الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية: عروس تكاثر حولها الخُطاب!

26 ابريل 2010 22:13
في أسبوع واحد، زار الرئيس الصيني "هو جينتاو" البرازيل للتوصل لصفقات استثمارية، كما زار الرئيس الروسي "ميدفيديف" الأرجنتين قبل أن ينتقل منها للبرازيل للاجتماع بقادة دول "مجموعة الأربع" المعروفة اختصاراً بمجموعة الـ"بريك" (البرازيل وروسيا والهند والصين) التي تمثل قوى اقتصادية بازغة على الساحة الدولية. ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث قام أيضاً وزير الدفاع الأميركي "جيتس" الذي وقع اتفاقية عسكرية مع البرازيل بجولة في أميركا اللاتينية لتعزيز الصلات مع حلفاء أميركا في المنطقة. وكل ذلك يعني أن قارة أميركا اللاتينية غدت اليوم فعلاً واحدة من أجمل "الحسناوات"، إن جاز التعبير، في المحفل الاقتصادي العالمي، بدليل تنافس الدول الكبرى على خطب ودها، وشراء السلع منها. ويرى بعض المراقبين أن الاهتمام الجديد بأميركا اللاتينية شيء جيد في حد ذاته، لأن مثيله هو الذي سبق أن ساعد على إنقاذ عدد من اقتصاداتها حتى أثناء الفترات التي اشتدت فيها الأزمة المالية العالمية. بيد أن هناك عديداً من الأسئلة التي تطرح باستمرار في الوقت الراهن، حول ما إذا كانت شهية الصين الهائلة للصويا وخام الحديد، ومبيعات روسيا الضخمة من الأسلحة، وبحث إيران عن الحلفاء في نصف الكرة الغربي، سيكون في مصلحة القارة في نهاية المطاف، وعما إذا كانت الولايات المتحدة تخسر في الوقت الراهن السباق التجاري في أسواق المنطقة. "من بين الديناميات التي بدأنا نراها ذلك الصراع على موارد أميركا اللاتينية بين الصين وغيرها من القوى الخارجية، في حين أننا تعودنا دوماً على سماع الولايات المتحدة وهي تأمر الآخرين برفع أيديهم عن أميركا اللاتينية" هذا ما قاله "إيفان إيليس" أستاذ الأمن القومي في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن. والحال أن الصين هي الدولة التي تقود بالفعل سباق التنافس على سلع القارة الجنوبية في الوقت الراهن. ففي زيارته الأخيرة والزيارة السابقة له للبرازيل عام 2004، سعى الرئيس"جينتاو" لتأمين قدرة بلاده على الحصول على المواد الخام الضرورية لنموها. يشار إلى أن الصين قد أصبحت الشريك التجاري الأول للبرازيل عام 2009 بعد أن انتزعت هذا المركز من الولايات المتحدة، حيث ارتفعت قيمة التبادل التجاري بينها وبين البرازيل من 6.7 مليار دولار عام 2003 إلى 36.1 مليار دولار العام الماضي، وفقاً للأرقام التي أعلنتها الحكومة البرازيلية. وفي ذات الوقت تتعلق زيارة "ميدفيديف" للأرجنتين بمناقشة الاتفاقيات المتعلقة بالطاقة النووية، والفضاء، والنقل، إلى جانب أشياء أخرى كثيرة تصب في مصلحة الجهود المبذولة من جانب موسكو لتعزيز مبيعات أسلحتها لفنزويلا وغيرها من دول القارة، وهو ما يمكن إدراكه إذا ما علمنا أن بوتين كان قد زار فنزويلا في وقت سابق لمناقشة سلسلة من الاتفاقيات المبرمة مع تلك الدولة، والتي يمكن أن تتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار. ومن جانبه سعى وزير الدفاع الأميركي "جيتس" للتقليل من المخاوف المتعلقة بالتسابق على أسواق القارة اللاتينية أثناء الزيارة التي قام بها لبيرو، وكولومبيا، والباربادوس، والتي قال أثناءها إن الصداقات الجديدة لإيران في المنطقة هي لغرض المظاهر فقط. ولكن، إذا لم تكن هذه التحالفات في أميركا اللاتينية تمثل تهديداً جيوبوليتيكيّاً للولايات المتحدة، فإنها على الأقل تسلط الضوء على فرصها التجارية الضائعة. ويوضح "مايكل شيفتر"، وهو رئيس مركز حوار بين الأميركتين في واشنطن ذلك بقوله: "إن الديناميات السياسية الداخلية، والخبرة التاريخية، والحساسيات الشديدة بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، تقف حجر عثرة في طريق الولايات المتحدة وتحول بينها وبين الاستفادة من الفرص المتاحة في القارة". واعتبر "شيفتر" أيضاً أنه في الوقت الذي تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة في مشكلات عديدة مثل مشاكل الطاقة والهجرة والتجارة فإن "الصين وروسيا غير مقيدتين على الإطلاق بقيود سياسية داخلية". ومع ذلك يبقى السؤال معلقاً: هل كل ذلك الاهتمام بأميركا اللاتينية يصب في مصلحة القارة نفسها؟ على رغم أن إقدام دول القارة على شراء الأسلحة بسعر مناسب من روسيا من أجل تحديث جيوشها يبدو شيئاً طبيعيّاً، إلا أن البعض يبدي خشيته من التأثير المزعزع للاستقرار الذي يمكن أن يترتب على نشوء سباق تسلح في أميركا اللاتينية. أما من الناحية الاقتصادية، فيرى "كريستوفر ساباتيني"، رئيس تحرير دورية "أميركاز كوارترلي" في نيويورك، أن تنويع وتكثيف الشراكات بين دول القارة والعديد من الدول من مختلف أنحاء العالم قد ساعد على إبقاء القارة طافية على السطح حتى أثناء الأزمة الاقتصادية الأخيرة. واستطرد "ساباتيني" قائلا: "إن هذا الاهتمام بالقارة أمر جيد لأنه يوفر قاطرة للنمو الاقتصادي. فمن المتوقع للقارة إجمالا أن تنمو بنسبة 4 في المئة هذا العام، وهو أمر يرجع إلى التعافي الصيني من آثار الأزمة الاقتصادية". ولكن هناك أسئلة تبرز في الوقت الراهن عما إذا كان هذا الاهتمام يمثل نوعاً من الإمبريالية الاقتصادية الجديدة -أي استغلال الدول من أجل الحصول على السلع والموارد بأسعار رخيصة، وهو الشيء نفسه الذي كانت تقوم به الولايات المتحدة في الماضي، والذي طالما استحقت عليه اللوم. غير أن الأمر ليس على هذا النحو، كما يقول "رودريجو ماسييل" السكرتير التنفيذي لمجلس الأعمال الصيني- البرازيلي الذي يقول إن البرازيل يجب أن تنتبه لحقيقة أن الصين تمتلك سوقاً داخلية ضخمة لم يتم استغلالها من قبلها، وأنها يجب أن تنظر للصين ليس فقط على أنها دولة تشترى منها السلع الأولية وإنما أيضاً على أساس أنها "تمتلك سوقاً استهلاكية ضخمة كذلك". سارا ميلر ليانا - ميكسيكو سيتي أندرو دواني - ساو باولو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©