الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب الديمقراطي الوطني الألماني·· من أزمة إلى أخرى

الحزب الديمقراطي الوطني الألماني·· من أزمة إلى أخرى
29 مايو 2008 00:24
يعيش أبرز حزب يميني متطرف في ألمانيا أزمة طاحنة بسبب سوء الإدارة المالية والتحقيقات الجنائية التي يخضع لها، فضلا عن المنافسة القوية من قبل اليسار على كسب أصوات الاحتجاج الشعبية بين الألمان المتذمرين، ويتمحور النقاش الآن بين أوساط المسؤولين الألمان حول ما إذا كان الأمر يستدعي حظر الحزب، أو تركه ليدمر نفسه بنفسه· والحقيقة التي لا تخفى على أحد أن الحزب الديمقراطي الوطني يتخبط في سلسلة من الأزمات ويعيش أوقاتا عصيبة تهدد بإخراجه من الحياة السياسية، فقد اعتُقل المسؤول عن صندوق الحزب ''إروين كيما''، بتهمة اختلاس ما يقارب مليون دولار أميركي من أموال الحزب، وفي الأسبوع الماضي خسر الحزب المعادي للأجانب والمناهض للاتحاد الأوروبي الذي يتبنى مبادئ النازية، كما يصفه خصومه، طلب استئناف قرار المحكمة بتغريمه 1,4 مليون دولار بسبب التلاعب والتزوير في الأوراق الرسمية للحصول على دعم مالي من الحكومة· وبسبب هذه الأزمة فضل الحزب الديمقراطي الوطني عدم المشاركة في الانتخابات المحلية التي عقدت في شهر فبراير الماضي بمدينة ''هامبورج'' بعدما حصل حزب يميني متطرف آخر على نسبة هزيلة من الأصوات لا تتعدى 0,8%، أما في الولايات التي دخل فيها الحزب الانتخابات، وتحديدا في ''هيس'' وساكسونيا السفلى'' فقد حصل على نسبة ضئيلة لم تزد عن 1,5% على التوالي، في حين حقق أقصى اليسار نتائج أفضل بعدما تمكن حزب اليسار من تجاوز عتبة 5% للتمثيل السياسي في البرلمانات المحلية بالولايات الثلاث، وفي السياق نفسه انتقد رئيس الحزب الديمقراطي الوطني المنتخب حديثا ''أودو فوج'' حزب اليسار في خطابه الذي ألقاه بمناسبة انعقاد مؤتمر الحزب خلال نهاية الأسبوع الماضي بـ''هامبورج'' قائلا: ''لم يعد اليسار يدافع عن الإنسان العادي، بل أصبح من خلال سياسته ذات البعد الدولي والأممي يدافع عن الرأسمال المتوحش''، لكن مع ذلك طغى على المؤتمر نقاش متوتر حول مسألة اختلاس أموال الحزب· وتمكن ''فوج'' الذي قاد الحزب لاثنتي عشرة سنة من الفوز برئاسة الحزب، ورغم الصراع الناشئ داخل الحزب استطاع القادة التركيز على وحدة الحزب وسبل الحفاظ عليه، ورغم مشاكله العديدة يبقى الحزب قوياً في الجزء الشرقي من البلاد، حيث يشاركه ممثلوه في برلمانين محليين، ويواصل الحصول على التمويل الحكومي على غرار باقي الأحزاب الألمانية، وهو ما يزعج الكثير من القوى السياسية التي لا تخفي رغبتها في حظر الحزب المتشدد وإغلاق أبواب المشاركة السياسة دونه· وبالنظر إلى الصعوبات الأخيرة التي تعترض مسيرة الحزب تتصاعد الأسئلة حول ما إذا كان الحزب قد تحول إلى مجموعات معزولة من المتطرفين القوميين، أم أنه مازال يمثل أحد نماذج اليمين المتطرف في الساحة السياسية الألمانية· وبالنسبة للمحلل السياسي ''هاجو فانك'' -الأستاذ بجامعة برلين المختص في الحركات اليمينية المتطرفة- يرى بأن الحزب الديمقراطي الوطني تنطبق عليه معايير المنظمة النازية، وبأن النازيين الجدد في ألمانيا -المسؤولين عن 150 جريمة قتل و15 ألف عمل عنف منذ توحيد البلاد في العام 1990- مازالوا يشكلون خطراً حقيقياً على استقرار ألمانيا، ويوضح ذلك بقوله: ''إن أجواء النازية لم تختفِ بالكامل، بل تعتمل في الخفاء ويمكنها دائماً العودة إلى السطح مجددا''، لكن العمل على حظر الحزب -كما تطالب بذلك بعض القوى السياسية- قد يأتي بنتائج عكسية ويحشد الأنصار من حوله، فقد حاولت الحكومة السابقة منعه من ممارسة السياسة في العام ،2001 إلا أنها خسرت القضية أمام المحكمة العليا في ألمانيا، وهكذا نجح الحزب بعد سنة من ذلك في الفوز بحوالي 9,2% من الأصوات في الانتخابات المحلية بولاية ''ساكسونيا''، وهو ما أهله للحصول على تمويل الحكومة بعد تخطيه لعتبة 5% ودخوله البرلمان المحلي· وبعد عامين على ذلك استطاع الحزب الديمقراطي الوطني الحصول على تمثيل آخر في البرلمان المحلي لولاية ''ميلينبورج''· وليس واضحاً ما إذا كان النجاح الذي حققه الحزب في السابق راجع إلى كسبه لقضية المنع التي رفعتها ضده الحكومة والاهتمام الذي حظي به، لكن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية الحالية ''أنجيلا ميركل'' غير مستعد لتكرار التجربة الفاشلة لمنع الحزب الديمقراطي الوطني، لا سيما في هذه المرحلة التي يعاني فيها من مشاكل متراكمة، وفي حوار أجري معه قال ''ولفجانج شوابل'' -أرفع مسؤول أمني في البلاد- ''إن فشل محاولة أخرى لحظر الحزب المتشدد لن يخدم صراعنا السياسي ضده''، والمشكلة كما يضيف ''شوابل'': أن الدستور الألماني يضع ''عوائق كثيرة'' أمام مسألة حظر الأحزاب، حيث لم يمنع في تاريخ ألمانيا الحديث سوى حزبين منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية: الحزب الأول كان خليفة الحزب النازي في العام ،1952 والحزب الشيوعي في العام ·1956 وفي المقابل يرى الحزب الديمقراطي الاجتماعي المشارك في الائتلاف الحاكم والذي قاد محاولة المنع السابقة أن السعي لحظره يستحق التكرار مرة أخرى، ويعبر عن هذا الموقف ''إيهرهات كورتينج'' -المسؤول في الحزب الديمقراطي الاجتماعي- قائلا: ''هناك أحزاب سياسية تشكل خطراً حقيقياً على الديمقراطية، لذا لا بد من حظرها''، مضيفا: ''إننا لا نستطيع نفي خطورة الحزب لأن ضعفه الحالي لن يستمر إلى الأبد''· نيكولاس كوليس-برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©