الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«مواجهة الجنوح»

«مواجهة الجنوح»
2 يونيو 2016 23:57
لكبيرة التونسي (أبوظبي) تعد ظاهرة جنوح الأحداث من أهم القضايا الاجتماعية، وأخطرها، ما أدى إلى استحداث العديد من الخطط العلاجية والتربوية والتأهيلية، بقصد التنشئة الصالحة. ويحفل قسم رعاية الأحداث بأبوظبي، التّابع للإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة بوزارة الدّاخلية، بالعديد من الحكايات والقصص، التي تشترك في خضوعها لخطط وبرامج القسم في علاج الجانحين وتأهيلهم لإعادة دمجهم في المجتمع. في البداية، كان لافتاً، أن برامج المركز الإصلاحية والاجتماعية مع الأحداث تقوم على منهجيات علمية وعملية؛ هدفها تنمية مهارات الحدث وتغيير قناعاته، وتعديل سلوكياته وتعريفه بذاته ومواهبه ومواطن القوة لديه، انطلاقاً من احترام إنسانيته والثقة بقدراته الكامنة، وتقدير محاولاته في التغيير واستيعاب الأخطاء غير المقصودة، ومنحه المزيد من الوقت للتفكير والتأمل ومحاسبة الذات. البداية كانت في «غرفة الرقابة والسيطرة» التي تعمل على مدار 24 ساعة، وتغطي المركز تغطية شاملة عن طريق كاميرات لتحقيق أقصى درجات الأمن والحماية للأحداث. يوضح النقيب عبد الرحمن عبدالله، مدير شؤون الأحداث: أن هذه الغرفة تشكل قلب المركز، حيث تحتوي أحدث التقنيات وكاميرات متحركة ترصد حركة الأحداث، ومن خلال الغرفة تصدر الأوامر والترتيبات ويرفع الأذان. بيئة مثالية عند الخروج من القاعة، بدت أمامنا ساحة مفتوحة في الهواء الطلق بأرضية مطاطية تسمح بلقاء الأسر والأحداث في جو أسري بعيداً عن التوتر والقلق. ومن هذه الساحة تدخل إلى المرافق الرياضية، والمناشط، والمزارع، إضافة إلى الدور والمدرسة التي تلبي احتياجات هذه الفئة علمياً، وهو مكان يؤسس لمفهوم التعليم المتميز، والاهتمام المتكامل الذي يعمل على تفريغ طاقاتهم، مساحة كبيرة ومرافق وكوادر مؤهلة، تلخص الدور الذي يقوم به المركز على أكمل وجه في بيئة يشرف عليها اختصاصيون. خصص قسم رعاية الأحداث بأبوظبي، مكاناً يراعي الخصوصية لزيارة الأسرة للحدث، من خلال 5 غرف مستقلة تشبه إلى حد كبير بيئة البيت، وتضمن كامل الاستقلالية، لا حواجز فيها بين الحدث وأهله؛ إيماناً بأن الأسرة جزء من العلاج. وفي هذا الصدد، يقول الملازم أول محمد مبارك التميمي، مدير فرع الإصلاح والتأهيل: إن الفرع يضم وحدة التنسيق الأسري، بالإضافة إلى الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين، والمشرف التربوي، ولتحقيق نوع من النزاهة والشفافية يمكن للنزلاء أن يقدموا اقتراحات أو شكاوى مع ضمان السرية في صندوق لا يُفتح إلا من قبل إدارة حقوق الإنسان. منظومة صحية ينفرد قسم رعاية الأحداث بأبوظبي بعمله في إطار منظومة متكاملة بشراكة مع العديد من الجهات، وهذا التركيز والاهتمام انعكس على العمل في المركز، واشتركت القيادة العامة لشرطة أبوظبي مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وأيضاً مجلس أبوظبي للتعليم، في إطار تكاملي، ويهتم المركز كذلك بالفحص الطبي وعلاج الأحداث. يقول الدكتور النقيب محمد راشد المزروعي، مسؤول العيادة بالقسم: إن النزلاء يخضعون لفحص الإدخال، بحيث نتأكد من خلو الحدث من الأمراض المعدية، والكبد الوبائي ونقص المناعة المكتسبة، بالإضافة إلى إجراء فحص