الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

بين يدي شهر رمضان المبارك

2 يونيو 2016 23:18
يستعد المسلمون لاستقبال شهر الخير والبركة، شهر رمضان المبارك، فَيَا لَهُ من شهر عظيم، فضَّله الله عز وجل على سائر الشهور، وأنزل فيه القرآن الكريم هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وجعل فيه ليلة القدر التي هي أفضل الليالي على الإطلاق. والمسلمون اليوم على أبواب هذا الشهر المبارك ينتظرون حلول موعده بصبر نافد، ليكون مُلَطِّفاً لأرواحهم، مُرَوِّضاً لأجسامهم، مُهَذِّباً لنفوسهم، باعثاً لأريحيتهم، فهو يزيد في إيمان المؤمنين، ويُنمي عواطف البرِّ عند المحسنين، ويفتح مجال التوبة والإنابة أمام العصاة والمسرفين، فاستعدوا معشر الموحِّدين لاستقبال هذا الشهر الكريم، واستبشروا بقدومه، وشمِّروا عن ساعد الجد، واغتنموا الفرصة ولا تُضَيِّعوها بين لهوٍ ولعب وعبث ومجون، ووطِّدوا العزم منذ الآن على صيام أيامه وقيام لياليه. ومن المعلوم أن المسلمين يستقبلون كل عام شهر رمضان المبارك بالبِشْرِ والترحاب والإقبال على الله سبحانه وتعالى، فهو شهر الربح وزمن العفو والصفح، وشهر الطاعات والبركات، وهو شهر الذكريات العظيمة للأمة الإسلامية، ففيه نزل القرآن الكريم {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة الآية (185)، وفي السابع عشر منه حدثت غزوة بدر الكبرى التي كانت أول مرحلة من مراحل انتصار الإسلام، وسمَّى الله عزو وجل هذه الغزوة بيوم الفرقان يوم التقى الجمعان، وفيه حدث الفتح المبين والنصر العظيم فتح مكة، حيث رجع الرسول – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون إلى مكة فاتحين بعد أن أُخرجوا منها مستضعفين، وفيه تجلَّت إنسانية الرسول – صلى الله عليه وسلم – يوم قال لأصحابها: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»!!. إن الصوم يبعث في النفوس قوة العزيمة، ويحملها على التخلق بخُلُق الصبر الذي هو للمؤمنين خير زاد، وللنصر أقوى عماد، وفيه يشعر الصائم بوجوب التعاطف والتراحم بين المؤمنين وبقوة الترابط والوحدة بين المسلمين، إذ هم جميعاً يُمْسكون عن الطعام والشراب في وقت واحد ويتناولون فطورهم في وقت واحد، ويعبدون إلهاً واحداً ويتجهون إلى قبلة واحدة يُمَجِّدون فيها خالقهم سبحانه وتعالى. فما أحوج المسلمين في هذا الشهر المبارك أن يغتنموا هذه الأيام المباركة، ويشحذوا العزائم، ويخلصوا النيات، ويعقدوا العزم على الندم على ما فات، وفتح صفحة جديدة شعارها العمل الخالص من الرياء، حتى يتداركهم الله بفضله وينزّل عليهم نصره. ويسعدنا في هذه المناسبة الكريمة أن نتقدم بأصدق التهاني والتبريكات من الأمتين العربية والإسلامية بقرب حلول شهر رمضان المبارك، سائلين الله العلي القدير أن يجعله شهر خير وبركة على الأمتين العربية والإسلامية، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يجمع شملنا ويوحد كلمتنا إنّه سميع قريب. رؤية هلال شهر رمضان أخي المؤمن: إذا ثبت هلال شهر رمضان وتحققت رؤيته في أيِّ بلدٍ، فإنَّ ثبوته ينبغي أن يلتزم به المسلمون جميعاً، ومن المخجل أنْ نُثْبته في بلد ونأبى إثباته في آخر لا يَبْعُدُ عنه إلا مسافة قليلة قصيرة، فقد جاء في الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا» (أخرجه مسلم). وَيُسْتَحبُّ لمن رأى الهلال أن يقول ما رُوى عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلال قال: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بالأمن وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ» (أخرجه