السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الماليزي «تاش أو» يكتب الحياة بلا رتوش في «ملياردير خمس نجوم»

الماليزي «تاش أو» يكتب الحياة بلا رتوش في «ملياردير خمس نجوم»
8 مارس 2013 23:55
مريم جمعة فرج (دبي) - يعتبر الكاتب الماليزي «تاش أو» أحد أهم مبدعي جنوب شرق آسيا الشباب، الذين يكتبون باللغة الإنجليزية. ومؤخرا تصدر الإعلان عن روايته الثالثة «ملياردير خمس نجوم» فورث إستيت، لندن، عناوين الصفحات الثقافية وحظي موضوعها الذي يدور حول أزمة الهجرة بإعجاب النقاد. تأتي هذه الرواية بعد نشر المؤلف روايتي «خارطة العالم الخفي» 2009 التي تقع أحداثها في»اندونيسيا» في مرحلة الستينيات من القرن المنصرم، و»مصنع الحرير المتوائم»2005، الحائزة على جائزتي «وايتبرد» و»جائزة كتاب الكومونولث»، التي تقع أحداثها في ماليزيا في أربعينيات القرن الماضي. وقد كشفت كل من هاتين الروايتين عن موهبة «استطاعت أن ترسخ جذورها عميقا في عالم الكتابة الروائية، حسب وصف الروائية العالمية «دوريس ليسنغ». كما استطاعت أن تبرزه كأحد أهم الأصوات المتميزة، الموجودة على خارطة الإبداع الأدبي الآسيوي المعاصر. وبالنسبة لهذه الرواية، فقد لا يكون موضوعها جديدا، لاسيما وأن مشكلة الهجرة والمهاجرين لم تكن يوما من إفرازات مجتمعات الحداثة، وإنما ظلت تلقي بظلالها عبر التاريخ الإنساني بأكمله. غير أن مؤلفها ربما تمكن من تقديم نموذج يليق بسؤاله.. متى تتحقق أحلام الجيل الشاب، من أبناء القارة الآسيوية الذين يعيشون في الشتات؟ وبداية فإن رواية «ملياردير خمس نجوم» تفتح الباب على عالم متشابه. كما أن شخصياتها تذكر بأنها نسخة مكررة من غيرها، في أي بقعة كانت من عالمنا. أما عن أبطالها فيقول «أو»، « لقد تبين لي أن ثمة ما هو مشترك بيني وبين شخوص الرواية، من حيث أعمارهم، خلفياتهم الثقافية وتنشئتهم الاجتماعية.. هذا فعلا ما يعنيه أن تنشأ وسط فئة معينة من الناس يمثلون جيلك الذي تنتمي إليه.. وفي اعتقادي أننا نجسد كل ما يطمح إليه الآخرون من سكان منطقة جنوب شرق آسيا بوجه عام، لأننا صراحة الجيل الذي تشرب الثقافة الغربية. والسؤال هو ما الذي فعلناه بهذا الطموح إلى اليوم، ما الذي فعلناه بأحلامنا، هل تحققت؟ «. في حين يستمر حلم هؤلاء الطامحين من أبناء ماليزيا، فيغادرون بحثا عن المال والشهرة في الصين الجديدة. شنغهاي، قبلة القادمين من جنوب شرق آسيا، على أمل أن تتحقق أحلامهم في أغنى وأحدث وأجمل أصقاع الأرض. وبينما تبدو المدينة الكونية وردية في أعين هؤلاء، يقدم لنا «تاش أو» صورة صادمة للحياة فيها بلا رتوش. إن كل شخصيات الرواية تأتي إلى المدينة «الكوزموبوليتانية»، محملة بأحلامها وآمالها الكبار، حتى دون أن تدري بتقلب مزاج المدن الكونية وحظوظها المتأرجحة، المؤثرة في البشر. وها هي إحدى بطلاته، في المشهد الذي تقع أحداثه في أحد المتنزهات العامة، شابة متأنقة، تلتقي بائع عجوز، يكتشف أنها كانت تريد التقاط صورة لنفسها، عبر هاتفها المحمول، لاستخدامها للترويج لنفسها عبر شبكة الإنترنت من أجل الحصول على المال. وفي حين لاتبدو ملامح المهاجرين واضحة عليها، يتقدم منها الرجل عارضا عليها المساعدة في التقاط الصورة. إلا أنه سرعان ما تبدو عليه علامات الذعر من هاتفها الرخيص، الذي يستغرب من اقتنائها له مخاطبا إياها «إن هذا الهاتف من طراز قديم جدا، ويبدو أنه ذات الهاتف الذي كان يمتلكه حفيدي قبل سنوات ثلاث، يومها كان تلميذا في المدرسة المتوسطة». وفيما يشبه الدراما التلفزيونية، تتحرك شخصيات الرواية، على امتداد العمل الذي تناهز صفحاته الـ 500. وتظهر نزعتهم المادية كعامل مشترك. كما أن القارئ سيفاجأ بأن تلك المرأة المنهمكة في التقاط الصور لنفسها، لم تكن سوى بطلة «أو»، المهاجرة غير الشرعية «فويب» عاملة المصنع الشابة، التي تصل إلى شنغهاي سعيا وراء الحصول على وظيفة كانت قد تعاقدت عليها مع إدارة شركة صينية، عبر إحدى وسائل الاتصال. إلا أنها بوصولها إلى هناك تفاجأ بأنها كانت مجرد ضحية لإحدى الشركات الوهمية. وشيئا فشيئا يقدم المؤلف أبطاله. فيتعرف القارئ على «والتر تشاو» ملياردير الخمسة نجوم المراوغ، الذي يحيط حياته الشخصية بالسرية والمشروعات غير واضحة المعالم. ويمتد نفوذه ليصبح محو ارتكاز بقية الشخصيات. ومن بين مريديه « ينغ هوي» الناشطة السياسية الماليزية، المعروفة كمثقفة مرهفة، متذوقة للشعر، التي ما أن تلتقي به حتى تعيد تشكيل حياتها كإحدى سيدات الأعمال، وقبلة للمزايدين على دلالها مثل «جستن» الثري الذي يبدد مال أسرته، الذي يجلبه من ماليزيا للاستثمار في شنغهاي. وإضافة إلى شقيقه ترتبط هذه المرأة بـ «فويب» التي تختلس حبيبها. أما «غاري» فهو مهاجر قروي شاب، يسطع نجمه كموسيقي بارز، ثم يخبو فجأة بمجرد أن تطيح بسمعته صورة تلتقط بواسطة هاتف محمول. وهو ما يبدو فرصة سانحة للكاتب ليدفع بتطور الأحداث باتجاه خلق علاقات مصالح أكثر تعقيدا بين أبطاله. فما أن تبحث «فويب»، التي تسرق بطاقة شخصية لمديرة مركز تجميل تتقمص شخصيتها، عن صديق يلائم وضعها المادي والاجتماعي المفبرك، عبر شبكة الإنترنت، حتى يكون «غاري» بانتظارها، دون أن يدخر أحدهما وسعا في خداع الآخر. إن رواية «ملياردير خمسة نجوم»، على الرغم من تشابه بعض تفاصيلها مع تفاصيل روايات «تاش أو» السابقة، إلا أنها تختلف تماما في تجسيدها لنوع مضاد من الشخصيات. وفي حين تظهر لدى أبطال «مصنع الحرير المتوائم» و»خارطة العالم الخفي» مشاعر الانتماء القوية للوطن، ينكر أبطال هذه الرواية مبدأ الانتماء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©