الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون الصوماليون...مصدر لتجنيد «الإسلاميين»

اللاجئون الصوماليون...مصدر لتجنيد «الإسلاميين»
19 يوليو 2009 01:56
بعد تردده على أحد مساجد إيسيولو لردح من الزمن، سافر «تواكل» أحمد، وهو شاب كيني من أصل صومالي، إلى الصومال؛ وفي نوفمبر الماضي، قام بتفجير نفسه، كما يقول أفراد عائلته وأصدقاؤه. يقوم المقاتلون «الإسلاميون» بتجنيد الشباب من أماكن أخرى في كينيا، حيث يبحثون عمن يساعدهم على بسط سيطرتهم على الصومال. وحتى الآن، يقومون بتجنيد عناصر جديدة من «إيستلي»، ومخيمات اللاجئين الصوماليين في كينيا، والمناطق المحاذية للحدود الكينية- الصومالية. غير أنه إذا كان ما تقوله عائلة «تواكل» صحيحاً، فإن هذا الأخير واحد من أولى الحالات المعروفة عن التجنيد في كينيا خارج مناطق الاصطياد التقليدية تلك. بعض المحللين يقولون إن هذه الحالة في كينيا تُظهر أن شبكات التجنيد التابعة لحركات التمرد الصومالية قد تكون أكبر مما كان يُعتقد في السابق، ولاسيما وأن حالات مماثلة بدأت تظهر في الولايات المتحدة. ففي يوم الثلاثاء الماضي، أفادت مصادر بمقتل طالب هندسة أميركي من أصل صومالي في العشرين من عمره من ولاية مينيسوتا في الصومال أثناء مشاركته في القتال إلى جانب المقاتلين الصوماليين. وقال عمه، عمر أحمد شيخ، لوكالة «رويترز» للأنباء إن ابن شقيقه غُرر به من قبل رجال دين في مينابوليس أقنعوه بالذهاب إلى الصومال في نوفمبر 2008، مضيفاً: «لقد قالوا له إنهم سيعلّمونه تعاليم الدين... والحال أنهم إرهابيون ولا يمكنهم أن يدّعوا أنهم مسلمون». ومن جانبه، قال عمر جمال، مدير «مركز الدفاع عن العدالة» الصومالي في مينابوليس قال لـ»رويترز» إن بانا كان واحداً من بين 18 شاباً فروا إلى الصومال في نوفمبر الماضي بعد أن شاركوا في أحد البرامج الموجهة للشباب في أحد المساجد المحلية. والواقع أن «إيسيولو» تبدو مكاناً غير مناسب لتجنيد مقاتلين إسلاميين لأنها كانت دائما مدينة كوزموبوليتانية؛ حيث يوجد فيها منذ عقود الزواج المختلط بين القبائل والأعراق؛ والكنائس والمساجد تقتسم الشوارع نفسها، والرجال يقودون قطعان ماشيتهم مارين بالنساء المنقبات. وقد تم توطين الصوماليين في هذا المركز العسكري السابق لأول مرة من قبل البريطانيين بعد الحرب العالمية الأولى. ولاحقاً، أصبح أبناء الجنود كينيين يعيشون في أحياء عشوائية فقيرة ومهمَّشين من قبل الحكومة الكينية، ولكنهم مندمجون مع ذلك في هذه المدينة المتنوعة. وفي التسعينيات حين اشتد سعير الحرب الأهلية في الصومال المجاور ، أخذ اللاجئون يتدفقون على كينيا ويتوغلون عميقاً فيها. فوصلوا إلى هنا وبدأوا يملأون المساجد، ومعهم جاءت أيديولوجية جديدة ستغيّر المنطقة الكينية المعتدلة ومصير واحد على الأقل من أبنائها. عائلة «تواكل» وأصدقاؤه يقولون إنهم يعرفون الطريق الذي أفضى بـ «تواكل» إلى الموت؛ ولكنهم لا يعرفون بالتحديد كيف مات. فقد سمعوا قصصاً مختلفة من مصادر مختلفة؛ فقيل لهم إن «تواكل» كان