الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اللاعبون الجدد و«الإنترنت» والعولمة أبطال “المسرحية الاقتصادية” الجديدة

اللاعبون الجدد و«الإنترنت» والعولمة أبطال “المسرحية الاقتصادية” الجديدة
2 يناير 2010 01:16
من أجل أن نتفهم طبيعة التحديات والمصاعب التي واجهت كبريات الشركات خلال السنوات العشر الماضية يتعين أولاً أن نتذكر العديد من أسماء الشركات اللامعة التي لم تتمكن من تحقيق النجاح وانتهى بها المطاف إلى الانزواء أو الاختفاء في العقد الماضي مثل شركات ومؤسسات الهويزر بوش وكومباك وجيليت واينرون وليهمان برازورز وميريل لاينش وورلد كوم. فمن المنطقي أن تكون الشركات معرضة إلى الفشل أو أن تقع فريسة للاستحواذ والتملك من قبل شركة أخرى، إلا أن العقد الماضي برهن على أنه الأشد اضطراباً وبشكل غير اعتيادي، فقد شهد نمو فقاعتين استثماريتين قبل أن ينتهيا إلى الانفجار كما أعقب كليهما حالة من الركود، ثم أدى نضوج وانتشار الإنترنت في مجال التجارة إلى إنعاش العديد من الشركات الإبداعية الناشئة تماماً كما تمخض عن الإطاحة بالعديد من الصناعات التقليدية واحدة بعد الأخرى، وكذلك فمن أهم المظاهر التي اتسم بها العقد الماضي أن العديد من اللاعبين الدوليين في الاقتصاديات الناشئة استطاعوا أن يشقوا طريقهم إلى أعلى المراتب العالمية التجارية، وبينما تمت إعادة هيكلة وول ستريت بين ليلة وضحاها تحت تأثير الأزمة المالية العالمية فإن الحكومات في معظم أرجاء العالم اتجهت إلى التراجع عن ما درجت عليه طوال عقود من الزمان وأصبحت تزيد من مقدار هيمنتها على الاقتصاد العالمي. وجدت الشركات في العالم نفسها في عالم يموج بشدة الاضطرابات والتقلبات وحدة التنافسية والانكماش بحيث أصبح اتخاذ أي خطوة واحدة فاشلة يمكن أن يفضي إلى الإنهيار أو الهلاك ويطيح بكبار التنفيذيين من مرتبة الأبطال إلى وضعية المنبوذين. وتقول روزابيث موس كانتر الأستاذة في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد إن “كلا من حالتي النجاح والفشل - أو الارتفاع والسقوط - أصبحت تبدو أكبر حجماً وأوسع انتشاراً في العقد الماضي”. ثورة الإنترنت بدأ العقد الماضي خطواته المبكرة وسط جدل محتدم يشير إلى أن الإنترنت سوف يعمل على تغيير العالم، ولقد فعل ذلك حقاً ولكن ليس بالطريقة التي كانت متوقعة، ففي اليوم الحادي عشر تحديداً من بداية العقد ذكرت كل من شركتي “تايم وارنر” ومؤسسة “أميركان أون لاين” اثنتين من أكبر الأيقونات في الصناعة عن اندماجهما في صفقة تم تقييمها لاحقاً بمبلغ 156 مليار دولار واعتبرت آنذاك مؤشراً لبداية عصر جديد. ولكن الزواج ما بين الإعلام القديم والإعلام الجديد سرعان ما انتهى به المطاف إلى الانهيار، فقد عانت كل من الشركتين من الانكماش المستمر قبل أن يكملا إجراءات الطلاق في هذا العام، بل ان هنالك العديد من عمالقة التكنولوجيا والاتصالات الذين عانوا بشكل أكبر، فشركة لوسنت تيكنولوجيز التي كانت تعتبر تاسع أكبر شركة في العالم من ناحية القيمة المالية في بداية العقد تم ابتلاعها بالكامل من قبل شركة الكاتل الفرنسية في عام 2006، بينما انهارت مؤسسة وورلد كوم التي كانت أيضاً ضمن قائمة أكبر 25 شركة في العالم على وقع فضيحة محاسبية. وفي الوقت الذي أخذ فيه العقد الماضي يواصل مسيرته، ساد اعتقاد بأن الإنترنت إنما جاء لكي يدمر الشركات والأعمال التجارية، فقد عمل الإنترنت على إنهاء مسيرة العديد من نماذج الأعمال التجارية التي استمرت لعقود طويلة في مجالات مثل الإعلام والدعاية والإعلان والسفر والتسلية بعد أن غادر المستهلكون وشركات الدعاية والإعلان إلى فضاء العالم الرقمي. أدى هذا التحول إلى خلق واستحداث العديد من الفرص السانحة، وفيما يبدو فإنه لا يوجد أحد استفاد من هذه الفرص أفضل مما فعلت مؤسسة جوجل، فبعد مجرد 15 شهراً من بداية العقد تمكنت هذه الشركة من تحويل نفسها من شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا إلى ورشة كبرى في مجال الإعلام والدعاية والإعلان قبل أن تخطط الآن للدخول في صناعة الاتصالات الهاتفية وهو المجال الذي أصبح من المحتم عليها أن تواجه