الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتفاق عشرين مايو

29 مايو 2008 00:24
الاتفاق بين حزب الأمة القومي والمؤتمر الوطني الذي وقعه المهدي والبشير في 20 مايو بمدينة ''أم درمان'' -العاصمة الوطنية التاريخية- لا يختلف كثيراً في جوهره عن نمط الاتفاقات المتعددة التي درج المؤتمر الوطني الحاكم على عقدها مع قوى المعارضة السياسية والمسلحة، بدءاً باتفاقية السلام من الداخل مع الفصيل الجنوبي -الذي انشق عن الحركة الشعبية (1997)- وتختلف وتتعدد مسميات الاتفاقات التي عقدها حزب المؤتمر الوطني الحاكم مع معارضيه وأهدافها الباطنية، لكنها كلها تندرج تحت لافتات عريضة تدعو للمصالحة الوطنية والتراضي الوطني وتحقيق السلام الشامل والتحول الديمقراطي عبر ''جمع الصف الوطني صوناً للبلاد تراباً وهوية وإنساناً'' كما جاء بالنص في اتفاق 20 مايو مع حزب الأمة· وبداية فإنه لن يتأخر أي وطني سوداني حزباً أو تنظيماً أو فرداً عن تقديم دعمه وتأييده لكل دعوة مخلصة للسلام الشامل والعادل ولجمع الصف الوطني، من أجل صيانة وحدة البلاد وتحقيق الأمن والأمان لأهل السودان، وذلك ما يبدو عليه اتفاق القوى السياسية المعارضة كلها وموقفها من اتفاق الأمة-المؤتمر الوطني، فبالنظر إلى نصوص الاتفاق المعلنة فإن كثيراً مما توافق عليه حزب المؤتمر الوطني وحزب الأمة ظلت تمثل ''الأجندة الوطنية التي ظلـــت تطالـــب بها قوى المعارضة -وبعض الأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية- الحزب الحاكم صاحب السلطة الحقيقية، وتلح في المطالبة به، ولقد ظل حزب الأمة مع القوى الأخرى أكثر الأحزاب نشاطاً وعملاً للدعوة للمؤتمر القومى الشامل أو الجامع ممـــا تحتوي به ملفات واجتماعات المعارضــة من وثائق حتى عشية اتفاق العشرين من مايـــو''· ومثل ما هو من حق حزب الأمة وحزب المؤتمر الوطني أن يتفقا على ما اتفقا عليه وأن يسعى الطرفان للحوار مع القوى السياسية الأخرى لتحقيق إجماع وطني، فإن من حق ''القوى السياسية الأخرى'' أن تعبر عن وجهــات نظرها وأن تعرب عن مخاوفها المشروعة من جدية وإخلاص الحزب صاحب السلطة في تنفيذ ما اتفق عليـــه، ذلك لأن الجميــع -وفي مقدمتهم حزب الأمة- لهم من تجـــارب نقض العهـــود والاتفاقات مع المؤتمر الوطني ما يبرر هذه المخاوف المشروعة، وأن يعربوا عن مخاوفهم بأن ما هدف له اتفاق 20 مايو من جانب المؤتمر الوطني هو حلقة أخرى من محاولاته التي لم تتوقف لشق صفوف الذين يستدرجوا إلى اتفاقاته الثنائية المغلفة باسم القومية والإجماع الوطني· وبرغم التفاصيل الكثيرة التي حفلت بها نصوص الاتفاق والتي ذهبت في بعض أجزائها إلى درجة ما يمكن أن يوصف بأنه أشبه ببرنامج انتخابي وليس اتفاقا سياسيا، فإن الاتفاق لم يسلط ضوءاً كافياً على قضايا مهمة وهي مطلوبة اليوم، وبدون تحقيقها لن يتم إجماع أو مؤتمر قومي شامل، أعني قضية الحريات العامة وإلغاء القوانين المعارضة لحقوق المواطنين وحرياتهم، صحيح أن الاتفاق نص على ''ضرورة إلغاء أو تعديل كافة القوانين المقيدة للحريات وغيرها، لتتوافق مع الدستور والعهود الدولية الموقع عليها السودان بما يعزز وضع الحريات بالبلاد ويكرسه -على أن يتم ذلك بالسرعة والتدرج المطلوبين''- لكن قضية بهذه الأهمية لم تكن لتحتاج إلا لأكثر من قرار سياسي حكيم يقرره حزب السلطة الحاكم صاحب الأغلبية الميكانيكية في البرلمان المؤقت، وأن يحيله إلى وزير العدل وهو رجل قانوني كفؤ· نعم إن بعض المتخوفين من نتائج اتفاق 20 مايو معهم بعض الحق، ونعم أيضـــاً لبعض المتفائلين بأن يحقــــق الاتفاق بعضــــاً مما يرجـــوه -وبصرف النظر عن سوء أو حسن النوايا الباطنية للحزب الحاكم وقيادته- فالوضع حقيقة اليوم في السودان سيفرض عليهم البحث عن مخارج لمشاكلهم الحزبية ومشاكل السودان معهم، وسيذكر ويشكر بعض العقلاء منهم لحزب الأمة والسيد الإمام الصادق المهدي أن يوفروا لهم هذه المخارج· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©