الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الإيرانية... موسم لاتهام لندن

الانتخابات الإيرانية... موسم لاتهام لندن
21 يوليو 2009 23:30
خلال العقود الثلاثة الأخيرة، كانت الولايات المتحدة هي «الشيطان الأكبر» بالنسبة لإيران، حيث كان يتم تعليم التلاميذ هتاف «لتسقط الولايات المتحدة!»، وكان رجال الدين «المحافظون» يلقون خطبهم وعظاتهم المنددة بأميركا، وكانت الجداريات المناوئة لأميركا التي تظهر عليها صور من قبيل تمثال الحرية الشهير بوجه جمجمة، تملأ العاصمة طهران. غير أنه منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي وطُعن في نتائجها، قامت الحكومة بطرد دبلوماسيَين بريطانيين ومدير مكتب هيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي»، كما أوقفت موظفين في السفارة البريطانية بتهمة التحريض على العصيان. لم يتردد أحد مستشاري المرشد الأعلى في وصف بريطانيا بأنها «أسوأ من أميركا» بسبب تدخلها المزعوم في شؤون إيران عقب الانتخابات. وإذا كانت الشكاوى من التدخل البريطاني قد عادت بقوة من جديد، فإنها ليست جديدة؛ فبالنسبة للعديد من الإيرانيين، وخاصة أولئك الذين يستطيعون العودة بذاكرتهم إلى الوراء لعدة عقود، فإن التأثير البريطاني طويل وعميق. وفي هذا الإطار، يقول مهرزاد بوروجردي ، مدير الدراسات الشرق أوسطية بجامعة سيرَكيوس: «بالنسبة للجيل الأكبر من الإيرانيين، يبدو الأمر كما لو أن الشمس لم تغب عن الامبراطورية البريطانية. إنهم يُعتبرون أساتذة التآمر السياسي، في حين يُعتبر اللاعبون مثل الولايات المتحدة متدربين جدداً على الساحة». ومن جانبه، يرى علي أنصاري، أستاذ التاريخ الإيراني بجامعة سانت أندرو في سكوتلاندا، أن الارتياب في بريطانيا ازداد في عهد الإدارة الإيرانية الحالية إذ يقول: «إن حكومة نجاد كانت دائما ترتاب وتتوجس من البريطانيين في مقاربتها»، مشيراً إلى حادث في 2007 حين اعتقلت إيران 15 فرداً من قوات البحرية البريطانية لأنهم، كما قالت، دخلوا مياهها الإقليمية بشكل غير قانوني. ويضيف أنصاري قائلا: «إنهم مهووسون حقاً ببريطانيا أكثر حتى من الحكومات الإيرانية السابقة في عهد الجمهورية الإسلامية». وحسب عدد من المحللين، فإن نجاد وأعضاء حكومته يفتقرون إلى تجربة سياسية كبيرة خارج إيران، ويتعاملون على نحو ساذج وبسيط عادة مع بلدان أخرى، حيث يستندون إلى فولكلور محلي يعود إلى نحو قرن مضى حيت كانت تتوفر بريطانيا على تأثير ونفوذ كبيرين على المنطقة. والواقع أن الإيرانيين يجدون أشياء جيدة وسيئة في ذلك التاريخ، على اعتبار أن بريطانيا مثلا دعمت الإيرانيين الذين ضغطوا من أجل دستور عام 1905، ولكنها تركتهم بالمقابل يشعرون بأنهم تعرضوا للخيانة حين انضمت إلى روسيا من أجل تقسيم إيران إلى «مناطق نفوذ». ثم حين اكتُشف النفط في إيران عام 1908، أنشأ البريطانيون مصافي هناك وحوّلوا البلاد إلى منتج للنفط لأول مرة؛ ولكن الاستياء والغضب كانا قويين، لأن إيران لم تكن تتلقى سوى جزء يسير من الأرباح، وكان العمال الإيرانيون يعيشون في ظروف مزرية. هذا ويعتبر البعض أن التأثير البريطاني كان وراء صعود رضا شاه بهلوي إلى الحكم في 1921، ثم سقوطه منه بعد 20 عاماً على ذلك. وحاليًا، يناقش الباحثون تأثير لندن على هذه الأحداث، علما بأن بريطانيا اعترفت، إلى جانب الولايات المتحدة، بالمساعدة على خلع رئيس الوزراء الإيراني المنتخَب ديمقراطيا عام 1953. ورغم أن نفوذ الولايات المتحدة في إيران ازداد بعد الحرب العالمية الثانية، غير أن الدور الذي كانت تلعبه بريطانيا في الكواليس ظل راسخاً في المخيلة الشعبية الإيرانية، حيث كان يعتقد البعض، ومنهم محمد رضا بهلوي المخلوع، أن البريطانيين هم الذين دبروا الثورة الإسلامية لعام 1979. وفي هذا الإطار يقول بوروجردي: «حتى نكون منصفين في حق الإيرانيين، ينبغي أن نشير إلى أن البريطانيين كانوا يتدخلون في إيران. ولكنهم في رأيي يُحمّلون الكثير جدا من المسؤولية بخصوص ما قاموا به في إيران». والواقع أنه حتى السياسة الخارجية الأميركية كانت تُؤوّل أحيانا على أنها تخضع للتوجيه من لندن حيث يقول أنصاري: «لقد وقف عضوان في البرلمان وقالا إن خطاب «محور الشر « (الذي ألقاه الرئيس جورج دبليو. بوش في 2002) كتب من قبل البريطانيين»، مضيفا إن «الأميركيين غير قادرين على ذلك لأنهم لا يتمتعون بما يكفي من الذكاء حتى يفكروا في ذلك». ثم إنه في كل أزمة تحل بإيران، يتم إلقاء بعض اللوم على «بي. بي. سي» بسبب تاريخها في إيران ربما. وفي هذا السياق، يقول أنصاري: (إن القسم الفارسي في «بي. بي. سي» يحظى بوضع خاص في إيران؛ فقد تأسس في 1941 من أجل المساعدة على الإطاحة برضا شاه)؛ غير أنه بحلول أواخر السبعينيات، «لعب دوراً معاكساً لتوجه الحكومة البريطانية، حيث كان يمنح الخميني حصةً زمنية أكبر من اللازم، كما كانت تعتقد». ومع ذلك، فإن الكثيرين في إيران يجدون أنه من الصعب فصل «بي. بي. سي» عن الحكومة البريطانية، حيث أججت شعبية المحطة هناك مشاعرَ التوجس والارتياب، على غرار ما حدث بعد انطلاق الخدمة التلفزيونية الفضائية الفارسية مؤخراً . ويقول «ديك ديفيس»، أستاذ اللغة الفارسية بكلية «بارو ك كوليدج» في نيويورك: «لأنه يُنظر إلى بي. بي. سي باعتبارها لعبت دوراً مهماً خلال الثورة، إضافة إلى حقيقة أنها تطلق قناة تواصل جديدة، فإن هناك شعورا بأنها مقبلة ربما على تطور جديد». رأي يوافقه «إيرفاند أبرهاميان»، أستاذ التاريخ بكلية «باروك»، والذي يضيف أنه عبر تشديد الخناق على وسائل الإعلام المحلية اليوم مثلما حدث في 1978 ، فإن حكام اليوم «يقومون بالشيء نفسه الذي كان يقوم به الشاه». تارا باهرامبور - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©