الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجربة الإندونيسية في مكافحة الأصولية

25 ابريل 2010 21:40
بروديتا صباريني جاكرتا لاشك أن ما يسمى "الحرب على الإرهاب" يشكل حرباً أيديولوجية لا يمكن الفوز بها أبداً إلا من خلال تغيير قناعات المتطرفين باستخدام العنف. وفي هذا المقام يعتقد نور هدى إسماعيل، وهو المدير التنفيذي لمركز يهدف إلى إعادة تأهيل الإرهابيين السابقين يسمى "معهد بناء السلام الدولي"، أن الإرهاب يمكن استئصاله من المجتمع، وخاصة في إندونيسيا، ولكن يتعين تعبئة كافة الطاقات والجهود الكفيلة بذلك. وهنا بدأت الحكومة الإندونيسية منذ تفجيرات بالي عام 2002 بتنفيذ برنامج لمكافحة التطرف يتضمن إقناع بعض وجوه الجماعة الإسلامية، بمحاورة المتهمين بالإرهاب والمحكومين في السجون. وضمن مساعي إعادة التأهيل يحصل هؤلاء المتهمون بالإرهاب بعد إطلاق سراحهم من السجون على معونة مالية تعينهم على مباشرة عمل تجاري، على طريق إصلاحهم وإعادة إدماجهم في دورة الحياة الاقتصادية النشطة. ومع هذا يشير الخبير نور هدى إلى أن ذلك البرنامج ما زال بحاجة للمزيد من التحسينات، فعلى سبيل المثال، تم توجيه التهم لما يزيد على 450 متهما بالإرهاب وحوكم بعضهم أمام القضاء. وقد تم إطلاق سراح 200 منهم بعد انتهاء فترة حكمهم. إلا أن هؤلاء الأشخاص يبقون عرضة للعودة إلى التطرف إن لم تتم إعادة تأهيلهم بالشكل المناسب. وحسب رأي معدي تقرير "نزع التطرف وبرامج الإصلاح في السجون الإندونيسية" وهو ورقة صدرت عام 2007 عن "مجموعة الأزمات الدولية"، فقد نجح البرنامج المذكور في تشجيع خمسة وعشرين من متطرفي "الجماعة الإسلامية" المسلحة السابقين، على التعاون مع الشرطة. إلا أن متشددين سابقين آخرين شاركوا في برنامج الحكومة لمكافحة التطرف، انخرطوا مجدداً في نشاطات متطرفة مع "الجماعة الإسلامية" ذاتها. وعلى سبيل المثال، شارك في برنامج إعادة التأهيل "أوروا" وهو عضو في "الجماعة الإسلامية" قضى أربع سنوات في السجن بسبب دوره في تفجير السفارة الأسترالية عام 2004، واتهم في تفجيرات فنادق الماريوت والريتز كارلتون في يوليو من السنة الماضية، واستفاد من البرنامج بعد إطلاق سراحه من السجن. وحسب رأي نور هدى، ينبغي أيضاً إشراك أفراد أسر المحاربين السابقين الذين اعتقلوا أو قتلوا، في برنامج مكافحة التطرف حيث إنهم هم أيضاً عرضة للتطرف. وهنا يمكن الإشارة، على سبيل المثال، إلى ابن محمد جبريل، يقول نور هدى. فقد كان أبوه، وهو الآن رجل دين بضاحية بامولانغ الصغيرة قرب جاكرتا، من قبل أمين صندوق "الجماعة الإسلامية". وقد قضى أبو جبريل ثلاث سنوات في السجن لكونه متشدداً في أوائل ثمانينيات القرن الماضي. ولعب دوراً في إثارة النزاعات الطائفية في منطقة "بوزو" بوسط إقليم "سلوازي" حتى اعتقاله من جانب الحكومة الماليزية التي احتفظت به من 2001 إلى 2004 بموجب قانون الأمن الداخلي، وبسبب تشجيعه للتطرُّف. كما اعتقل ابنه محمد في أغسطس 2009 لاتهامه بالمساعدة على تمويل الهجمات على الفندقين السنة الماضية. ويثبت هذا المثال إمكانية انتقال عدوى التطرف من الأب إلى الابن. ويشير نور هدى كذلك إلى أنه لم تكن هناك عملية "إعادة برمجة" منهجية أو عملية لنزع التطرف عن المتهمين خلال السنوات القليلة الماضية. والأمر الأهم، في نظره، هو التركيز على الإقناع والإصلاح «بدلاً من الأساليب القمعية». وينبغي تسجيل المتهمين بالإرهاب، اعتباراً من لحظة إلقاء القبض عليهم، في برنامج نزع التطرف، وعلينا أن نعرف ما يقومون به بعد إطلاق سراحهم. وترى "مجموعة الأزمات الدولية" في تقريرها أن برامج نزع التطرف في إندونيسيا تنقصها الشمولية، إذ "لم تكن هناك سوى محاولة محدودة على سبيل المثال لمعرفة ما إذا كان الذين يتركون المنظمات المتطرفة أكثر من الذين ينضمون إليها، وما إذا كان الذين ينضمون إلى البرنامج على استعداد مسبق لرفض التفجيرات كتكتيك، أو ما إذا كانت المبادرة قد أوجدت أية ردة فعل في صفوف المتطرفين. وزيادة على هذا لم يكن هناك أي حوار عام تقريباً حول النقطة التي ينبغي أن يتوافق عندها التوازن المناسب بين التسامح مع المتسببين بهذه الأعمال، والعدالة تجاه الضحايا»، يقول التقرير. ويعتقد الخبير نور هدى أن مهمة كبح التطرف وإعادة تأهيل المحاربين السابقين ينبغي ألا تكون مقتصرة على الشرطة وحدها. ويدعي أن أفضل طريقة لمجابهة الأيديولوجيا المتطرفة قد تكون تشجيع قادة المتشددين التائبين من التطرف، الذين "تستمر المجموعات أحياناً في الثقة بهم، حتى لو لم يعودوا يظهرون بشكل واضح الآن"، وإقناعهم بالعمل مع الحكومة. كما يتعين على منظمات المجتمع المدني مثل المنظمات الإسلامية الشعبية من التيار الرئيس، كـ«نهضة العلماء» و"المحمدية"، أن تكون أكثر نشاطاً في مجابهة الأيديولوجيات المتطرفة التي قد تنتشر في المجتمعات المحلية حيث تنشط هذه المنظمات. ويقول حافظ عثمان، الزعيم التنفيذي لمنظمة «نهضة العلماء»، إنه لا توجد في المنظمة فرقة خاصة مسؤولة عن مناصحة الإرهابيين السابقين، ولكنه عمل عموماً مع الحكومة في برنامجها لمكافحة التطرف وإعادة إصلاح المتطرفين. ومن جانبه يعتقد نائب المتحدث باسم الشرطة الوطنية الإندونيسية الجنرال سلستيو إسحاق أنه حتى يتسنى لبرنامج الإصلاح ونزع التطرف أن يكون فاعلاً، ينبغي أن تنطوي العملية على العديد من الأطراف ذات العلاقة، ولكن بشكل عام فالأهم هو "توفير فرص حياة جديدة للأصوليين المستهدفين بالإصلاح والمناصحة، وأيضاً لعائلاتهم". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©