الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصريون يلجأون إلى «ميدان التحرير» لترويج بضائعهم

مصريون يلجأون إلى «ميدان التحرير» لترويج بضائعهم
11 مارس 2011 20:19
لم يعد ميدان التحرير مجرد رمز للثورة التي قادها شباب مصر يوم 25 يناير الماضي فقط وإنما تحول إلى ساحة لكسب الرزق والتغلب على البطالة بعدما تفنن فريق من المصريين في إبداع طرق وأساليب تتماشى مع فكرة الثورة وحب مصر لاسيما في ظل تدافع أعداد غفيرة من الأسر المصرية يوميا على الميدان مع أطفالهم بغرض قضاء بعض الوقت في المكان الذي صار مفخرة لكل المصريين. مهن بسيطة راجت مهن بسيطة تعتمد على تقديم السلع والمنتجات التي يحتاج إليها زوار الميدان سواء كانوا من المتفرجين أو الثوار الذين يحرصون من حين لآخر على التظاهر لحث الدولة على الإسراع في تنفيذ المهام الموكلة إليها. وتأتي تجارة الأعلام لاسيما علم مصر بأحجام مختلفة في مقدمة هذه السلع التي تلقى رواجا من قبل المترددين على ميدان التحرير حيث امتلأت ساحة الميدان والشوارع المتفرعة منه بعدد كبير من الباعة الذين يبيعون أعلام مصر. ويقول خالد عبده، وهو بائع أعلام، إنه جاء للميدان منذ ثلاثة أسابيع «ليسترزق» بعد أن أعاقته الأحداث التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية عن مزاولة عمله كبائع جائل للمشغولات السياحية بمنطقة الهرم، لاسيما بعد الركود الذي أصاب السياحة بمغادرة آلاف السياح الأجانب لمصر في الفترة الأخيرة، وأنه وجد في بيع العلم المصري ما يعوضه. ويوضح أنه اختار ساحة مجمع التحرير مقرا لتجارته وهو يتاجر في نوعين من العلم المصري الأول يتم استيراده من الصين وهو مصنوع من البلاستيك. والنوع الثاني من العلم المصري هو المصنع محليا في ورش حي مصر القديمة لاسيما منطقتي الدرب الأحمر وتحت الربع ويصنع من أقمشة «الستان» إضافة إلى عصا خشبية وبلاستيكية للإمساك به ويتراوح سعر الواحد بين 5 و50 جنيها وهي ذات أحجام مختلفة وقد يصل حجمها إلى عشرة أمتار. ويؤكد عبدالرحمن هلال (23 سنة) أنه باع أكثر من ‏خمسة آلاف علم منذ حضر للميدان، واتخذ من ساحة تمثال عمر مكرم مقرا لتجارته قبل نحو شهر تقريبا، وأن غالبية مبيعاته من الأعلام الصغيرة الحجم حيث يقبل على حملها والتلويح بها الأطفال الذين يحضرون إلى الميدان بصحبة أسرهم. ويضيف أن أهم ما يميز العلم الصغير الحجم أنه خفيف الوزن ويسهل حملة والتلويح به، كما أن سعره زهيد ولا يمثل إرهاقا لميزانية أي أسرة. ويوضح أن الحال تتبدل في الأيام التي تحتشد فيها القوى الوطنية في الميدان للدعوة لمطالب ثورية حيث يكثر الطلب على الأعلام الكبيرة الحجم ويحرص سائقو السيارات من الشباب على شراء الأعلام الكبيرة وتثبيتها في مقدمة أو مؤخرة السيارة. مواكب الأفراح لا تقتصر تجارة الأعلام فقط على الثوار وإنما على المدعوين للأفراح حيث بات ميدان التحرير في الأيام الأخيرة تميمة حظ في الأفراح التي تقام في المناطق السكنية القريبة من الميدان، حيث يحرص فريق من العرسان على أن يتضمن برنامج حفل الزواج عقد القران بوسط ميدان التحرير، أو زيارة بالسيارة إلى الميدان بصحبة عدد من المدعوين حيث يجوبون ساحه الميدان بسياراتهم، وأحيانا سيرا على الأقدام وسط متابعة آلاف المصريين الذين يترددون على الميدان ويحرصون عند مشاهدتهم لمواكب العرس على التصفيق والمباركة وتهنئة العروسين. والطريف أن مواكب الزفاف يحلو للعروسين والمدعوين