الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«خداوج العمياء»

19 يوليو 2009 22:45
من يمكنه في هذا العالم تفسير لغز الجمال؟ هل هو قوّة طبيعية خارقة تولّدها الأحياء، أم هو تناغم وانسجام في تركيب الأجزاء والتفاصيل؟ يكاد يكون من المستحيل العثور على تفسير أو تعريف جامع مانع للجمال، وهذا ما دفع اليونانيين القدماء إلى الاعتقاد في أساطيرهم بأنه عطاء تهبه آلهة الحب والجمال «أفروديت» إلى الناس الذين يستحقونه. وتحكي الأسطورة أن «أفروديت» تشكلت وانبثقت من رغوة الأمواج البحرية المتلاطمة، وبما يعني أن الجمال ليس بالظاهرة البسيطة أو العشوائية التي تحدث بالمصادفة. ثم جاء الرومان من بعدهم ليصطنعوا لأنفسهم آلهة الحب والجمال والخصوبة «فينوس» التي زعموا أنها انبثقت من فوهة بركان. وللعرب أيضاً حكاياتهم وأساطيرهم حول الجمال. ومنها قصة امرأة فاتنة تدعى «خداوج»، وهو اسم الدلع لـ«خديجة»، والتي اشتهرت بفرط جمالها وبهاء طلعتها، وكانت إحدى زوجات الداي حسين، الحاكم العثماني للجزائر في أواسط القرن التاسع عشر. ويحكى أن الداي أراد أن يسحر زوّاره من السفراء والقناصل الأوروبيين بقوّة تذوّقه للجمال، فقرر استضافتهم في حفل استقبال صاخب في قصره المنيف الشهير المقام في أعالي قصبة الجزائر. وطلب من عشر نساء متخصصات بالتجميل، تحضير «خداوج» وتزيينها حتى يبهر بجمالها زوّاره. وكانت خداوج تقيم في قصر خاص بها، عرف بهندسته المعمارية الرائعة، ويحاذي شاطئ مدينة الجزائر من جهة ما يعرف اليوم بساحة الشهداء، ولا يبعد عن القصبة إلا ببضعة مئات الأمتار. وبعد ساعات من العمل المضني، انتهت مهمة النساء، وخرجت «خداوج» بمظهر أثار ذهولهن، فدفعها فضولها وحيرتها لتبيّن الأمر، فقالت لهن: والآن دعوني أرى نفسي. واتجهت إلى المرآة المثبتة في إحدى ردهات القصر ونظرت إلى وجهها فأصيبت بصدمة قوية من فرط جمالها فقدت على أثرها نعمة البصر فسميت «خداوج العمياء». ومن يزر مدينة الجزائر، سيمكنه أن يتجول في القصر الذي شهد هذه الواقعة ويعرف باسم «قصر خداوج العمياء» وسوف يرى المرآة التي أصابت صاحبتها بالعمى والتي تقف الآن شاهداً على أن الجمال هو إحدى القوى الطبيعية الخارقة والمبهمة. عدنان عضيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©