السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

"فريج الأصالة".. أمسيات هادئة تكسر صخب المدينة

"فريج الأصالة".. أمسيات هادئة تكسر صخب المدينة
10 مارس 2013 15:51
على مدى عشرة أيام، عاش سكان أبوظبي لحظات من الألفة في أمسيات "الفريج" الإماراتي القديم الذي جسده مهرجان "قصر الحصن" بأدق تفاصيل حياته اليومية، رغم صخب المدينة والأبراج الشاهقة المحيطة بالمكان من كل الاتجاهات. وقد شهدت الليلة الختامية إقبالاً كثيفاً من المواطنين والمقيمين، فعلى أرائك "الجلسات الشعبية"، التي تجسد مشهد التآخي في المجتمع الإماراتي، وبين فناجين "القهوة العربية" الدائرة على أنغام الربابة، تابع الحضور رقصات "العيالة" و"الرزفة"، وطقوس الحناء والزفة التقليدية التي كشفت أسرارها الجدات أمام الزوار المتجولين بين دكاكين تعبق برائحة التاريخ، ليشكل المشهد لوحة متكاملة ودروساً عملية في تاريخ الإمارات كخزائن من التراث تثري الأجيال الشابة، وتضع الزائر في أجواء مفعمة بالألفة وشجن الحنين إلى الماضي. "النعاشات" و"العيالة" ولفت انتباه الحضور رقصة الفتيات "النعاشات" بشعرهن الطويل أثناء الأداء الفني ضمن رقصة "العيالة"، وهو -بحسب القائمين على المهرجان- تقليد يعود إلى أيام الحروب والغزوات، حيث تخرج الفتيات لتشجيع الرجال في الدفاع عن شرف القبيلة، متمايلات لينثرن شعرهن الطويل يميناً ويساراً على عروض "العيالة" و"الرزفة"، التي تعد تجسيداً للشجاعة والإقدام لما تمثله عبر خطواتها القائمة على حركة السيوف والبنادق واستعراض المهارات الجسدية لكل من يؤديها من أعضاء الفرقة. عرس "الفريج" وفي أمسية من أماسي "ألف ليلة وليلة"، شدت انتباه الزوار، فقرة "الزفاف"، حيث جلست أم العروس وهي تجهز خلطات عديدة تحتوي على الحناء و"الورس" و"النيلة"، مع أنواع مختلفة من قوارير العطور. وتجلس العروس بجانبها مرتدية "البرقع"، وقد أحاطت بها سيدات مسنات لنقش الحناء على يديها ورجليها. وشاهد الزوار "صندوق العروس" الذي يحتوي على العديد من الثياب والحلي من ذهب وفضة. وتابع الحضور مراحل سير العرس الإماراتي التقليدي، حيث ينقل الصندوق إلى بيت أهل العروس في أجواء فرح وبهجة، فتتجتمع النساء ويطفن في أنحاء الحي حاملات جهاز العروس كنوع من المباهاة، قبل أن يصلن إلى بيتها، لتبدأ الأفراح التي يتخللها الكثير من الرقصات والأغاني الشعبية، وتقديم الأطعمة والحلويات المحلية. حكايات الغوص كان للتراث البحري نصيبه من مهرجان قصر الحصن. فقد تابع الحضور على أنغام "النهام"،الذي يغني الأهازيج للترفيه عن البحارة أثناء رحلة الغوص، سرد حكايات البحر والبحث عن اللؤلؤ، التي كان يؤديها كبير النواخذة الذي يمثل في هذا المشهد "السردال"، فهو أقدم البحارة وأكثرهم خبرة ودراية في الحسابات وأماكن "المغاصات" وأعماقها، كما أنه المسؤول عن حماية السفن من التيه أثناء الرحلة، فهو يعرف الاتجاهات الصحيحة اعتماداً على الاهتداء بالنجوم والعلامات الطبيعية الموجودة على الجزر والسواحل. وإذا تطلب الأمر حل المنازعات بين متخاصمين أثناء الرحلة التي قد تسغرق أربعة أشهر، فــ"السردال" هو القاضي الذي يقول الكلمة الفصل، وقد يكون هو صاحب السفينة التي يقودها، أو يعمل عليها لحساب الغير، وهو من يحدد بداية مواسم رحلات الغوص. "برزة" الذكريات وخلال المهرجان، تعرف الزوار على تقاليد "إتيكيت القهوة" أو "سنع القهوة" كما يسمى في التقاليد الشفاهية الأصيلة في المجتمع الإماراتي، وتعرفوا على مسميات ووظائف الدلال التي تقدم فيها القهوة، مثل الدلة المتوسطة الحجم المعروفة بـ"التلقيمة"، وفيها يتم غلي القهوة، حيث يسكب فيها الماء، ويقوم "المقهوي" بإضافة القهوة المسحوقة "المدقوقة" إلى الماء، ويضعها على الموقد، ويراقبها حتى تصل إلى درجة الغليان، وفي العادة تظل هذه "الدلة" على النار أو بالقرب منها منذ الصباح وحتى ساعات متأخرة من الليل.روتتم زيادة الماء ومسحوق القهوة، ولا تغير طيلة اليوم، حتى يحين موعد جلسة القهوة في اليوم التالي، فقد يطرق ضيف في أي لحظة من لحظات الليل والنهار. أما "الدلة" الكبرى، فتسمى "الخمرة"، ووظيفتها هي أن تملأ بالماء وتترك وسط الموقد كي يظل الماء ساخناً في حال الحاجة له لإعداد القهوة. وتسمى أصغر دلال القهوة حجماً بـ"المزلة" وتمتاز بأنها تحافظ على لونها أكثر من غيرها، وذلك لأنها لا تقرب من النار، بل وظيفتها أن تصب فيها القهوة من دلة "التلقيمة"، كي يطوف بها "المقهوي" على الضيوف، كما يوضع فيها "الهيل" و"الزعفران" و"القرنفل"، أو ما يعرف بـ"جناد" القهوة. السوق القديم وقبل ساعات من الإغلاق الرسمي للمهرجان، شهد السوق القديم حركة نشطة، بفعل الإقبال على شراء التذكارات من بضائع الدكاكين العتيقة التي جذبت العديد من زوار المهرجان. كما تهافتوا على تذوق المأكولات الشعبية على بسطات وجلسات تراثية، نثرت ببساطة بين الدكاكين التي عرضت العديد من البضائع مثل الملابس الرجالية والنسائية التقليدية، والبخور والبهارات ومواد الزينة كالنيل، والورس، والصندل، والعسل، إضافة إلى مستلزمات الصقور ورحلات الصيد والفروسية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©