السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الرسائل الإلكترونية تحكم المراسلات الشخصية

الرسائل الإلكترونية تحكم المراسلات الشخصية
31 مايو 2008 03:18
كان للرسالة البريدية رونقها الخاص وعبقها، كان يكتبها المرء وينتظر الرد عليها اسابيع وشهوراً يتلمسها ويقرأها مرات ومرات· كانت تلك الرسالة تكتب على ضوء الشموع، بأنامل كاتبها يصب فيها كل مشاعره وأحاسيسه بحروف جميلة مسطرة بعناية قد تحمل الحزن وقد تحمل الفرح كأنها قلب ينبض في يد البوسطجي القادم على دراجته العتيقة او حتى في صندوق البريد الذي يعلوه الصدأ· لكن في عصر الإنترنت أصبح للشخص الحق الكامل في كتابة عشرات الرسائل المقتضبة عبر البريد الإلكتروني الذي لا يحمل قلباً، ولا يأتي على دراجة، والذي بعثر كلمات الرسائل الجميلة بطرائقه الحداثية· وكشرت من خلاله العامية عن أنيابها· كما انه وعبر برامج (الدردشة) قد يتحدث الشخص مع صديق أو رفيق أو قريب يبعد آلاف الأميال فمشاعر الانتظار والشوق سحقت تحت قدمي التكنولوجيا· زياد درويش رجل ستيني اعتاد أن يكتب بخط أنيق لزوجته في مطلع السبعينيات حين غادر البلد للعمل في ليبيا· ويقول إن ''لهفة الكتابة على الورق كانت أقوى من أي حدث آخر''· وحين انجبا كان بكر أولادهما محمد، طالب في إحدى الجامعات الروسية العريقة، فأصبح في أواخر الثمانينات الطرف الآخر المرسل إليه· ويضيف درويش ''كنت أصب كل ما لدي على الورق ثم أخبئ الردود في صندوق ما يزال موجود لدي· وكلما اشتقت الى تلك الأيام قرأت الرسائل القديمة ولم يسعفني الحظ في استخدام الانترنت بعكس ابنائي واحفادي''· القلعة الحصينة لعبت ثورة التقنيات دوراً محورياً في تحطم البريد، تلك القلعة الحصينة في عالم الاقتصاد القديم· وأصبح ما يتلقاه المواطنون والمقيمون على أرض الدولة من رسائل على عناوين منازلهم ومكاتبهم أو على صناديق بريدهم هي رسائل للخادمة أو السائق أو مجرد فواتير من هاتف وماء وكهرباء وغيرها من الخدمات بعد أن استغنى هؤلاء عن رسائل الشوق وساعي البريد وأصبح تواصلهم بالهاتف والإنترنت وبالصوت والصورة والرسائل النصية القصيرة التي اجتاحت العالم· ويقول محمد بركة موظف، إن الجانب ''غير الجميل'' لواقع الإنترنت هو ''برود المشاعر والأحاسيس'' مقارنة بالبريد العادي· وهو يعبر عن أساه لفقدان الطوابع الجميلة والخط اليدوي الأنيق، والشوق والحنين ويضيف ''أما ما كسبناه بالبريد الإلكتروني فهو الاتصال الفوري والمباشر مع الأسرة والأقارب والأصدقاء بغض النظر عن أماكن تواجدهم''· البريد الشخصي أما أحمد أبو العلمين فيرى أن البريد الشخصي انكمش بصورة واضحة وتحول الى مجرد بطاقات معايدة ودعوات وفواتير وبيانات مصرفية· ويستدرك قائلاً: ''لكن لابد ان نعترف بسطوة الانترنت والتكنولوجيا على حساب الرسائل البريدية العادية التي قد تضيع في زخم الرسائل او تتأخر اسابيع او حتى شهورا وقد تصل رسالة عقب موت صاحبها''·· محمد أبو بكر ابن الـ 34 عاماً من كيرلا في الهند لازال يخط رسائله لزوجته ولابنائه الأربعة الذين لم يرهم منذ 5 سنوات· ويقول: ''قريتي تعيش في حالة من الماضي لذا الرسالة هي الوسيلة الانسب للاطمئنان على زوجتي وأولادي''· أما محمد اكبر، هندي في الـ 22 من العمر، يقول ''انني اجيد استخدام الانترنت ولكني لا اخفيكم فالرسائل ما زالت ضرورية''· بدورها تقول بارو حبيب الله من بنجلاديش ''لا استطيع العيش من دون الرسائل فانا لا اعرف الانترنت''· اما ايمن الفارسي مهندس