الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وهْم انقلاب هندوراس

19 يوليو 2009 01:57
لقد وصلنا الكثير مؤخراً من أخبار دولة هندوراس. غير أن من الأخبار والمسائل ما هو أكثر أهمية من مجرد الإطاحة بالرئيس الشرعي المنتخب مانويل زيلايا عبر انقلاب عسكري في 28 يونيو المنصرم وما تبع ذلك من تداعيات. فالذي يلفت الأنظار أكثر من ذلك هو عار كبريات المنظمات الاقتصادية والسياسية الدولية، في استجابتها لتلك الأحداث والتداعيات. فقد أخذ بزمام المبادرة في التصدي لأزمة هندوراس «خوسيه إنسولزا» قائد «منظمة الدول الأميركية». وقد منحت المنظمة المذكورة حكومة الانقلاب الجديدة في هندوراس مدة ثلاثة أيام لإعادة الرئيس المخلوع زيلايا، أو معاقبتها بتعليق عضوية هندوراس في المنظمة الدولية المعنية بتعزيز الوحدة والعمل المشترك بين دول الأميركتين. وكان أول رد فعل مباشر من حكومة «تيجوسيجالبا» الجديدة هو إعلان خروجها من المنظمة. ولكن واصلت بعد ذلك منظمة الدول الأميركية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي جميعها التلويح بالضغوط والعقوبات دون أن تفعل شيئاً جدياً ملموساً. ولم يكن لقادة جميع المنظمات المذكورة سوى المواقف المثالية والنظرات الأيديولوجية والانحياز للمصالح الخاصة، إضافة إلى الجهل التام بما يجري في هندوراس فعلياً. فمن جانبه رفض «إنسولزا» التفاوض مع الأطراف المتنافسة، وفضل بدلا منه المواجهة وإصدار الإنذارات النهائية وزيادة حدة الاستقطاب السياسي، وهذا ما لقي صدى وهوى في نفس الزعيم الفنزويلي هوجو شافيز. ولكن لسوء حظ هؤلاء فقد انحازت بقية الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة إلى موقف قائدها «أنسولزا»، وهو ما يؤكد كونها منظمة للقطيع الأميركي! ومن الناحية الأخرى يلاحظ حذر إدارة الرئيس أوباما أثناء حثها لطرفي النزاع في هندوراس على التفاوض الثنائي فيما بينهما، عبر وساطة من جانب الرئيس الكوستاريكي «أوسكار آرياس». ولم تفعل تلك المحادثات شيئاً سوى إثارتها لغضب شافيز على واشنطن. والسبب أن أميركا ركزت فيها على مجرد التفاوض، أكثر من أن تأخذ بأهمية المواجهة العادلة بين الطرفين. كما اضطرت منظمة الدول الأميركية لاحقاً إلى التراجع عن نبرة خطابها السابقة التي وصفت ما حدث بأنه معادٍ للديمقراطية والدستور، وبكونه انقلاباً عسكرياً. غير أنه يجب القول إنه ليس في وسع المنظمة اللعب على الحبلين: أي أن تدعي دفاعها الثابت عن الديمقراطية والشرعية الدستورية وسيادة القانون، حتى وإن تحول الجيش في هندوراس إلى منتهك أول لسيادة القانون! وقبل ذلك كله، فإن ما فات قادة المنظمة المذكورة، والأمم المتحدة وغيرهم قبل شن حملتهم العنيفة هذه كلها على هندوراس، هو تماماً ما عبر عنه المحامي الهندوراسي «أوكتافيو سانشيز» في مقال نشره بصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» جاء فيه: «لم يكن الرئيس السابق زيلايا يدرك أنه وبإصداره أمراً رئاسياً بإجراء استفتاء شعبي على تغيير فترة الولاية الرئاسية، كان قد أطلق حكماً دستورياً يقضي بإقالته فوراً من الرئاسة». ولمن أراد معرفة المزيد حول هذا الأمر، فإن عليه أن يبحث عن دستور هندوراس بواسطة محرك البحث الإلكتروني «جوجل» ويطلع عليه ليدرك أن «زيلايا» قد أقال نفسه بنفسه. وعليه فإنه لم يكن من غير القانوني أن يتحرك الجيش لإقالته من المنصب الرئاسي تطبيقاً لنصوص الدستور. ولكن تصادف أن كان ذلك التحرك العسكري ليلا، وهو ما أعطى انطباعاً خاطئاً للعالم الخارجي بأن ما حدث كان انقلاباً عسكرياً، وليس الأمر كذلك بالفعل. ولذا يمكن القول أخيراً إن الأمم المتحدة والرئيس المخلوع زيلايا وحليفه هوجو شافيز والدول الأعضاء في منظمة الدول الأميركية هي الأطراف التي تلعب لعبة سياسات جمهوريات الموز الآن، وليس حكومة «تيجوسيجالبا» الجديدة. ويليام راتليف زميل بمؤسسة «هوفر» والمعهد المستقل بجامعة ستانفورد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©