«دوناتيلا فرساتشي» تأخذ من «العسكرية» انضباطها ومن «ميدوسا» خصلات شعرها

رغم أن عيون متتبعي الموضة اتجهت إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث تواصلت عروضها مع كبرى دور الأزياء الفرنسية الشهيرة، إلا أن عروض أسبوع ميلانو للموضة مازالت حاضرة وعالقة بالأذهان، لما ظهرت عليه من مستوى رفيع وذوق متفرد يحسب للمصممين الإيطاليين بجدارة، وسيؤثر حتما باتجاهات الموضة العالمية في المواسم القادمة لاسيما المصممة دوناتيلا فيرساتشي. قدمت المصممة الإيطالية دوناتيلا فيرساتشي تصاميم لافتة في عرضها لموسمي خريف وشتاء 2011/2012، خلال مشاركتها في أسبوع ميلانو للموضة الأخير والذي أسدل ستاره نهاية الشهر الماضي، حيث قدمت تشكيلة راقية ومختلفة لمجموعة الملابس الجاهزة أو الـ”بريتا بورتيه”، أطرت من خلالها رؤيتها الجديدة للأناقة والجمال. وحي الأسطورة بين المارشات العسكرية وإيحاءات من أسطورة “ميدوسا” الإغريقية القديمة، استلهمت فيرساتشي موضوع مجموعتها حيث ارتحلت بعيدا وفي ومضة من الزمن لتستعيد فصولا درامية من الحب والســحر والغضب، مستلهمة استشراقات تغذي خيالها، لتصور من خلالها أزيـاء تروي حكاية فتاة جميلة تدعى “ميدوسا” تعرضت للإغواء والافتتان على يد اليوناني “بوســيدون” في معبد بأثينا، ما أغضب الآلهـة اليونانية “زيوس” فحولتها إلى مخلوقة بشعة بخصلات شعر من الثعابين. ويبدو أن المصممة أرادت أن تحيي عناصر منتقاة من فصول تلك الرواية، وتترجمها إلى زخارف ونقوش تطبعها على كل قطعة وموديل، وتدمجها بتناغم وانسجام مع فكرة أخرى مهمة طغت على كامل التشكيلة، ففصّلت عددا كبيرا من تصميماتها لتكون أشبه بالطراز العسكري، مظهرة الخطوط الصارمة والياقات المنتشية، مع الأزرار المعدنية المذهبة على السترات والمعاطف التي تذكرنا بملابس المجندات في الجيش. ثعابين “ميدوسا” ركزت فرساتشي في مجموعتها الأخيرة لموسمي خريف وشتاء 2011/2012 على إدخال تشكيلة كبيرة ومتنوعة من الفساتين الطويلة، والقصيرة نسبيا لحدود أعلى من الركبة، مع عدد من السترات و”الكابات” والمعاطف، وبعض التايورات، وشيء من الجوبات (التنانير) الجلدية والكنزات المغزولة، معتمدة على وجود طراز المعطف الفستان، والذي يقفل من الأمام بأزرار معدنية وتحيط به ياقات كبيرة ومشدود بأحزمة عريضة لتؤطر منطقة الخصر، مع موديلات عدة لفساتين ضيقة وقصيرة تزينها ثعابين “ميدوسا” الجلدية. بالإضافة إلى إعادة صياغتها لفكرة الفستان المعلق بحمالة واحدة أو ما يسمى بالكتف الواحد، منفذة إياها بأقمشة وخامات وثيرة وذات قوام تترجم القصّات كما يجب، وموظفة أدواتها بأسلوب ذكي ومدروس، وبشكل أنيق ومتناغم، كاستعمالها مثلاً لخامات معبرة ومترفة الفرو المزغب، والجلد المعرق، والشمواه اللدن، والكريب السميك، والكثير من الصوف المنسوج، مع بعض الحرير والموسلين، وإضافات بديعة من الزخارف النباتية، وبألوان جذابة، قوية، ولافتة، كما قدمت المصممة لملابس السهرة أفكاراً لفساتين أخرى بعضها قصير جدا “ميكرو- جيب” وموشى بالكامل بالريش المتطاير، وبعضها الآخر طويل وفخم ومرصع بالستراس والأحجار. تطرف لوني نوعت فيرساتشي بألوان مجموعتها الشتوية الجديدة، ولم تحصرها في إطار واحد، بل منحت لنفسها الحرية لتنطلق برحابة مستخدمة الألوان الداكنة والقاتمة لتكسرها بجرأة وتطرف بظلال وألوان أخرى ساطعة ومضادة. أو لتدمج الأبيض الناصع بتدرجات مختلفة ومعاكسة تماما لصفائه النقي، فتضمنت تشكيلتها الكثير من فخامة الأسود، والأحمـر المارون، والأزرق الكحلي، إضافة إلى البنفســجي المشـبع، والأخضـر الزيتي، والأبيض البريء، مع الكثير من الأصفر الجذاب. وفي المحصلة ظهرت باقة خريف وشتاء 2011/ 2012، خلال أسبوع ميلانو للموضة بشكل أنيق وشديد الانضباط، وطراز كلاسيكي معاصر. إكسسوارات المجموعة كأن المصممة اكتفت بوضع الأزرار المذهبّة على الياقات والأكتاف والفتحات، لتستعيض بها عن عدم وجود المجوهرات التقليدية، كما كان هناك حضور قوي للبوت الشتوي “حذاء عالي الساقين” من خامة الجلد والشمواه، وتصاميم متنوعة لحقائب يد مبتكرة وعملية سادة ومعّرقة.