خارجي، للتأكد من عدم الإصابة بالكدمات أو الأمراض الجلدية، والتعرف إلى تاريخه المرضي، وفي حال إصابة الحدث ببعض الكسور أو الجروح أو الضربات يتم تحويله لأحد المستشفيات بعد رفع تقرير مفصل. مركز الرعاية التربوية أعطت الجهات المختصة الجانحين من أبنائها الرعاية المناسبة التي تضمن تعديل سلوكهم وإعادة دمجهم في المجتمع، وفق برامج علمية تضمن التقليل من احتمالية عودة الحدث إلى القيام بالأعمال المجرمة قانوناً، ووفرت بيئة متكاملة تساعد على تعديل السلوك وإعادة الاندماج في المجتمع؛ بناء على خطط علمية مدروسة، لأن ظاهرة جنوح الأحداث من الظواهر المقلقة للمجتمعات، لتعلقها بجيل الشباب الذي يعول عليه في بناء المستقبل. ويعكس مركز الرعاية التربوية هذا التوجه؛ حيث يشتمل على مدرسة تكاد تتفوق على باقي المدارس الأخرى؛ تتبع آليات في التدريس تسير على خطط قصيرة وبعيدة المدى، فضلاً على أن التعليم يكاد يكون فردياً، بحيث يضم الصف من أربعة إلى ستة أحداث، يشرف عليهم مدرس متخصص، يساعدهم على إعادة الاندماج في الحياة الدراسية، بالاعتماد على أحدث الوسائل التعليمية، بالإضافة إلى استخدام العديد من الأدوات لتوصيل المعلومة. ويشرف على المركز مدير و22 مدرساً، ويضم طلاباً من المرحلة التأسيسية إلى الثانوية، ويشتمل على ورشات للنجارة وورشات فنية، بينما تشتمل الصفوف المنظمة على مكتبة داخلية، ولوحة تتضمن خطة العمل وأسماء الطلاب والمشاريع التي يقومون بها، ونماذج من المشاريع والخطة المدرسية ونسب النجاح، كما تتضمن شاشة بث إلكترونية، و6 قاعات بالإضافة إلى المبنى الأرضي والمصلى، وخيمة لتعليم العادات والتقاليد الإماراتية، وتحضير القهوة العربية، وناديا اجتماعيا، وورشة نجارة، وورشة فنية. التركيز على الجانب السلوكي يقول وليد العبري، مدير مركز الرعاية التربوية (مدرسة الرعاية): إن المركز يركز على الجانب السلوكي، ويضمن ذلك في كل الدروس مما حقق نسبة عالية من حالات نسبة العود لا تتجاوز 6? متجاوزاً بذلك جميع الدول المتقدمة في هذا المجال. ويشير العبري إلى أن المركز حصد العديد من الجوائز، منها جائزة حمدان التربوية وجائزة خليفة، معتبراً أن تميز مدرسة الرعاية في حب الطلبة لبيئتها التي تخصص حيزا مهما للمسابقات والحوافز، وتسعى جاهدة لابتكار أفضل سبل التعلم، موضحاً أن المدرسة تشتمل على مكتبة ضخمة تضم العديد من الكتب الهادفة التي تتلاءم مع الفئة العمرية التي تدرس بمدرسة الرعاية، التي تغطي جميع التخصصات، تتوسطها السبورة الذكية، إضافة إلى قاعة كمبيوتر، ويضم مساحة لتعلم الزراعة المائية للفراولة، وحققت نجاحاً كبيرا في نسبة إرجاع الأحداث لمقاعد الدراسة وإسهامها في مساعدة هذه الفئة على تجاوز العراقيل والفشل وتذوق طعم النجاح. مشاركة في المعارض أصبحت منتجات الورش الفنية لمدرسة الرعاية تلقى اهتماما واسعا، بحيث يتم الإقبال عليها واقتناؤها من طرف الزوار والهيئات، بينما يتم تصنيع وتجميع العديد منها للمشاركة في المعارض التي تقام في الدولة، لإطلاع الجمهور على ما يقوم به المركز وما يقدمه الطلاب من إبداعات. إلى ذلك قال وليد العبري: ديكورات مدرسة الرعاية كلها من إنتاج الطلاب، كما أن هذه المنتجات تشهد إقبالاً كبيراً من الزوار ونحن بصدد إنجاز مجموعة من المنتجات للمشاركة بها في المعارض والمهرجانات التي تنظمها الدولة. مواصفات