الترمذي). - من هدي الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان مَا تَكَادُ تهلّ علينا بشائر شهر رمضان، أو تهب علينا نسائمه، حتى تنتعش نفوسنا متعرضة لنفحات الخير الربانية، فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الكرام – رضي الله عنهم أجمعين- يحيون أيامه ولياليه، ويتخذون منه مدرسة يتلقون فيها الدروس والعظات، ويُسْتَحب للمسلم في هذا الشهر المبارك أن يسير على هدي رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – وذلك بالإكثار من الأعمال الصالحة، ومنها: - تلاوة القرآن الكريم: نحن أمة القرآن، وَمَجْدُ هذه الأمة إنما هو في كتابها، ذلك الكتاب الذي ربط بين جميع المسلمين، وكان دستورهم في شؤون دينهم ودنياهم، والروح الذي أحيا أموات أفئدتهم، وأزال الغشاوة عن قلوبهم، والنور الذي أضاء لهم الطريق وسلكوا به سبيل الهدى والرشاد. هذا هو القرآن الكريم، دستورنا الخالد، ومصدر عزتنا وكرامتنا، علينا أن نقرأه ونتدبر معانيه ونعمل بأحكامه، وأن نعلّمه لأبنائنا وفلذات أكبادنا، حتى نكون من السعداء في الدنيا، والفائزين في الآخرة إن شاء الله. ومن المعلوم أن جبريل – عليه السلام – كان يلقى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في رمضان فيدارسه القرآن، وقد حرص سلفنا الصالح – رضي الله عنهم أجمعين - على استغلال أوقاتهم في شهر رمضان بقراءة القرآن الكريم، والآثار في ذلك كثيرة، منها قوله – صلى الله عليه وسلم –: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ» (أخرجه أحمد والطبراني). - المواظبة على صلاة الجماعة في المسجد: لقد شجَّع الإسلام على صلاة الجماعة، وحثَّ عليها، ورغَّب في المحافظة على أدائها، حيث وردت أحاديث نبوية تبين ذلك منها قوله – صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إِلا الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَل الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ ما لَم يُحْدِث، تَقُول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلا يَزَالُ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ» (أخرجه البخاري)، وكذلك قوله – صلى الله عليه وسلم – أيضا: «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ» (أخرجه الترمذي)، لذلك يجب عليك أخي المسلم أن تحرص كل الحرص على أداء الصلوات جماعة في المسجد. - السخاء والجود في شهر رمضان: شهر رمضان شهر الخير والبركة والبرّ والإحسان، كما رُوي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَد مَا يَكونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدُ بالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ) (متفق عليه)، فشهر رمضان شهر الخيرات والبركات، كيف لا؟ والمنادي يُنَادي كما قال - صلى الله عليه وسلم-: (يا باغِيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغِيَ الشَّرِّ أقصِرْ، وللهِ عُتَقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ) (أخرجه الترمذي). - الابتعاد عن اللغو والرفث: وذلك في جميع الأوقات وخاصة في هذا الشهر المبارك، كما جاء في الحديث: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: (... والصِّيامُ جُنَّةٌ، فإذا كانَ يومُ صومِ أحدِكُم فلا يرفُثْ يَومئذٍ ولا يَسْخَبْ، فإن سَابَّهُ أحدٌ أو قاتلهُ فَلْيَقُلُ إنِّي امْرُؤٌ صَائمٌ) (أخرجه مسلم). نسأل الله أن يجعله شهر خير وبركة على الأمتين العربية والإسلامية وكل عام وأنتم بخير...تقبل الله منا ومنكم الطاعات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©