الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كورنيش أبوظبي.. ترفيه للجميع بأسعار معقولة

كورنيش أبوظبي.. ترفيه للجميع بأسعار معقولة
26 ابريل 2010 20:23
الجميع يشتكي من غلاء الأسعار وهذا واقع لا تنكره أسواق العالم قبل المستهلكين، ولكن لكل مدينة أسرارها الخاصة ولكل شخص أسلوبه الخاص للتمتع بجمال المدينة من دون «مصاريف ترهق الكاهل وتبخّر الراتب»! وأمام الفنانين في ممارسة هواياتهم وحياتهم بأرخص الأسعار ومن دون التخلي عن النوعية الجيدة، ثمة الناس «البريستيج»، أو محبو الـ«فشخرة»، الذين وإن توافرت لهم النوعية الجيدة بسعر مناسب، فهم يركضون من أجل شراء الماركات وارتياد أغلى المطاعم والسباحة في المكان الباهظ ثمناً. جيريمي يصرّ على أنه «ثمة مبالغة في الاعتناء بالمظهر وباختيار الأماكن التي نرتادها لا مبرّر له»... فجيريمي الذي قدم من الولايات المتحدة الأميركية إلى الإمارات العربية المتحدة وأقام في أبوظبي، يعرف تماماً كيف يتمتع بكل ما توفره أبوظبي للمقيمين والمواطنين بأسلوب «متوازن»... ويقول «إنها مسألة خيار، فكلنا نريد أن نرتاد أماكن نظيفة وخضراء للتنزه ومطاعم مميزة لتناول الطعام... ولكن من قال إن ذلك غير متوافر بأسعار معقولة!». يتحدى جيريمي صديقه القادم من مصر لتحديد «الفرق بين مطعم شعبي ونظيف ومطعم نظيف إنما ليس بوسع ذوي الدخل العادي ارتياده لأن أسعاره باهظة بحكم وجوده في أفخم الفنادق في العاصمة»... ويقول «الاثنان مكيّفان والاثنان يقدمان نوع المأكولات نفسه، وبمستوى النظافة والعرض عينه، فما الفرق»؟. ويضحك جيريمي ليضيف «أنا سأجيب عن سؤالي... إن الفرق يكمن في القول إننا كنا في قصر الإمارات أو فندق الشانغريللا، وليس في الخالدية... والأمر نفسه في السيارة التي نختارها، هو المظهر الذي نركض وراءه أكثر من الحاجة التي نريد تلبيتها». حب التظاهر هاني اسكندر يقول «يحب العرب البريستيج، لأنهم يسعون وراء الأشياء الغالية فيما نرى أن الأجانب عمليون أكثر منا. وبالطبع هذا ليس بالتعميم المطلق ولكنه الغالب». ويرى اسكندر الذي يعيش في الإمارات منذ 20 سنة، وقد قدم إليها من مصر، أنه لاحظ كيف يهتم كل العرب من بلدان مختلفة بالخروج نفسه أكثر من الاستمتاع بالخروج، وأن ثمة رغبة لذكر الأماكن التي خرجوا إليها واشتروا منها على عكس الأجانب الغربيين. وهذا يساق إلى نوع السيارة التي نختارها وماركات الثياب التي نشتريها. ويقول «إنه حب التظاهر، فثقافتنا تفتقد إلى العملية في الحياة، فعمدة لندن يستقل مترو الأنفاق في تنقلاته، في حين أن أصغر عامل عربي يريد سيارة بريستيج للتنقل بها ولا يستخدم النقل العام حتى لو كان ذلك يعني توفير الوقت الذي يقتضيه لإيجاد مكان يركن فيه سيارته». هاني يفترض أن المرء يحتاج لمعرفة مدينة للتمتع بما تقدمه لسكانها من دون تكلفة عالية، وبما أنه عاش لفترة طويلة في أبوظبي، فهو يعرف أن يتمتع بما توفره المدينة من وسائل تسلية وترفيه وتنزه ومطاعم أكثر من سواه، ويقول «من المهم معرفة أسرار البلد، وبالنسبة لي فأنا لا أهتم بما يقولون عنه «فشخرة» ولكنني لا أتنازل عن بحثي عن النوعية الجيدة، فإن عدم الاهتمام