كمبيوتر، فيعتبر أن فكرة البريد الإلكتروني ''أعظم اختراع يحقق التواصل الإنساني بعد الهاتف اذ انها الأكثر استخداماً من ضمن خدمات شبكة الإنترنت''· وتمثل 80% من مستخدمي الإنترنت والذين يقدر تعدادهم بـ 300 مليون شخص في العالم· وقال إن استخدام البريد الإلكتروني لا يقتصر على المحترفين والمتخصصين في الكمبيوتر اذ ''تستخدمه جميع الطبقات والفئات الاجتماعية''· وتشير الإحصاءات التقديرية إلى أن عدد الرسائل التي تبادلها مستخدمو الإنترنت عبر البريد الإلكتروني في العام الماضي قد فاق الستة بلايين رسالة· ويرى يوسف طه منظم فعاليات أن الانترنت تجاوز حواجز الزمان والمكان، إذ يمكن استقبال رسائل البريد الإلكتروني وإرسالها أيضاً عبر أجهزة الهواتف الخلوية فضلاً عن السرعة في الإرسال والاستقبال فهي تصل في وقت قياسي بينما يستغرق وصول الرسالة بالبريد التقليدي أياماً عديدة بالاضافة الى جهد مضاعف· ويقول عمر توفيق مسؤول تسويق، إن البريد الإلكتروني يمتاز بقلة تكلفته مقارنة بالبريد العادي، فضلا عن سرعته المتناهية في إنهاء الأمور· ويقول ''بشأن الرسائل والحنين فالزمن الحالي قضى على الكثير من التفاصيل الانسانية الجميلة وقد تكون الرسالة البريدية أقلها ضرراً''· ويؤكد الرئيس التنفيذي لبريد الإمارات المركزي إبراهيم بن كرم أن البريد الشخصي تقلص، قبل دخول البريد الالكتروني للدولة، مع انتشار الخدمات الهاتفية في السنوات الاخيرة وثورة الاتصالات الهائلة· وطغى مكانه مراسلات بريدية من خدمة الطرود، وخدمة البريد المسجل، والبريد المؤمن عليه، وخدمة البريد الممتاز، والحوالات البريدية (المالية، حوالات ويسترن يونيون، صناديق البريد الخاصة، وبريد الجمهور، تذاكر العربية للطيران، وطرود الهند المضمونة، خدمة مبيعات التجزئة، وتصديق الشهادات، وخدمة معاملات رخصة القيادة مع معهد الإمارات لتعليم قيادة السيارات، وبطاقة التهنئة البريدية ''بطاقة المليونير'')· ويشير ابن كرم الى ان الخدمات البريدية تصل الى جميع بلدان العالم لكن القارة الهندية تنال حصة الأسد· ويضيف ان بريد الإمارات سجل رقماً قياسياً في حجم المراسلات البريدية، حيث حطم مركز تبادل الرسائل في الرمول الرقم القياسي عبر تعامله مع أكثر من مليون رسالة بريدية على مدار ثلاثة أيام في الرابع والسادس والسابع من شهر مايو الجاري· وتوقع أن يصل حجم الرسائل خلال السنوات الأربع المقبلة إلى أكثر من 3 ملايين رسالة يومياً، فيما يبلغ حجم الرسائل حالياً نحو 800 ألف رسالة يتم فرزها يومياً في مركز الفرز في منطقة الرمول· أول طابع ويشار الى أن أول مكتب بريد في إمارة دبي افتتح عام 1909 ضمن الوكالات البريدية العاملة في منطقة الخليج وكان يدار بواسطة إدارة بريد الهند، وبعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة صدر القانون الاتحادي رقم(8) في عام 1972 تم بموجبه توحيد الخدمات البريدية في الدولة واستحدثت (الإدارة العامة للبريد) التابعة لوزارة المواصلات حيث أسندت إليها الإشراف على أداء الخدمات البريدية في مختلف الإمارات وبإصدار الطوابع البريدية باسم الدولة بدلاً من قيام كل إمارة بإصدار طوابعها الخاصة بها· وقد صدر أول طابع بريد يحمل اسم دولة الإمارات العربية المتحدة في الأول من يناير 1973ولتطوير وتجويد أداء الخدمات البريدية المقدمة للجمهور صدر القانون الاتحادي رقم 4 عام 1985 والذي نص على إنشاء الهيئة العاملة للبريد·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©