الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا بعد الثورة: آمال لم تتحقق!

ليبيا بعد الثورة: آمال لم تتحقق!
17 مارس 2014 00:31
كان من المفترض أن تصبح ليبيا قصة نجاح، في ضوء قلة سكانها الذين يعيشون على ثروة نفطية ضخمة، لاسميا بعد زوال القمع الوهمي الذي تعرضوا له من قبل الزعيم السابق معمر القذافي؛ إذ ما الذي يجعل البلد يبدو متجهاً صوب التفكك؟ الواقع المتجسد أن المنشآت النفطية الرئيسة أغلقتها ميلشيات تعجز الحكومة المركزية عن التصدي لها، بينما ارتفعت معدلات البطالة، وخصوصاً بين الشباب. وخلال الأسبوع الماضي، أصبح علي زيدان ثاني رئيس وزراء يُطاح به عبر تصويت بسحب الثقة داخل البرلمان المؤقت. وبدا أن القوى السياسية المتشاكسة في ليبيا، والميلشيات القبلية المسلحة، وشلل الخدمات العامة، وضعف مؤسسات الدولة.. قد أربكت الدبلوماسيين الذين التقوا الأسبوع الماضي في روما في محاولة لحل معضلة الفترة الانتقالية المضطربة في ليبيا، ومن ثم أسفر الاجتماع عن إبداء القلق من دون تقديم حلول. ورغم ذلك يواصل الليبيون إنشاء مشاريع تجارية، وتشكيل منظمات مجتمع مدني، وتطوير وسائل إعلام، والسعي إلى تلقي التعليم.. هذا في حين يلح القادة في طرابلس من أجل الحصول على مساعدات دولية. غير أن نجاح ليبيا يمكن أن يكمن في قدرة مواطنيها على التضافر. ويقول الطالب بكلية الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني، محمد حمودة، الذي يترأس مجموعة «أتش 20» المدافعة عن الشفافية والمعنية بمراقبة البرلمان الانتقالي في ليبيا، «إن الأمر يتعلق بالشعب، فعندما يؤمن بأن عليه العمل، فلن يعتمد ببساطة على الإيرادات النفطية، وعندئذ يمكننا إحداث تغيير على أرض الواقع». وقد كان لدى الليبيين أمل معلق على السياسة، ففي يوليو عام 2012، صوت الليبيون للمرة الأولى بعد أكثر من أربعة عقود قضوها في ظل الدكتاتورية، من أجل تأسيس «المؤتمر الوطني العام»، كبرلمان انتقالي موكل بالإشراف على صياغة الدستور. وأصبح «ميدان الشهداء» في طرابلس، الذي كان القذافي يخطب فيه أمام الجموع وفتح فيه رجاله النيران على المتظاهرين، بحراً من الوجوه المبتسمة والأعلام الليبية. غير أن أعضاء المؤتمر أمضوا شهوراً في الجدل بشأن ما إذا كانت لجنة صياغة الدستور ينبغي انتخابها أم تعيينها، وأخيراً استغرقوا وقتاً كبيراً في مناقشة القانون الانتخابي. وعكف أعضاء المؤتمر على تبادل الاتهامات مع السلطة التنفيذية بشأن المشكلات التي تمتد من غياب الأمن إلى بطء مضي المرحلة الانتقالية. وتقول لبنى المنتصر، الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة في طرابلس، والتي ترشحت في انتخابات لجنة صياغة الدستور الشهر الماضي، «عندما نرى صراعات بين السلطات، ونشاهد سوء التصرف في الأموال، يبدو كل ذلك مثل جرس إنذار». وعليه، أصاب الإعياء من التصويت كثيراً من الليبيين، ومن ثم لجأ كثيرون إلى الاحتجاج عندما مدد المؤتمر الوطني العام فترته في السلطة في السابع من فبراير الماضي. وبالنسبة لمحب أبوهول، المقاتل السابق في صفوف المتمردين، من مدينة يفرين الجبلية، كان السابع من فبراير سبب استقالته من قوات الدرع الليبية، وهي ميلشيا محلية تعاقدت معها وزارة الدفاع. ويشير أبوهول قائلا: «كنت مقاتلا ثورياً، ثم صوت لانتخاب المؤتمر، لكن الآن لا نرى شركات أو فنادق جديدة، ولا يحصل الشباب على شيء»، مضيفاً: «لماذا يُمدد المؤتمر فترة عمله رغم أنه لم يفعل شيئاً جيداً؟». وفي هذه الأثناء، يزعم عضو المؤتمر ورئيس لجنة الشؤون الخارجية التابعة له، «أن إحراز تقدم يستغرق وقتاً، وخصوصاً في ليبيا». وأضاف: «تفوق الميلشيات المحلية قوات الأمن الحكومية عدة وعتاداً، وبعضها يهدد المشرعين لتمرير قوانين، بينما تسيطر أخرى على الموانئ النفطية في الشرق، في حين يعتري الضعف المؤسسات الحكومية الموروثة من نظام القذافي». ورغم ذلك، يميل القادة إلى مواجهة المشكلات بالمال، غير أن الجهود الرامية لشراء طاعة الميلشيات بالمال عبر هياكل مثل «درع ليبيا» حققت نجاحاً متبايناً، ففي نوفمبر الماضي، تصاعدت مناوشات في طرابلس بين أفراد إحدى الميلشيات بشأن الرواتب الحكومية، وأسفرت عن مقتل عشرات المدنيين. ووسط آمال تخفيف غضب الشعب، ضخ القادة غالبية أموال الإنفاق الحكومي على دعم كثير من السلع، فأصبح سعر البنزين في طرابلس أرخص من المياه المعبأة بسعر 12 سنت دولار للتر الواحد، وهو ما يصفه المنتقدون بتخمة القطاع العام. ويعتقد مسؤول في البنك المركزي الليبي، آثر عدم ذكر اسمه، أن المشكلة الحقيقية هي إخفاق الحكومة الليبية في إعادة هيكلة الموازنة، لافتاً إلى أن الرواتب ترتفع، والمعونات تزداد، على حساب الاستثمارات. وأضاف: «إن هذا الإنفاق يعيق نمو القطاع الخاص الذي من شأنه أن يوفر فرص عمل أمام الشباب بدلا من الانضمام إلى الميلشيات»، مؤكداً أن مثل هذا النهج يفضي إلى بيروقراطية غير مطلوبة على حساب جودة الخدمات الحكومية. وتكشف المستشفيات الحكومية تلك المشكلة بوضوح، فرغم وجود أطباء مهرة، إلا أن الإجراءات الإدارية بالغة التعقيد، كما أن المستشفيات تفتقر إلى التجهيزات، حسبما أشار دبلوماسي غربي رفض ذكر اسمه. ورغم ذلك، ثمة بوادر على مضي بعض الليبيين قدماً، آملين في سحب دولتهم معهم إلى الأمام، فهناك نماذج تدعو للتفاؤل مثل أحد الشباب الذي أنشأ شركة إنترنت جديدة، ومراسل تلفزيوني شق طريقه بعد أن كان موظفاً ليلياً في أحد الفنادق، إلى جانب منظمة حمودة غير الحكومية «أتش 20» التي زاد عدد موظفيها من ثلاثة إلى 80 موظفاً. ‎جون ثرون طرابلس ليبيا ينشر بترتيب خاص مع «خدمة كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©