فيه منافسة محتدمة مع مؤسسة آبل التي ولدت من جديد بعد عودة مؤسسها الشريك ستيف جوبز إلى تسلم مقاليد القيادة في عام 1997. وعمل كل من جهازي “آي بود” و”آي تيونز” على إعادة تشكيل صناعة الموسيقى بأكملها، بينما عمل جهاز “آي فون” من إنتاج الشركة أيضاً على إحداث ثورة في عالم الاتصالات نسبة لما ينطوي عليه من إمكانيات إبداعية عديدة ومستقلة متاحة للمستخدمين، ولقد استمر أيضاً تسارع وتيرة الأعمال التجارية في الشركات مع تغيرات في الاستراتيجية، فقبل عشرة أعوام من الآن تسابقت كبريات الشركات على تطوير الاستراتيجيات الخاصة بالدوت كوم إلى أن انفجرت الفقاعة لاحقاً، وسرعان ما برزت من حكام هذا الانفجار فقاعة الائتمان التي أدت إلى تكديس أعباء الديون على شركات مثل كرايسلر ومؤسسة الخدمات تي اكس يو، وعندما تبخر التمويل أثناء فترة أزمة الائتمان أصبحت السيولة النقدية ملكاً متوجاً وبشكل أعاد النفوذ مرة أخرى إلى الشركات التقليدية. تراجع النفوذ الأميركي الأهم من ذلك فإن العقد الماضي شهد تراجع نفوذ الولايات المتحدة كقوة وحيدة في مسرح الاقتصاد والأعمال التجارية، فقبل 10 أعوام من الآن كانت سبع من كل أكبر عشر شركات في العالم من ناحية القيمة المالية تتواجد في الولايات المتحدة الأميركية، أما اليوم فلا توجد هناك سوى أربعة شركات فقط بينما تتواجد ثلاثة في الصين وواحدة في كل من البرازيل واستراليا وبريطانيا، والآن فإن كلا من صغار باعة التجزئة وعمالقة الصناعة مثل شركة جنرال اليكتريك أضحوا يتطلعون إلى الأسواق والمزودين والمنافسين في الساحة العالمية. فللمرة الأولى تتمكن شركة جنرال اليكتريك في عام 2007 من تحقيق أكبر قدر من الإيرادات في خارج الولايات المتحدة، عوضاً عن الداخل وبمعية عدد من كبريات العلامات التجارية الخاصة بالمستهلك مثل شركة كوكاكولا وشركة براكتور آند جامبل، وهناك العديد من كبريات الشركات الأميركية التي وقعت فريسة للمنافسين العالميين وبخاصة في مجال صناعة السيارات. ففي عام 2008 تمكنت شركة “تويوتا موتورز” من الإطاحة بشركة “جنرال موتورز “التي ظلت ولفترة 77 عاماً متصلة تهيمن على المركز الأول كأكبر شركة مصنعة في العالم من حيث عدد السيارات المباعة. وأدت الأزمة المالية والركود إلى إجبار شركة جنرال موتورز لاحقاً على طلب وتلقي حزمة مساعدات مالية ضد الإفلاس، والآن فإن قائمة المشترين المحتملين لأجزاء الشركة أصبحت تتضمن العديد من الشركات الصينية. أما الشركات الأميركية التي كانت تعتبر الدول الناشئة كأسواق لها فقد أصبح يتعين عليها “أن تنظر إليهم كمنافسين” كما يقول كانتر الأستاذ في جامعة هارفارد، وإلى ذلك فإن الطلب الهائل من هذه الأسواق الناشئة ساهم بشدة في ارتفاع مختلف أسعار السلع، فالنفط الذي كان يباع بسعر 25 دولاراً قبل عشر سنوات من الآن تجاوز مستوى 140 دولاراً في منتصف العام 2008 قبل أن يتراجع مرة أخرى، وهو الأمر الذي أدى إلى دخول سبعة شركات نفطية في قائمة أكبر 25 شركة في العالم من ناحية القيمة المالية مقارنة بعدد شركتين فقط قبل عقد من الآن. على ان المسيرة نحو عولمة الاقتصاد بشكل متكامل لم تكن سهلة أيضاً، فبعيد تزايد نشاط المعارضة السياسية في الولايات المتحدة كنتيجة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، عمدت السلطات الأميركية إلى رفض صفقة شركة “شينووك” الصينية لشراء مؤسسة يونوكال الأميركية وكذلك العرض المقدم من شركة دبي العالمية لإدارة الموانئ الأميركية، أما الجهود الحثيثة الساعية لإزالة الحواجز التجارية العالمية - المعروفة باسم جولة محادثات الدوحة - فقد انتهى بها المطاف إلى الفشل والتوقف. وفي نفس الوقت، تنامت حدة المقاومة من قبل الدول مع تزايد التباطؤ الاقتصادي، فقد حملت حزم التحفيز الاقتصادي والمالي الأميركية العديد من الشعارات مثل “اشتري السلع الأميركية”، بينما عمدت العديد من الدول الأخرى إلى تحديد الهجرة وقامت بإرسال الأجانب إلى أوطانهم، والآن فإن منظمة التجارة العالمية تقدر أن التجارة العالمية سوف تتراجع بمعدل 9 في المئة في هذا العام أي إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©