ونظام نادي المهارات والقيم السلوكية تكتمل المنظومة التعليمية بالمركز بتوفير سبل تطوير المهارات والدراسة والسلوك، من خلال مساحة كبيرة مفتوحة تتواجد بها العديد من القاعات تشتمل على مجلس الأولين، ونادي المهارات والقيم السلوكية، أصدقاء الشرطة، إضافة إلى استراحة، وقاعة (مبدعو الوطن)، عيادة التغذية، قاعة الرسم والخط العربي، وخارج هذه الساحة، وفي اتجاه دور البنات تتواجد مزرعة الاتحاد، والتي يتواجد بها نخلات بعدد سنوات الاتحاد، وتضاف لها كل سنة نخلة جديدة خلال الاحتفال باليوم الوطني، كما تتوافر الساحات الفسيحة ومزرعة كبيرة تتوافر فيها مجموعة من النباتات، بالإضافة إلى ملاعب كرة القدم. المشرف التربوي من أكثر احتياجات الحدث أن يجد من يتواصل معه وينصت إليه، ويصادقه ويفتح له صدره ويفضي له أسراره، لهذا أوجدت مهمة المشرف التربوي الذي يلازم نزلاء الدور ويجالسهم صباحا ومساء في إطار المناوبة، وهو دور باسم عوض؛ الذي يخالط الحدث ويستمع إلى مشاكلهم، ويحاول لعب دور الأب أو الأخ الذي يستوعب الحاجات النفسية للطفل، ويعمل كحلقة وصل بين الأهل والنزيل، بالإضافة إلى تعليمهم الصلاة ومساعدتهم على تعلم أشياء جديدة. أفضل الخدمات كل من زار قسم رعاية الأحداث بأبوظبي، واطلع على مرافقه والبيئة الدراسية المتكاملة، وما يرافقها من أنشطة وفعاليات، تمتص طاقة النزلاء يعجب بها وما يضمه من مناشط تغطي جميع الاهتمامات وتبرز المواهب. وبرغم ما يتوافر بقسم رعاية الأحداث بأبوظبي؛ التابع للإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة بوزارة الداخلية، فإن القسم يسعى دائما لتطبيق افضل المعايير العالمية في هذا المكان. هذا ما يؤكده الرائد حمد المحرزي مدير فرع تنفيذ الأحكام فيقول: يحظى القسم باهتمام كبير جداً من قبل القيادة الشرطية، التي توجه بتطبيق أفضل الخدمات على مستوى العالم، ويتضح ذلك من خلال الاطلاع على أفضل المقارنات والمعايير دولياً، بحيث نأخذ من مراكز العالم أفضل المعايير وخاصة المتعلقة بالجوانب النفسية والعلاجية والأنشطة الرياضية والعلاجية لنصبح من أفضل الأقسام بالعالم. ويوضح أن من أهم أسباب دخول الأحداث القسم، التفكك الأسري ورفاق السوء، والطيش وعوامل الفراغ. «الاتحاد» مع نزلاء «قسم رعاية الأحداث» وجـــوه لا تخلو من البراءة أبوظبي (الاتحاد) وراء كل نزيل قصة، أبطالها أطفال صغار السن، حديثو العهد بالجنوح، قد يكون أساسها الطيش أو رفاق السوء أو التفكك الأسري. وما بين ذكور تملكهم الطيش والفراغ، وإناث أردن التحرر والانعتاق من قبضة أب متسلط أو أم جائرة أو زوجة أب، أو الهروب من حلقة فقر تكاد تخنق بعضهن، كانت هذه الجولة لـ «الاتحاد»، في محاولة لدخول عالم هؤلاء الصغار الجانحين، واستكشاف أسرارهم، في مقابلات لم تخل من الصراحة والأريحية والندم. بداية، يرى (س م) في الصف الثاني عشر، والذي قضى 4 أشهر بالمركز، أنه ضحية شجار وعدم تحكم في الغضب. وعما تعلمه من المدة التي قضاها بالمركز، يشير إلى أنه استفاد من دورات عدة، منها: إدارة الغضب، والإنقاذ والأعمال العسكرية، كما تعلم الالتزام الأخلاقي والديني، واحترام الكبير وتوقيره. فراغ وتفكك على العكس منه، زميله (ع، هـ) 15 سنة في الصف الحادي عشر، حيث يعتبر أن الفراغ وطيش الشباب وعدم مراقبة الأهل والتفكك الأسري، هي أبرز أسباب وجوده