بالمظاهر البريستيجية لا يعني بالنسبة لي التنازل عن مستوى ما يقدم، وأبوظبي مدينة جميلة وفيها الكثير لمن يعرفها». ضغط المجتمع عليا الحبشي، موظفة مصرف ومتطوعة في مؤسسات اجتماعية، وطالبة ماجستير في الموارد البشرية، تشرح «نحن مجتمع استهلاكي بمعنى أننا لا نبحث عن النوع إنما عن كل شيء جديد في السوق وإن لم يكن ثمة حاجة إليه، ويساق ذلك إلى أسلوب تمتعنا بمدينتنا». وترى أن المسألة نسبية بين الأشخاص، إنما الغالبية في المجتمعات العربية تهوى «الفشخرة» والمظاهر»، وتعيد ذلك إلى الضغط العام الممارس من المجتمع على الفرد، فيؤثر على أسلوبه بالعيش وعلى طبيعته في مقاربة الأمور». ومع أن الفطن في أسلوب صرفه ينظر إليه على أنه «بخيل»، تقول عليا «أنا أميز جيداً بين البخل والفطنة في صرف الأموال، فالبخيل هو من يبخل في الأمور الأساسية فيما «الخريف» لا يبخل بها إنما ينتبه إلى كيفية صرفه في الأمور الثانوية». وعن أسلوب حياتها وصديقاتها، تقول «أستخدم سيارتي ولا ألجأ للتاكسي أو النقل العام، فقد استقليت المترو في دبي مع صديقات لي فقط لتجربته ولكننا لم نفكر بالاستعاضة عن سياراتنا باستخدامه، إذ ليس هناك ثقافة عامة تشجعنا على ذلك، وكوننا فتيات فإن الأمر يختلف بيننا وبين الشباب إذ أن الفتاة في مجتمعاتنا العربية تفضل عدم الاضطرار إلى استخدام المترو». وتقول «حين تتاح أمامنا الخيارات، ففي الغالب نحن كعرب نلجأ إلى الخيار الباهظ ثمناً». وتميز عليا بين المجتمعات الاستهلاكية إلى حد كبير والمجتمعات الأقل استهلاكاً، بالقول «حين يكون دوام العمل مرهقاً وليس هناك من متنفس وكل الناس في الدول العربية يركضون وراء لقمة العيش، فإن «الفشخرة» تصبح نوعاً من التنفيس والصرف بحد ذاته يصبح هو المتعة في الحياة». المجد للأغلى رانيا صوايا، متخصصة في التغذية وأم لثلاثة أطفال، تقول «عندي مثل أطبقه في الغالب وهو «على قدر بساطك مدّ قدميك»، وهذا يعني أنني أتحرك ضمن الميزانية المتوافرة، فأنا أم لثلاثة أطفال وبت أفكر بهم وبمستقبلهم أكثر من أي وقت مضى... ومن حين إلى آخر أحب أن أدلع نفسي بشراء شيء ما ربما غالي بعض الشيء، أو أختار مطعماً معيناً من باب أنني أنظر إلى نفسي، ولكني حين أريد السفر مثلاً أحجز على طيران أقل ثمناً من سواه في حين أعرف كثيرين لا يسافرون إلا في الرحلات الأغلى، والمسألة تختلف من شخص إلى آخر، فحين يكون عدد أفراد العائلة كبيراً لا أرى أنه من المناسب عدم التنبه إلى الفرق في مجموع ثمن تذاكر بين شركة طيران وأخرى». وتقرّ أنها لو كانت عزباء لربما فعلت مثل سواها واختارت الأغلى في كل شيء. ولكن يلفتها أن غالبية محبي البريستيج يسعون إلى تعريف الآخرين بما يقومون به، كأن تقول إحداهنّ «أنا لا أشتري في فترة التنزيلات أبداً، ثوبي «ماركة» اشتريته مباشرة قبل التنزيلات». وبدورها، تشير عليا الحبشي إلى أن «السائد هو شراء الأشياء الغالية والجديدة في السوق، مثل الهواتف والسيارات والثوب حين تنزل إلى الأسواق الموضة الجديدة والمجوهرات وما إلى هنالك». طباع تتغلب على الشعوب العربية، على الرغم من أن معظمها لا تتمتع بدخل مناسب لتلبية الحاجة إلى التمظهر بالأحدث