الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهدي والحزب الحاكم

31 مايو 2008 01:48
أقدم السيد الصادق المهدي، إمام طائفة الأنصار ورئيس آخر حكومة ديمقراطية للسودان، أقدم على خطوة سياسية حزبية أثارت وما زالت تثير كثيراً من الجدل حول غاياتها وأهدافها، وهل هي حسبما أعلن عنها هدفها التراضي ولا شيء غيره، أم هي أكثر من ذلك؟ الخطوة تمت في اليوم الحادي والعشرين من هذا الشهر بتوقيع اتفاق بين حزب ''الأمة'' وحزب ''المؤتمر الوطني الحاكم''، وقد وقّعه في مهرجان شعبي رئيس الجمهورية نيابة عن حزبه، والإمام ''الصادق المهدي'' نيابة عن حزب ''الأمة''، وقد حددت وثيقة ما سُمي بالتراضي الوطني الكثيرَ من القضايا التي تواجه السودان وينبغى العمل على حلها سويّاً، وعلى رأس ما اتفق عليه من الثوابت الوطنية، تأكيد دور الدين كمرجع وموجّه هام للناس وحرية العقيدة والضمير، والتعايش السلمي بين الأديان ونبذ التناحر، والالتزام بالدستور والقانون والوحدة الوطنية للسودانيين في الشمال والجنوب ودارفور كواحدة من أهم أسس التراضي الوطني، ونادى الاتفاق بوقف إطلاق النار في ذلك الإقليم وحصر القوة، ونزع سلاح الميليشيات العسكرية، وفك الأسرى لدى أطراف النزاع، إلى غير ذلك من التفاصيل المتعارف عليها· ودعا السيد المهدي كل فصائل العمل السياسي للانضمام لهذا التوافق، وقد بادرت قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بالترحيب بهذا التوافق، وقال أمينها العام -السيد باقـــان أمـــوم-: إنه قد حـــان الوقت ليختار كـــل فصيل أو حزب سياسي مع من يتحالف، لاسيما أن السودان مقبل على إجراء انتخابات عامة على أكثر من مستوى في العام المقبل· أما التحالف الوطني السوداني، الذي يضم عدداً من الأحزاب المعارضة، فإنه أبدى تحفظاً حول ما تم من اتفاق بين حزب الأمة وحزب المؤتمر الوطني، وقال: إنه لم يـــأت بجديـــد، وإن التركيز كـــان ينبغي أن يكــــون حول قضيـــة القضايا وهي وسائل وطرق التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة· غير أن أهم ما استرعى انتباه المعلقين، هو أن حزب الأمة كان يقف بصلابة ووضوح ضد أي اتفاق ثنائي مع الحزب الحاكم، بل إنه في سبيل تمسّكه بذلك الموقف قبل نحو ثلاثة أعوام تسبب في وقوع انقسام كبير في الحزب قاده أحد كبار قـــادة الحزب وهو السيد ''مبارك عبدالله الفاضل المهدي'' الذي كافأه الحزب الحاكم بأن أسند له منصب مساعد لرئيس الجمهورية، إضافة إلى عدد من المناصب الدستورية التي منحت لعدد من أنصاره، ولكن ذلك الوضع لم يدم طويلاً عندما اكتشف ''السيد المبارك'' أن الحزب الحاكم يخدعه ولا يترك له سلطة تذكر، فاستقال وأعلن عن عودته إلى الحزب الأم -حزب الأمة- منتقداً تلك التجربة بوضوح وبشدة· لكل هذا وغيره يعجب كثير من المعلقين من الموقف الجديد لحزب الأمة، ويذهب بعض المعلقين مذاهب شتى، من ذلك القول بأن السيد المهدي يريد أن يسبق غريمه ومنافسه السياسي في الحكم السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الذي يتوقع أن يصل مع الحزب الحاكم، بعد عودته القريبة للسودان، إلى نوع من الاتفاق قد يصل مرحلة التحالف، في حين يرى آخرون أن الظروف المالية لحزب الأمة قد تكون هي ما دفع السيد الصادق لتلك الخطوة، لاسيما أن الانتخابات المقبلة تحتاج إلى إعداد مالي كبير ومتصل قد يوفره هذا التحالف مع الحزب الحاكم· مهما يكن من أمر، فإن الخطوة التي خطاها السيد المهدي وحزبه من شأنها أن تثير حراكاً سياسياً وحزبياً هامّاً في السودان الشمالي إعداداً واستعداداً للانتخابات العامة التي مقرر لها أن تجرى في العام المقبل· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©