بالمكان. ويوضح أنه بدأ تعاطي المخدرات، في سن لم يتعد 12 عاماً، بينما بدأ تجربة أول سيجارة في سن 8 سنوات. ويعتقد أن الطيش لم يكن السبب الوحيد الذي قاده للمخدرات، بل أيضاً شجار الوالدين أمامه وإخوانه، لافتاً إلى أن ذلك كان يترك في نفسه أثراً سيئاً، خاصة أن والده كان يلقى بمسؤولية فشل أي من أبنائه على والدته. اليوم، يتمنى (ع، هـ) أن ينعم بالسلام في العالم الخارجي، ويكمل دراسته الجامعية، ويصبح ضابط شرطة. طيش أما (ق، ي)،17 سنة، تسبب في وفاة أحد أصدقائه وإصابة آخر بجروح بالغة أثناء قيادته لسيارة من دون رخصة. ويروي قصته بالقول: «إنه ارتكب الحادثة بعد أن أراد توصيل مجموعة من أصدقائه إلى منازلهم، وبعد تجاوز السرعة المسموح بها بكثير، انحرفت السيارة عند أحد المنحدرات، ولم يستطع السيطرة عليها، فتدهورت أكثر من 10 مرات، ما أدى إلى وفاة صديقه». ويكمل: «استفقت في المستشفى، ولم أستوعب ما جرى، وأصبت بصدمة كبيرة، لم أتخلص منها إلا على يد اختصاصية نفسية بالمركز». ويضيف (ق، ي) الذي كان صائماً يوم زيارتنا المركز: «إنه أصبح يواظب على تلاوة القرآن، وأداء الصلاة في وقتها»، مؤكداً أنه استفاد كثيراً من البيئة المتكاملة في المركز، معرباً عن أمله في أن يجد شبيهاً لها في المجتمع الخارجي، بما يسمح للطلاب من الاستفادة من المناشط والدراسة والرياضة لتفريغ طاقاتهم، إلى جانب التعلم والتركيز على استقامة السلوك. سيارات في حالة تشغيل من جانبه، يقول (ن، ك) 18 سنة في الصف الثاني عشر: «إن الفضول وطيش الشباب دفعه لسرقة السيارات والاستيلاء عليها بعد أن يتركها أصحابها في حالة التشغيل»، مضيفاً: «كنت أجوب بها الشوارع مسافراً من مدينة إلى أخرى». ويقسم (ن، ك) الذي يتقن عزف آلات موسيقية عدة، منها الجيتار والبيانو، على أنه تعلم درساً لن ينساه أبداً، وقرر التوبة والعدول عن مثل هذه الأفعال. أما «س»، فينغمس في كتابه المفضل غير مبالٍ بمن حوله من الناس، اتخذ من الكتب أصدقاء، مؤكداً أن حالته النفسية تحسنت كثيراً مقارنة بأيام دخوله قسم رعاية الأحداث بأبوظبي، حيث وجد به من ينصت إلى مشكلاته، ويقف إلى جانبه وينصحه. 3 بنات يضم المركز 3 بنات عربيات فقط، اختلفت اهتماماتهن عن سابقيهم من النزلاء الذكور، وتؤكد (س، م)، أن المشكلات الأسرية والفقر كانت سبباً في هروبها من المنزل، ما دفع والدها لإبلاغ الشرطة عنها. وتروي قصتها قائلة: «أبي عصبي جداً، كان يضربني، ورأيته يضرب والدتي قبلي وهي حبلى، كنت أشعر بالعجز». وتضيف: «والأكثر من ذلك، أنه لا توجد غرفة مخصصة لي أنام فيها وتحترم خصوصيتي، حيث نعيش جميعنا في غرفة وصالة». وتتابع والدموع تملأ عينيها: «منذ كنت طفلة أتمنى أن أحظى كبقية صديقاتي وزميلاتي بغرفة خاصة بي، أضع بها لعبي، وتحفظ كرامتي». وتشير إلى أنها عندما كبرت أصبحت ترغب في الخروج مع صديقاتها، الأمر الذي لم يتفهمه والدها الذي عاقبها بـ «حلق شعرها»، واقتيادها إلى المركز. وعن رسالتها للبنات في سنها، قالت (س، م)، والتي سبق وفقدت طحالها وأحد كليتيها إثر سقوطها من الطابق الرابع، أوصي الفتيات بأن لا يتركن منازل أسرهن، لأنهن سيتعرضن لأسوأ المعاملات، مشددة على أهمية تواصل الأم مع بناتها، الأمر الذي يشكل حصانة لهن في وجه كل المصاعب والعقبات. والداي سر شقائي تخفي (ر، ع) 16 سنة، خلف ابتسامتها شقاء تسبب فيه