد الله أن يرينا فيه آية''· ناهيك عن تسجيلات أخرى أساء فيها للقيادة السياسية في الكويت واتهمها بالاستيلاء على نصف دخل البترول· لكن المسألة تحولت إلى مادة للمواجهة بين التيار المحسوب على ''الإخوان'' في البحرين والصحافة في المملكة التي وجهت انتقادات لغنيم· لكن تمكن أنصار ''غنيم'' في البحرين، وهم المنتمون إلى جمعية ''المنبر الإسلامي'' المحسوبة على تيار ''الإخوان''، من رفع دعاوى قضائية باسمه ضد عيسى الشايجي، رئيس تحرير صحيفة ''الأيام'' البحرينية، وضد الكاتب سعيد الحمد، بتهمة القذف والإساءة إلى المسلمين· ''الحمد'' طالبَ في مقاله بأن تكون الثقافة الدينية ''ثقافة واقع لا ثقافة أوهام تبصر الشباب بقيمة العلم والعمل''، ويقول إنه انتقد المسلك الدعوي الذي انتهجه وجدي غنيم في برامجه الوعظية، ولم يكن طرحــــه موجهــــاً للإســـلام، بل لشخص غنيم لا أكثر· قضية وجدي غنيم تثير مسألة ''الدعاة'' وما يدور حولها من جدل في سجال يتعلق أساساً بثنائية الدين والحداثة والعصرنة وعلاقتها بخصوصية كل مجتمع· غنيم الذي استقر في البحرين عام 2006 والذي سعى إلى الحصول على جنسيتها، جاءها بعد أن غادر الولايات المتحدة لأن السلطات الأميركية اعتبرته خطراً على الأمن، إذ بدأت أزمته مع أميركا في 4 نوفمبر 2004 عندما أُلقي القبض عليه بصفته مهاجراً غير قانوني، وجرت محاكمته في نهاية نوفمبر من العام نفسه، كما اعتُقل قبل ذلك في كندا بعد قدومه إليها لحضور أنشطة لبعض المراكز الإسلامية· كما رفض أن تسلمه السلطات الأميركية إلى مصر (موطنه الأصلي) حيث اعتقل أكثر من ثماني مرات، ولا يزال مطلوباً للتحقيق فيها· اللافت أيضاً أنه ممنوع من السفر في مصر، مما يثير تساؤلات حول كيفية خروجه منها ثم توجهه بعد ذلك إلى الولايات المتحدة، إضافة إلى منعه من دخول عدد من الدول الأوروبية أيضاً· غنيم حصل بعد خروجه من الولايات المتحدة على تأشيرتين واحدة لقطر وأخرى للبحرين، ليستقر به المقـــام في الأخيرة· الدعوى القضائية الموجهة ضد ''الشايجي'' و''الحمد'' جاءت نتيجة لحملة يشنها بعض رجال الدين والنواب الإسلاميين على الصحافة التي تنتقدهم، وهي حملة تتخذ من المدارس ومنابر المساجد ساحات لها، وتطالب بأمور كثيرة تتعارض مـــع الحقوق الدستورية، كحق المرأة في الانتخاب والترشيح، وضمن هذا الإطـــار أثارت مشاركة غنيم في ندوات الحملات الانتخابية البرلمانية حفيظة كثيرين في البحرين، خاصة وأن له مواقف يرفض فيهـــا الاختلاط ودعم عمل المرأة في السياسة، وهو ما يعـــد تمييزاً ضد المرأة· وإذا كان غنيم برر دعواه بأن ''الأيام'' وصلت إلى حد السخرية منه كداعية، فإن رئيس تحرير الصحيفة قال إن الداعية المصري استهدف المجتمع البحريني بنشر أفكار ''متخلفة ورجعية تدعو للتفرقة''· المجتمع البحريني له خصوصية ثقافية كونه يضم مذاهب مختلفة، لكن الدكتور وجدي أشار في أحد حواراته الإذاعية إلى أن بعض الممارسات التي يقوم بها مذهب معين تنم عن الجهل· وفي مارس ،2007 وأثناء زيارته إحدى المدارس البحرينية- والتي تثور أسئلة كثيرة حول من سهل له هذه الزيارات- دعا غنيم الطالبات إلى عدم مصاحبة زميلاتهن المسيحيات، وانتقد أيضاً الاحتفال بعيد الأم، بل أثناء إلقائه محاضرته في تلك المدرسة ميز المتحجبات وأمرهن بالجلوس في المقاعد الأمامية بينما طلب من غير المتحجبات الجلوس في المقاعد الخلفية· وهذا ما اعتبره البعض منطقـــاً تمييزياً يتناقض مع نهج البحرين البلد الذي يؤمن بالتعددية الثقافية والمذهبيــــة· ويضيف هـــؤلاء إن غنيم الذي يعـــد ضمن الجيل الثالث من قيادات الإخـــوان في مصر، لا يزال يرفض إطلاق صفة إرهابي على عمر عبد الرحمن الذي أفتى باغتيال الرئيس أنور السادات· قضية ''الشايجي'' و''الحمد'' تدق ناقوس الخطر من جديد، وتلفت الانتباه أن حرية التعبير في البحرين لها أعداء كُثر من بينهم الراغبون في فرض وصاية على الصحافة الحرة من تيارات لا يروق لها إلا سماع صوتها فقط، ولا تقبل النقد أو الرأي الآخر· طه حسيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©