خلالها التلويح بعلم مصر مصحوبا بالزغاريد وغالبية تلك الأعلام تكون من النوع الصغير إلى جانب تزيين سيارة العروسين بأعلام أخرى مختلفة الأحجام. واللافت أيضاً، مشاهدة أنواع أخرى من الباعة في الميدان مثل باعة البطاطا والذرة ومشروبات الشاي وحمص الشام جنباً إلى جنب مع باعة السجائر والبسكويت والمياه المعدنية ويحلو لهؤلاء الباعة لفت الانتظار إلى بضاعتهم. ويشير سعد المنياوي، بائع بطاطا، إلى أنه يسكن منطقة بولاق أبوالعلا ويحضر بعربته يومياً إلى الميدان حيث يقف هو وابنه محمود 12 سنة بالقرب من رصيف الجامعة الأميركية ليبيعا البطاطا، لافتا إلى أن حجم الإيراد المتزايد يومياً شجعه على الاستمرار في التردد على الميدان وأنه سيتوقف عن الحضور في اليوم الذي يقل فيه إقبال الناس على بضاعته ليبحث عن مكان آخر. كما يكثر في الميدان باعة باروكات الشعر المستعار المصنوعة من خيوط البلاستيك التي تم تلوينها في صورة علم مصر ويرتديها الأطفال والشباب من الجنسين على الرأس في أثناء تجولهم في ساحة الميدان كشعار للنصر كما تضفي على ملامحهم نوعا من البهجة وتباع الواحدة بعشرة جنيهات. ويوضح البائع أشرف عبدالغفار أنه يتم تصنيع هذه الباروكات داخل ورش البلاستيك بمنطقة الحرفيين بالقاهرة حيث تصبغ بالأحمر والأبيض والأسود من خلال رشها بالدهانات. وظلت مهنه رسم علم مصر وكتابة عبارات الثورة على وجوه من يرغب من زوار الميدان والتي واكبت بداية الثورة منتشرة في أنحاء متفرقة من المكان حيث يزاولها عدد ممن يمتلكون موهبة الرسم مستخدمين ألوانا مائية بسيطة تسهل إزالتها بالماء والصابون ولا تسبب أي أضرار للبشرة. حراك اقتصادي أحمد شعبان بكالوريوس تربية نوعية تخرج منذ ثلاث سنوات ولم يجد عملا الى أن اكتشف في الأيام الماضية أن بإمكانه استغلال مهارته في الرسم في كسب بعض المال وذلك بالقيام برسم علم مصر بشكله التقليدي أو على هيئة قلب إلى جانب كتابة عبارات من نوعية «ثورة 25 يناير.. الشعب انتصر.. كلنا ثورة.. أنا أحب مصر، مصر فوق الجميع»، لافتا إلى أن الوقت الذي يستغرقه في الرسم والكتابة لا يتجاوز ثلاث دقائق على الأكثر وانه يتقاضى في مقابل ذلك جنيها واحدا ويزيد المبلغ في حال زيادة الرسوم والعبارات على الوجه يمينا ويسارا وان غالبية من يرغبون في الرسم على وجوههم من الأطفال والمراهقين. وهناك من يبيعون بطاقات تكريم شهداء 25 يناير، وكروت فوتوغرافية تجمع صورا لعدد من الشهداء مصحوبة بعبارة «أحياء دوما في قلوبنا «وتباع البطاقة الواحدة بجنيه واحد كما يقول سمير كامل الذي أوضح أنه اهتدى لفكرة تكريم شهداء الثورة وتخليدهم على طريقته الخاصة حيث قام بتجميع عدد من صورهم وباستخدام الفوتوشوب أمكنة وضعهم في قلب صغير على هيئة علم مصر وقام بعدها بطبع المئات من تلك الكروت وتغليفها بالبلاستيك وبيعها لمن يرغب. ويقدر الخبير الاقتصادي د.حمدي عبدالعظيم حجم تلك التجارة المتداولة بميدان التحرير والتي تتخذ من ثورة 25 يناير وسيلة لجذب الزبائن بنحو 100 مليون جنيه على مدار الشهر الأخير أسهمت في تخفيف حالة الركود لدى فئات من أصحاب المهن المهمشة، وأن أغلب تلك التجارة ينحصر بين تصنيع واستيراد وبيع علم مصر وباروكات بلاستيك وتي شيرتات وبيع المشروبات والمأكولات كما أن تلك التجارة لا تقتصر فقط على ميدان التحرير خاصة العلم المصري وإنما في كافة المدن المصرية بنسب متفاوتة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©