الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعلق الصيني

المعلق الصيني
1 يونيو 2008 01:48
كنت أعتقد أن أكثر أيام المعلق الرياضي راحة هو يوم مباراة الصين ضد اليابان، فهو يضع رجلاً على رجل ويغمض عينيه ويقول: الكرة مع ''لي'' يلعبها لـ ''كيم'' يأخذها ''هونغ''·· ثم يفتعل الحماس ويقول: يرفعها ''سو'' على رأس ''شي'' الذي يضع الكرة في مرمى ''ونغ''· وسواء هنا كانت الكرة مع لاعبي الصين أو اليابان، فلا أحد من المشاهدين العرب سيسأله لأنه لا أحد يميّز بينهم· وكنت أعتقد أيضاً أن الصيني أوفر الرجال حظاً في هذا العالم، فكلما أحس بالتعب، دخل في أي بيت وأكل فيه ونام، لأن سيدة البيت لن تعرف أنه غريب، والأبناء لن يعرفوا، وربما هو لن يعرف· ويعتبر طابور التشخيص الذي يعتمد عليه رجال المباحث في كل أنحاء العالم لتعرف المجني عليه إلى الجاني، شيئاً غبياً ومضحكاً في دول بني الأصفر، فالمجني عليه يشبه الجاني، وهذا يشبه من يقفون بجانبه، وكلهم يشبهون رجل المباحث· وهكذا يعيش هؤلاء في مسرحية كوميديا الأخطاء إلى الأبد· هكذا كنت أعتقد إلى أن تعرفت إلى رجل صيني يعرف شيئاً من العربية، وأول سؤال سألته هو: كيف تتعرفون إلى بعضكم بعضاً؟ رد عليَّ السؤال نفسه وقال: نحن نتعجب منكم، فأنتم في الخليج تتشابهون كثيراً· قلت في نفسي: هل حسين الجسمي يشبه محمد عبده؟ وهل جابر نغموش يشبه عبد الحسين عبدالرضا؟ وهل إسماعيل مطر يشبه سامي الجابر؟ وهل كلهم يشبهونني؟ ومع مفاجأة كلام الصيني تذكرت كلام صديق لي يصاحب أهل الفلبين، قال لي إنهم يشمئزون من دهن العود الذي نغرق أنفسنا به ونعتبره من أروع روائح الدنيا، لكنني لم أصدقه في حينها، وبت الآن أصدق، فإضافة إلى رأي جماعة ''كمستكا''، فإن الدول التي نستورد منها دهن العود والبخور، مثل كمبوديا والهند وبورما، لا تستخدم هذه ''الأشياء'' للتعطّر بها، ولو كانت فعلاً أروع روائح الدنيا، لما وصلتنا أصلاً· وما دام نحن نتشابه في نظر الآخرين، وما داموا يشمئزون من روائحنا ''العطرة''، فإنهم أيضاً يتقززون من هريسنا ومكبوسنا ومشاوينا، مثلما نتقزز نحن من الأطباق التي توضع أمامهم على المائدة وفيها كائنات تتحرك، فواحد مثلي وطأت قدماه أرض بانكوك أكثر من مرة، لم أذهب أبداً إلى مطاعمهم، لأنني لم أكن أستطيع الدخول إليها أصلاً، وكل وجباتي، حتى الإفطار، كانت في مطاعم العرب هناك، ولا بد أنهم يعانون هنا مثلما أعاني أنا عندهم· وعليّ التوقف عن التفكير بمعاناة بعض الأفارقة والآسيويين والأوروبيين الشرقيين، ممن يزورون دول الخليج أو يعملون فيها ويرون بالبداهة النساء والفتيات هنا، وكنت أقول: مساكين، كيف يمكنهم الآن أن يحبوا نساءهم ويتزوجونهن بعد أن عرفوا معنى الجمال الحقيقي؟ فقد كنت أعتقد أنهم يذوبون في أماكنهم حين يرون جمال الخليجيات· لأن نساءهم قبيحات· وأنا متأكد الآن أنهم هم الذين يشفقون على الخليجيين حين يرون الخليجيات، ويقولون في أنفسهم: الله يعينهم على ما ابتلاهم من قبح نسائهم· ولا بد أن المعلق الصيني يضع رجلاً على رجل ويغمض عينيه وهو يعلّق على مباراة الإمارات ضد أي بلد خليجي· أحمد أميري ahmedamiri47@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©