أبواها، حين استحالت عليهما قيادة الحياة معاً، حيث طلبت الأم الطلاق وتركت ابنتها وعمرها لا يتجاوز 4 أشهر وتزوجت. انتقلت الفتاة إلى بيت جدتها، وترعرعت بين عماتها بعد أن تزوج والدها كذلك، لكن ظل الحنين يشدها لوالدتها، فحاولت الاتصال بها، إلا أن والدتها رفضت التجاوب معها. تلك المشكلات التي أصبحت تتخبط فيها يومياً، دفعتها للهروب من البيت أكثر من مرة، ولم تستفق إلى أن وجدت نفسها في المركز. واليوم، تبدي (ر، ع) ندمها، مؤكدة أن جدتها وعماتها لم يقصرن أبداً في حقها، لكنها تحمل حقداً في قلبها على والدها الذي قص شعرها ولم يتحمل مسؤوليتها. التفكك الأسري والفراغ يحتوي قسم رعاية الأحداث بأبوظبي على كوادر واختصاصيين يعملون مع الحدث منذ دخوله إلى خروجه من القسم، ومن هؤلاء مروة الشحي اختصاصية نفسية، التي تقول: «إن عدد الأحداث بالقسم يزيد خلال العطل الرسمية للمدارس، فيما ترتكز خطة العمل الإصلاحية على أسس فردية؛ بحيث إن كل حدث توضع له خطة بما يتناسب مع قدراته وهواياته لتوجيهه التوجيه الصحيح». وعن الصعوبات التي تواجه الاختصاصي في القسم، توضح: رفض بعض أولياء الأمور لأبنائهم، وعدم رغبتهم في استقبالهم في منازلهم بعد انقضاء المدة. ضحايا الآباء والمجتمع تقول رقية عبده، الاختصاصية الاجتماعية بقسم رعاية الأحداث بأبوظبي، المسؤولة عن الفئة الصغيرة والوسطى؛ والتي تتراوح أعمارها بين 12 و15 سنة: «إن عملها يتلخص في بحث بناء علاقة مهنية بين الحدث وفريق العمل». وتشير إلى تقدم برامج مختلفة حسب السلوكيات، مضيفة: «عملي يبدأ بعد الاختصاصية النفسية، بحيث أساعد بقية الفريق على إنجاز خطة علاج للحدث، ونبدأ بتطبيقها». أما عن رسالتها للمجتمع وللآباء، فإنها تحمل المسؤولية للأب والأم، مضيفة: «لاحظنا أن الطفل الحدث يرغب في التواصل، وفي غالب الأحيان لا يجد من ينصت إليه، لذا نوفر له كل احتياجاته النفسية والاجتماعية والرياضية والدراسية داخل القسم، ولكن عندما يخرج للمجتمع لا يجد البيئة نفسها». وتضيف: «هناك من الآباء من يعتبرون هذا الطفل، الذي أعتبره ضحية، مجرماً، ويرفضون تقبله، وكل ما يحتاجه هؤلاء هو التقبل والحب والإنصات لمشكلاتهم والتواصل معهم، وهذا ما يفتقدونه في داخل أسرهم». غياب دور الأب يكاد يجمع الاختصاصيون على دور الأسرة في تربية الأطفال، وتجنبهم مثل هذه المشكلات التي قد تؤثر سلباً بالحدث. وفي هذا الخصوص، تقول نجلاء علي، اختصاصية اجتماعية مسؤولة وحدة التنسيق الأسري: «إن عملها يتمثل في التواصل مع أسرة الحدث، وعقد جلسات معهم»، مؤكدة «أن البيئة الفاسدة في الأسرة هي بؤرة المشكلة، فالحل الأول يكمن في إصلاح الأسرة نفسها»، مشيرةً إلى أن غياب دور الأب في البيت، وعدم توافر القدوة الحسنة، والثقة الزائدة في الأبناء، والإهمال، وغياب الضبط، كلها من الأسباب التي تؤدي مباشرة إلى انحراف الطفل، إضافة إلى عدم الاهتمام وإهمال الطفل، والمشاحنات بين الأب والأم، وعدم اختيار الرفقة الصالحة للابن، وعدم الوعي الكافي بالمرحلة التي يمر بها، وكذلك غياب الوعي، وانشغال الوالدين عن الأبناء، وغياب الحوار. وعن العلاج لمثل هذه السلوكيات، توضح أن سر خروج الطفل من مثل هذه المشكلات هو تفهم الآباء واحتواؤهم له، ورعايته، وعدم اتهامه بالجنوح قبل صدور أي حكم عليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©