الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أندي ديهارت: كسرت حاجز الخوف من القرش وأصبحت أطعمه بيدي

أندي ديهارت: كسرت حاجز الخوف من القرش وأصبحت أطعمه بيدي
19 يوليو 2009 01:34
في الليل، تتحول الظلال إلى رسومات مخيفة وخيوط ضعيفة من بصيص نور ... لطالما كان الليل كما السرّ تختبئ تحت أجنحته كل حركة... كل نفس... كل خطوة... في الليل تكثر الأقاويل وتتعاظم الأمور، ترتدي أكثر من حجمها.. فكيف الحال حين تكون أساساً كبيرة، فكيف ستبدو في الليل؟ إذا كان سمك القرش في النهار مصدر رعب حيكت حوله آلاف الحكايات والأخبار والروايات التي لا تنتهي. أسطورة الحوت الأبيض، أفلام تصور الصراع المخيف بين فكّي سمك القرش وهيكل السفن الضخمة. بفكّيه يقبض على مقدمة أو مؤخرة السفينة ويغرقها، ويأكل الناس ، زارعاً بقع الدم على سطح البحر فيلعب بها الموج... روايات بحارة نجوا منه بأعجوبة... قرصان برجل واحدة ويد واحدة أكل ثانيهما القرش، ولا بأس أن يكون القرصان بعين واحدة أيضاً لتصبح الأسطورة متكاملة العناصر. الحياة مع القرش كل ذلك يتلاشى شيئاً فشيئاً مع مغامرات يقوم بها هواة ومحترفون لرسم طبيعة تلك الحيوانات التي غزت مخيّلتنا أكثر من واقعنا. أندي ديهارت هو أحدهم، عرفه المشاهدون ببرنامج له عن حياة سمك القرش وأنواعه وتنقلاته وسلوكياته، لكن كل ذلك كان في ضوء النهار وإن غزت العتمة القاعات في البحار والمحيطات. يغامر أندي من جديد مع سمك القرش ليرصد عيشه وسلوكياته في الليل، في تلك الفترة التي تخيفنا حتى من دون أن يكون هناك تواجد لسمك قرش. أندي يقترب من سمك القرش ويطعمه ويعرف أنواعه، يخاف على انقراض عدد من أنواعه نتيجة الصيد غير المسؤول، الصيد الذي يهدف إلى التباهي وحسب. الاقتراب من عالمه في حديث هاتفي معه، وهو مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، أخبرنا ديهارت عن سمك القرش وعن الأقاويل والشائعات حوله، ومنها ما غزا فنونا عديدة من رواية وأفلام إلى لوحات ولقطات صور ترصد اقترابه وسلوكياته إلى برامج متخصصة تقلب طاولة التهيؤات رأساً على عقب وهذا ما كشفه أندي الذي يعدّ أول من اقترب من عالم سمك القرش إلى درجة الغطس إلى جانبه وإطعامه بيديه. حاجز الخوف ومع العلم أن ما غزا مخيلتنا من أخبار حول سمك القرش غير صحيح تماماً، فإن أندي ديهارت يقدم معلومات أكثر قيمة وهي عدم صحة قضم سمك القرش وتناوله للحديد أو خشب السفن، وأن لكل سمكة قرش كما الحيوانات البرية الداجنة «الهرر والكلاب مثالاً» لها سلوكياتها وقدراتها الخاصة على التعلّم، وهي تختلف في شخصيتها عن بعضها البعض وإن كانت تنتمي إلى الفصيلة ذاتها. وهو لا يعوّل كثيراً على المناطق المنتشرة في شواطئ العالم حيث يتم إطعام أسماك القرش بطريقة منتظمة، لجهة تعويد سمك القرش على أنماط غذائية معيّنة من دون سواها، لأن ما يقدم لها لا يكفي وهي تعود وتمارس سلوكياتها المعتادة في البحث عن طعام، وإذا ما توقفت تغذيتها لفترة قصيرة كأسبوع أو اثنين، فهي تعود تماماًِ إلى مصادرها الخاصة الطبيعية. غير أنه ثمّن هذه البقع الغذائية من حيث أنها تقرّب البشر من أسماك القرش وتلغي حاجز الخوف والرعب منها، وتقضي على فكرة أنها أسوأ كابوس قد يواجه الإنسان في حياته، من خلال التعاطي المباشر مع هذه الأسماك والتعرف عن قرب إلى سلوكياتها. إنقاذ القرش ولفت إلى أن هناك أكثر من 450 نوعاً من أسماك القرش، وإلى أن انقراض أي نوع منها له آثاره السلبية على حياة البحار والمحيطات، لأن أسماك القرش لها دور أساسي في توازن الحياة في المحيطات، و«هذا ما لا يدركه الكثيرون ومنهم صيادو سمك القرش»، وإن افتقاد أي حلقة من دورة حياة المحيطات سيزعزع الحلقات الأخرى وقد يتعرض نظام الحياة هذا إلى الانهيار. ومن هذا المنطلق، يرى أندي أنه من الضروري إنقاذ أسماك القرش. ورداً على استفسار حول تباهي الصيادين باصطياد أكبر عدد أو الحجم الأكبر من سمك القرش، أشار إلى ضرورة التوعية حول أهمية أسماك القرش للإبقاء