يرتدي حزاماً ناسفاً ودخل إلى قاعدة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في مقديشو، وقيل لهم أيضاً إنه قُتل أثناء مشاركته في القتال إلى جانب متمردي «الشباب» الذين يحاولون الإطاحة بالحكومة الصومالية أو قُتل عندما حاول الهرب. ولكن الشيء الوحيد الذي هم متأكدون منه، هو أنه في أحد أيام نوفمبر 2008 ، رن الهاتف في منزلهم في إيسيولو وأخبرهم رجل يتحدث بالصومالية: «إن ابنكم مات في سبيل الله». وُلد «تواكل» أحمد، وهو أصغر إخوانه، في عشيرة هارتي وعائلة صومالية كانت قد عاشت في كينيا لثلاثة أجيال. فقدَ والديه في سن مبكرة، وتولت تربيته عماته وأبناء عماته. في طفولته، كان أصدقاؤه كينيين من مختلف الأعراق والأديان – بعضهم مسلمون، وبعضهم مسيحيون، بعضهم من أصل صومالي ، وبعضهم من قبيلتي البانتو والتوركانا. وكانوا يلعبون كرة القدم معا ويمضغون القات، وهو من المواد المحظورة في كثير من البلدان ولكنه سلعة رائجة في المجتمع الصومالي. عائلة «تواكل» وجيرانه مسلمون، ولكنهم ليسوا من الملتزمين التزاماً صارماً بالدين، والسجائر والقات يعدان جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية، معظم أصدقاء «تواكل» يتحدثون الإنجليزية أفضل مما يتحدثون الصومالية أو الكينية. وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية، حاول «تواكل» سدى إيجاد وظيفة؛ وبعد أن فشل، بدأ عملية تحضير أوراق الهجرة إلى أوروبا. غير أنه تدريجياً، تغير مسار «تواكل» حيث أخذ في البداية يتردد على إحدى المدارس الدينية في البلدة حيث حفظ القرآن الكريم في غضون عام. وبعد ذلك، أخذه أحدُ أصدقائه المتدينين إلى «مسجد النور»، وهو مسجد محلي قريب من منزله، وبدأ يقضي معظم وقته في المدرسة أو في المسجد. وكان كثيراً ما يختفي عن الأنظار لأيام أو أسابيع من أجل «التبليغ»، كما تحكي عائلته. وأصبح «تواكل» جد متدين إلى درجة أنه لم يعد يطيق الجلوس في الغرفة نفسها مع أفراد عائلته– الذين كان يزعجه تدخينهم ومضغهم للقات. ويقول أحد أبناء عمته: «إنه لم يكن يحب تلك الجلسات... ولم يكن يتحدث مع أي شخص». وفي يوم من أيام 2006، شد «تواكل» الرحال فجأة إلى نيروبي. واليوم، يتذكر بعض أفراد أسرته أنه ذهب للبحث عن وظيفة، بينما يقول آخرون إنه ذهب من أجل دراسة الدين، في حين يقول فريق ثالث إنه غادر البلاد فقط. ويختلف الأقارب والأصدقاء حول المكان الذي بدأ منه التجنيد–في إيسيولو أم نيروبي- إلا أن الثابت أنه حين عاد كان رجلا مختلفاً. وطيلة عامين، لم يُسمع شيء عن «تواكل» ويقول الأصدقاء إنهم سمعوا أخيرا أنه شوهد وهو يحضر درساً بـ «مدرسة بيت المال»، وأنه يتردد على مسجد الشارع السادس في «إيستلي»، وهي إحدى ضواحي نيروبي الفقيرة والمكتظة ومعظم سكانها من الصوماليين. فذهب أفراد من العائلة للبحث عنه سدى؛ ولاحقاً، سمعوا أنه ذهب إلى الصومال حيث كان يستعمل اسما مختلفاً ويحارب إلى جانب المقاتلين الإسلاميين. هبة علي - إيسيولو، كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©