السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوة والدبلوماسية

1 يونيو 2008 01:08
تحمل المواجهة الكلامية بين المرشحين ''باراك أوباما'' و''جون ماكين'' حول بعض القضايا الخلافية كالحوار مع النظم الديكتاتورية الكثير من المبالغة، فـ''جون ماكين'' يعرف جيداً أنه كرئيس سيتعين عليه في بعض الأوقات الانخراط مع خصوم أميركا في العالم على غرار ''أوباما'' الذي صرح بأنه مع الحديث إلى الديكتاتوريين من أمثال ''راؤول كاسترو'' فقط بعد ''استعداد حذر'' و''بأجندة محددة'' وفي ''الوقت والمكان الذي أختاره''، وفقط ''عندما تكون الفرصة سانحة لتعزيز مصالح الولايات المتحدة''، فما الخطأ فيما قاله ''أوباما''؟ الحقيقة أن هذا الاختلاف ليس أكثر من زوبعة في فنجان، الهدف منه إظهار الفروقات بين المرشحين والتركيز عليها حتى لو لم تكن مهمة، فلو كان مستشارو المرشح الديمقراطي ''أوباما'' أكثر صراحة في وصف ''ماكين'' كما يقولون لوصفوه بالعدواني والمتصلب في مواقفه، وسيضيفون أن رفضه الحوار مع الأنظمة الشمولية مثل ''راؤول كاسترو'' في كوبا و''أحمدي نجاد'' في إيران يشي بافتقاده للمرونة في عالم بالغ التعقيد يتطلب قدراً لا يستهان به من التفهم والمرونة· كما أن فكرته حول تشكيل عصبة للدول الديمقراطية التي دعا إليها سابقاً، تدل على تنكره للمؤسسات الدولية والأمم المتحدة، وبأنه يصر على اللعب في ميدانه الخاص ووفقا لقواعده الفردية، وغير قادر على التعامل مع القوى الجديدة التي صعدت إلى الساحة في مستهل القرن الحادي والعشرين، ولن يترددوا أيضاً في الإشارة إلى الطابع المثالي الذي أعماه عن رؤية أخطار غزو العراق، ولا ننسى سنه وسجله، فضلا عن حزبه الجمهوري، وهي أمور تجعله غير مؤهل لتدشين بداية جديدة تحتاجها الولايات المتحدة في هذه المرحلة· في المقابل سيصف المستشارون الجمهوريون خصمهم ''أوباما'' على أنه ساذج ومفرط في الثقة بالنفس، وهي تركيبة تنطوي على خطورة بالغة في العلاقات الدولية، فباستسهاله الحديث مع الأنظمة الديكتاتورية سيقولون إنه بالغ في تقدير جاذبيته، وقوة حجته، في حين قلل من شأن القوة العسكرية والاقتصادية كآلية لا بد منها للممارسة النفوذ والضغط على القوى الأجنبية، كما أن إصراره على إيلاء الاهتمام الأكبر لأفغانستان على حساب العراق، وهو البلد العربي الغني بالنفط والواقع في قلب منطقة الشرق الأوسط، يعكس سوء فهم وعدم التقدير الصحيح للمصالح الأميركية· قد يقولون عن ''أوباما'' أيضاً إن عمله الاجتماعي وتجربته الأكاديمية جعلاه يؤمن بأفكار ترى أن الضرر الذي تسببت فيه الولايات المتحدة في العالم يفوق الخير الذي كانت وراءه، وبأن القوانين والمنظمات الدولية التي تعرقل القوة الأميركية يتعين قبولها والترحيب بها، والواقع أن تلك الأوصاف كلها تنطوي على صورة كاريكاتورية فيها الكثير من المبالغة والتضخيم، فلا ''ماكين'' أحد دعاة الحرب والمروجين لها، ولا ''أوباما'' مستعد للتخلي على التفوق الأميركي على حساب توازن القوى العالمي، والأكثر من ذلك أنه رغم الاختلافات القائمة بين المرشحين، إلا أن مستلزمات القيادة وإكراهاتها ستدفع المتنافسين في السباق الانتخابي إلى التوافق على سياسات مشتركة، أو على الأقل قريبة من الطرفين، ولنا في رئاسة ''بوش'' خير مثال، إذ بعد سبع سنوات من الإصرار على القطع مع السياسة الخارجية للرئيس ''كلينتون'' وجد ''بوش'' نفسه في الأخير يكرر ما قام به سلفه محاولا التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط، ومناشداً نظام كوريا الشمالية للإيفاء بالتزاماتها الدولية· وحتى قبل الوصول إلى البيت الأبيض، وفي مرحلة الحملة الانتخابية سيسلك المرشحان الطريق الوسط، بحيث سيركز ''ماكين''، رغم مواقفه السابقة، على أهمية نسج التحالفات الدولية، كما أن ''أوباما'' لن يفوت الفرصة لدعم جيش قوي، لأن الأميركيين يريدون القوة والدبلوماسية معاً، وسيتحدث المرشحان أيضا عن تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان مادام الأميركيون يحبون سماع ذلك، وبالطبع سيحاول المرشحان تفادي التركيز على الحرب في العراق بسبب اخطائهما معها، فالمرشح ''ماكين'' ساند الحرب التي تحولت إلى ورطة أميركية كبيرة، بينما عارض ''أوباما'' خطة ''بوش'' للرفع من عدد القوات في الوقت الذي أثبت فيه نجاحها في خفض العنف وتقليص عدد القتلى الأميركيين· فريد حياة كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©