الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شاي «العصر» !

26 ابريل 2010 20:37
يقول الشاعر أحمد الصافي في قصيدة مديح الشاي: يغيب شعور المرءِ في كؤوس ِ الطِلا.. ويصحو بكأس الشاي عقل المفكرِ إذا ما فار في السمـــــــــاور ماؤه.. سمعت له أنغام نايٍ ومــــــــزهرِ!. قيل: «الشاي خمر المؤمنين»!، وهكذا تغزّل الشاعر في قصيدته العصماء الفريدة، بمشروبه السحريّ الشاي الأحمر، مقتفياً نهج شعراء الغزل العفيف في وصفه، متفوقاً عليهم في تمجيد محبوبه غير التقليدي، مادحاً لونه ومذاقه وشكله وفوائده وتأثيره، حتى أنزله منزلة الجواهر فقال: إذا صُبّ في كأس الزجاج حسبته .. مُذاب عقيق في كأس جـــــــــوهرِ!. ولا بأس، فالناس في ما يعشقون مذاهب!، ولكن ماذا لو رأى ما رأى الصافي «كييّف» الشاي اليوم، من انقلاب في قائمة المشروبات التي أفرزتها العولمة، وتلاقح الحضارات، وما استجد من تعدد نكهاته، وفي طرق إعداده وتقديمه، وخَبرَ الشاي الـ «Tea bag» أبو الفتلة، الذي يشبه «تلواح» الصقّارين، أو كحرز مخيط في وسائد الرضّع، وأكواب XXL، خلافاً للاستكان أو: «EAST TEA CAN» كما أطلق عليه الإنجليز، وعصر الـ «ice tea» الشاي المثلج، وشاهد تشكيلة المراضع العملاقة، أو الأباريق الحافظة للحرارة، أو الزمزميات البلاستيكية، فربما سيلقي بسماوره، وأباريقه، وبكؤوسه في الشارع، ويقدّم اعتذاراً لمشروبه الأصيل ولما حلّ به، وربما نعاه في قصيدة على ذات الوزن والقافية!. الشاي مشروب الغني والفقير، ويعتبر من المشروبات الأكثر شعبية في العالم، وعلى اختلاف الناس في مشاربهم، ومسالكهم، إلاّ أن هناك من بقي محافظاً على طقوسه التقليدية في إعداده وتقديمه، كعادة متوارثة أصيلة، لها دلالاتها في توجيب الضيف وإكرامه، ويتفاخرون في ما بينهم في جودة تحضيره، لذلك حرصوا على أصالتها وتأصيلها بالتمسك بأدواته التقليدية القديمة، والاحتفاء بطقوسه الجميلة الحميمة، التي تشيع في جوّها الجماعي الدافئ المحبة والمودة. من الشعوب التي لا تزال محافظة على طقوسها العريقة في تقديم الشاي اليابانيون، على الرغم من تفضيلهم الأخضر منه لفوائده الصحية، والأتراك، والإيرانيون، والدول التي تقع على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، كالجزائر، وتونس وليبيا، وكذلك المغرب وموريتانيا، وبعض مناطق العراق، أما الإنجليز فلا يزالون يحافظون على توقيت شاي العصر بكامل طقوسه، وفي المناطق الريفية من إنجلترا، إذ يتمركز أكبر مجلس للشاي البريطاني، الذي يُعنى بكل ما يخص الشاي ابتداءً من تصنيعه وتسويقه، وطرق تحضيره. أما نحن، فأغلبنا اكتفى بـ «مك» وبظرف أبو فتلة، في صورة لأبشع مظاهر العزلة، والفردية، في وقت هناك من يُصْر على تثبيت هويته عبر مشروب ساخن كالشاي! فاطمه اللامي Esmeralda8844@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©