الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب وكابوس كوريا الشمالية

22 ابريل 2017 21:41
قد يكون ترامب مخيفاً في نواحٍ كثيرة، ولكن ربما كان الكابوس الأكثر إثارة للخوف هو تورطه في حرب كورية جديدة. وفي وقت ما، سترى الاستخبارات الأميركية كوريا الشمالية وهي تجهز صاروخاً لإجراء إطلاق تجريبي -وقد يكون من المغري جداً بالنسبة لرئيس يشعر بإحباط شديد أن يستعرض عضلاته. وتصف مجلة «فورين أفيرز» مثل هذا السيناريو في مقال جديد رائع للكاتب «فيليب جوردون» يتخيل فيه كيف أن ترامب ربما ينجرف إلى الحرب عن طريق الصدفة. وللأسف، لم يسبق لأي أحد أن راهن على ضبط كوريا الشمالية للنفس، وربما ترد تلك الدولة بإطلاق نيران المدفعية على سيؤول، وهي منطقة حضرية يقطنها نحو 25 مليون نسمة. ونتيجة هذه الحرب هي تدمير نظام كوريا الشمالية، بيد أن تلك الدولة لديها رابع أكبر جيوش العالم (والجنود مجندون لفترة تصل إلى 12 عاماً)، علاوة على 21 ألف قطعة مدفعية، الكثير منها يستهدف سيؤول. ولديها أيضاً آلاف الأطنان من الأسلحة الكيماوية، والصواريخ التي يمكنها الوصول إلى طوكيو. ووفقاً لتقديرات الجنرال «جاري لوك»، وهو قائد سابق للقوات الأميركية في كوريا الجنوبية، فإن حرباً كورية جديدة من الممكن أن توقع مليون مصاب وخسائر تقدر بنحو تريليون دولار. ويعلم وزير الدفاع «جيم ماتيس» كل هذا، وهو وغيره من الناضجين في إدارة ترامب سيقاومون أي دعوة لتوجيه ضربة استباقية. وكان القلق بشأن رد كوريا الشمالية هو ما منع ريتشارد نيكسون من توجيه ضربة عسكرية في عام 1969، عندما أسقطت كوريا الشمالية طائرة أميركية، ما أسفر عن مقتل 31 أميركياً كانوا على متنها. وهذا نفسه هو ما منع الرؤساء منذ ذلك الحين من ضرب كوريا الشمالية، كلما كانت تتجاوز الخطوط الحمراء واحداً تلو الآخر، بدءاً من تزوير سندات أميركية من فئة المئة دولار إلى توسيع برنامجها النووي. وعندما يقول نائب الرئيس مايك بينس عن كوريا الشمالية «إن حقبة الصبر الاستراتيجي قد انتهت»، فإن لديه وجهة نظر، وهي أن الصبر قد فشل. إن كوريا الشمالية هي أغرب مكان قمت بزيارته، ولكنها أيضاً تهديد عسكري جدي: عندما بدأتُ في تغطية أخبار كوريا الشمالية في ثمانينيات القرن الماضي، لم تكن لديها أي أسلحة نووية. أما الآن فهي تمتلك نحو 20 سلاحاً نووياً وتزداد ترسانتها باطراد. والأسوأ من ذلك، أن من المتوقع أن تقوم كوريا الشمالية في السنوات القليلة القادمة بتطوير قدرتها على حمل رأس حربي نووي بصاروخ عابر للقارات يمكن أن يدمر لوس أنجلوس. وربما تستطيع الحرب السيبرانية الأميركية أن تبطئ الجهود الكورية الشمالية، بيد أن التهديد لا يزال أيضاً يلوح في الأفق. وماذا عن خطة ترامب لدفع الصين لممارسة ضغوط على كوريا الشمالية؟ إن الأمر يستحق المحاولة، ولكنني لا أعتقد أيضاً أنه سينجح. فالعلاقات بين الصين وكوريا الشمالية ليست وثيقة كما يعتقد الأميركيون. وقد قدمني أحد الكوريين الشماليين ذات مرة إلى آخر قائلاً: «إن الحكومة الصينية لا تحب كريستوف»، ثم ابتسم، ما يوضح أن هذه مجاملة عالية. ومن المرجح أن يزيد الرئيس الصيني من الضغوط إلى حد ما، وهذا أمر مفيد -لأن الصواريخ الكورية الشمالية مصنوعة باستخدام قطع غيار صينية- ولكن قليلين يتوقعون أن يتخلى كيم جونج أون عن أسلحته النووية. ففي تسعينيات القرن الماضي، كانت كوريا الشمالية مستمرة في برنامجها النووي بينما كانت المجاعة تحصد أرواح 10% من سكانها، ومن الصعب رؤية عقوبات أكثر تواضعاً وهي تنجح الآن. وتقول «جيون بايك»، مؤلفة الكتاب الرائع «الثورة الخفية لكوريا الشمالية»: «إن كوريا الشمالية لن تتخلى إطلاقاً عن أسلحتها النووية». وأضافت «إن العقوبات ستضغط على النظام، ولكنها لن تردعه». وبدلاً من ذلك، فهي تحث على اتخاذ مزيد من التدابير لتقويض شرعية النظام في الداخل عن طريق تهريب معلومات عنه وعن العالم إلى داخل بلاده (كما يفعل بعض النشطاء حالياً بالفعل). وأعتقد أن الخيار الوحيد المتبقي هو ممارسة ضغوط لا هوادة فيها مع الصين، وفي الوقت نفسه الدفع للتوصل لاتفاق مع كوريا الشمالية لتجميد برامجها النووية والصاروخية والتخلي عن أسلحتها النووية. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©