الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام حارب اليأس وأوجد الأمل

الإسلام حارب اليأس وأوجد الأمل
12 يناير 2017 22:43
الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد، إن رسالة ديننا الإسلامي الحنيف رسالة تبشير وتيسير، حيث تغرس في قلوبنا بذور الأمل والرجاء، فالإسلام حرم اليأس وأوجد البديل وهو الأمل، وحرم التشاؤم وأوجد البديل وهو التفاؤل، لذلك فإننا نرى صاحب الأمل الكبير، عالي الهمة، دؤوب العمل، كثير البذل، سريع التضحية، بعكس الآخرين العاجزين، ومن المعلوم أنه بقدر تفاوت الناس في آمالهم وأعمالهم، تتفاوت عزائمهم. فرسالة الإسلام لا تعرف اليأس ولا القنوط ولا الأحزان، كما جاء في الحديث الشريف عن أَنَسِ بْن مَالِكٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»، (أخرجه البخاري). وعند دراستنا للسيرة النبوية الشريفة نلاحظ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد واجه المشاق والمتاعب عندما بدأ بتبليغ الرسالة، كما وواجه المقاطعة وجميع أشكال الأذى والتعذيب، ومع ذلك صبر وسلَّم الأمر لصاحب الأمر، فما هي إلا فترة وجيزة، وإذا بالضيق ينقلب فرجاً والعسر يسرا، ودخل الناس في دين الله أفواجاً. من المعلوم أن أذى المشركين قد اشتدَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم أجمعين-، حتى جاء بعضهم إليه يستنصره، وعندئذ يذكّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الكرام بضرورة الصبر، لأن الصبر يورث الرضى والسكينة ويذهب الجزع وهذه صفات المؤمنين، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، «سورة البقرة: الآية 153»، وفي نفس الوقت يبثّ الأمل في نفوسهم ويطمئنهم على المستقبل، كما جاء في الحديث عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ - قُلْنَا لَهُ: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»، (أخرجه البخاري). من رحمة الله سبحانه وتعالى أن فتح باب الأمل والرجاء أمام المذنبين، ليتوب مسيئهم ويثوب إلى رشده شاردهم، فيدُ الله - عز وجل - مبسوطة بالعفو والمغفرة لا تنقبض في ليل ولا نهار، تنشد مذنباً أثقلته المعاصي يرجو الأوبة بعد طول الغيبة، ومسيئاً أسرف على نفسه يرجو رحمة ربه، وفاراً إلى مولاه يطلب حسن القبول، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ»، (أخرجه مسلم). إن باب التوبة مفتوح، وإن رحمة الله واسعة، فما عليك إلا أن تعود إلى محراب الطاعة، ويكفي للدلالة على ذلك قوله تعالى: (إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)، «سورة الفرقان: الآية 70». إن القنوط واليأس أَمْرٌ يفتك بالأمم، من هنا حارب الإسلام ذلك وأوجد البديل، حارب اليأس وأوجد الأمل، وحارب التشاؤم وأوجد التفاؤل. وهذا التفاؤل بنصر الله كان مرافقاً للرسول - صلى الله عليه وسلم - في حِلِّه وترحاله، ألم يَقُلْ - صلى الله عليه وسلم - لسراقة بن مالك؟ يوم أن لحقه وهو مهاجر من مكة إلى المدينة يريد أن يظفر بجائزة قريش لمن أتى بالرسول - عليه الصلاة والسلام - حيّاً أو ميتاً، يا سراقة عُدْ: وإنني أَعِدْكَ بسواريْ كسرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©