والأفضل، وتقول عليا «حين ارتفعت الأسعار في العالم أجمع نتيجة الأزمة الاقتصادية، تراجعت القدرة الشرائية لدى الناس، ولكن هنا في الإمارات كانت قد رفعت الرواتب نسبياً بالتوازي مع هذا الارتفاع في الأسعار، ولكن بالمجمل الشباب والشابات أكثر من الأهل، المتخرجين حديثاً من الجامعات ويعملون ولا همّ آخر لديهم، يحبون صرف تعبهم على شيء ثمين وله قيمته، وربما حين يصبح المرء مسؤولاً عن آخرين لن يتصرف بالطريقة نفسها في حبه للمظاهر. وما يدهشني هو هؤلاء الذين لا يحصلون على رواتب عالية ويقترضون من دون خوف من المستقبل فقط كي يتلاءموا مع الآخرين في مجتمعهم لناحية الرفاهية والترف في العيش». يوم كامل في أبوظبي جيريمي يعرف كيف يمضي يوماً جميلاً في أبوظبي من دون تكاليف عالية. ويقول «المسألة ليست بخلاً إنما ثمة الكثير المتوافر لكل الناس على اختلاف طبقاتهم، ولكن قلة منهم يعرفون الاستفادة منها». ثمة فرق بين أن تطلب فطورك في مطعم فندق حيث قد تصل فاتورتك إلى 200 درهم للفطور فقط، وبين أن تتناول شيئاً مشابهاً وأنت تتمشى على الكورنيش، فتجلس في مكان لطيف وتأكل سندويشاً أو «منقوشة» مع عصير طبيعي ولا تدفع إلا 25 درهماً أو حتى أقل من ذلك، أو أن تنطلق للتمشي على الكورنيش وللتمتع بمنظر البحر على طول امتداد ساحل أبوظبي بعد تناول فطورك في المنزل الذي تبلغ كلفته 10 دراهم إذا جعلته دسماً. ثمة فرق بين أن تستقل سيارتك وتمضي الوقت متوتراً بحثاً عن موقف لها، وبين أن تصل الكورنيش من أي مكان في أبوظبي بالنقل العام بدرهمين أو درهم واحد فقط. وإذا استغللت التاكسي فالمسافة هنا تحكم وإنما تصل في أقصاها إلى 10 دراهم. ولكن ما الضرر من استغلال النقل العام! للسباحة، ثمة أماكن مجانية متاحة ومرافق صحية متوافرة، ولمزيد من البردخة، فقد نظمت بلدية أبوظبي في الشاطئ العام أماكن للعائلات وأماكن للشباب، تختار ما يناسبك فتدفع 10 دراهم للدخول إلى شاطئ جميل ونظيف فتستلقي هناك وتتشمس وتعوم وتتمتع بالمناظر، وبوسعك أن تحضر معك زجاجة مياه ومأكولات وعصائر، وثمة من يسعى لإبقاء المكان نظيفاً طوال الوقت وبوسعك أن ترمي كيس النفايات في إحدى المستوعبات المتناثرة حولك للمشاركة في المحافظة على النظافة، قد يبلغ ثمن ما تحضره معك 20 درهماً أو حتى 30 درهماً، في حين أنك إذا اخترت أن تسبح على شاطئ أحد الفنادق، وهو الشاطئ نفسه في المحصلة، قد يصل ما ستدفعه إلى 350 درهماً... وهي المياه نفسها التي تسبح فيها، والبحر واحد. بالوسع استئجار دراجة بعشرين درهماً في الساعة والتمتع برياضة ركوب الدراجة على الكورنيش. وفي المساء، لا بأس ببعض الفشخرة مع عشاء خفيف أو ثقيل ودسم مع نرجيلة وشاي أو عصائر بمبلغ قد لا يتجاوز 35 أو 40 درهماً. أو أن تختار عشاء في مطعم فخم خارج الفنادق أو داخلها وتدفع على الأقل 150 درهماً (الحد الأدنى). إنه يوم عطلتك، والمحصلة لتدليع نفسك في أبوظبي مثالاً هي إما 150 درهماً كحد أقصى إذا اخترت الاستفادة من الشاطئ العام والحدائق العامة والمرافق المتواضعة في أسعارها، أو800 درهم، لتتمتع بالأمور نفسها. فماذا تختار؟
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©