على التوازن في عالم المحيطات والبحار. ولم ينف بالطبع أن سمك القرش ببعض أنواعه، خطر على حياة الإنسان، ولذا لا بد من التنبه من أسماك القرش وعدم الاقتراب من أنواع محددة منها ، خصوصاً في أماكن تكاثرها، فإن الدعوة إلى عدم اصطيادها لا تعني لأنها غير مؤذية، ولكن عدم الاقتراب منها يحمي، لافتاً إلى أن تكاثر سمك القرش الأبيض في أماكن معيّنة من العالم ، مثل ساحل جنوب أفريقيا وبعض سواحل أستراليا وساحل كاليفورنيا. سبب الهجوم وربط ديهارت بين خوف الناس من سمك القرش في المحيطات بخوفهم من الحيوانات المتوحشة في البرّ كالأسود والنمور، لكنه شدّد على أهمية دراسة سبب هجوم سمك القرش من ضمن دراسة سلوكياته، معتبراً أن المجال مفتوح للقيام بالعديد من الدراسات حول هذا العالم. وردا على سؤال حول نسبة اصطياد أسماك القرش في العالم، لفت إلى أن هناك متوسطا لموت أسماك القرش عبر صيدها يصل إلى 11 ألفا و400 سمكة في الساعة من كل يوم واحد. واعتبر أن هذا الرقم ضخم جداً ومأساوي إذا ما نظرنا إلى استخدامات لحم القرش في الشوربة مثلاً، ما يستدعي التحرك والقيام بالتوعية لتفادي هذه المأساة. وأشار أنه ليس كل الأنواع في خطر، لأن أسماك القرش الصغيرة في أمان من اصطيادها بسبب صغر حجمها، إنما الأنواع ذات الأحجام الكبيرة هي فعلاً في خطر وربما تتعرض قريباً للانقراض. وأشار إلى أنه يتم اصطياد أسماك القرش وقطع زعانفها وإعادتها إلى الماء بطريقة وحشية، حيث تموت متألمة وجائعة بأعداد هائلة، وطالب الحكومات المعنية في العالم إلى التنبه حول هذه المسألة والتحرك لمنعها. سلوك القرش ليلاً وفي عمله، يدرس ديهارت أسماك القرش من نوع النمور في أكواريوم يضمّها ويسعى للحفاظ على نوعها. ويذكر أن القرش النمري هو المفضّل لديه وهو النوع الأول الذي عمل على دراسته في بدايات دراساته عن القرش. ولفت أندي ديهارت إلى أن برنامجه الذي سيبث قريباً سيتناول حياة أسماك القرش في الليل، وهي المرة الأولى التي تتم فيها دراسة سلوكيات أسماك القرش في الليل. ولفت إلى أن فريق العمل الذي يدرك ومنذ فترة ونتيجة خبرته في دراسة أسماك القرش، أنها تتوتر في أوقات الليل وتسرع في تناول طعامها بعد التقاطه فيما تأخذ وقتها في النهار، على الرغم من قدرتها الخاصة على الرؤية في الأماكن المظلمة. وأشار إلى أن دراسة سلوكياتها في الليل لا تزال في إطار التجارب وما يقدم على ديسكوفري هو بدايات هذه التجارب التي لها تكملة ودراسات لاحقة لرصد حياة سمك القرش في الليل. تأثير المدّ الأحمر وسألنا أندي عن تأثير المدّ الأحمر الذي طال شواطئ الخليج على الحياة البحرية وبشكل خاص على القرش، فاعتبر أن المدّ الأحمر أساساً جزء من الظواهر الطبيعية وأن درجة حرارة الأرض وارتفاعها كما التلوث تساهم في ازدياد هذه الظواهر وجعلها أكثر سوءاً، إنما يبقى تأثيرها محصوراً في منطقتها. وأشار إلى أن السمك لا شك يتأثر بالمدّ الأحمر، خصوصاً سمك القرش الذي يقتات على السمك الصغير الذي يصاب بالمدّ الأحمر، فيتعرض للتسمّم، كما أن عدم توافر الكثير من الأسماك سيؤدي إلى تنافس وإلى تناقص في أعداد سمك القرش. عاشق منذ الطفولة أندي لم يدخل هذا العالم من فراغ، فوالده كان يعمل في منظمة NOAA في الولايات المتحدة الأميركية، وهي منظمة فدرالية تعنى بالمحيط المحلي وإدارة الغلاف الجوي. فكان قريباً من عالم البحار والمحيطات، وأول مرة رأى فيها سمك قرش بأم العين وقريباً منه، كان في الخامسة من عمره على أحد شواطئ فلوريدا. ولم ينتبه الخوف، كما أكّد، إنما شعر بالفضول والإثارة، وكان أن قادته مشاعره في الطفولة إلى الاتجاه نحو عالم سمك القرش الذي أصبح عشقه وجلّ اهتمامه، حتى أن اختياره لزوجته جاء من هذا العالم فهي أيضاً متخصصة بعالم سمك القرش وترافقه في رحلاته البحرية وفي المحيطات دارسة لهذا العالم، إنما المغامرات الكبيرة والمخيفة بالنسبة للأشخاص غير المتخصصين تبقى لأندي ديهارت.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©