ما الذي تفعله، عندما تحصل على عرض عمل أفضل وأكثر إغراءً؟ هل تقبله دون تردد أم تمنح رب عملك الأول فرصة أخرى لتصحيح الوضع وتعديله بما يتيح الوصول إلى تسوية يخرج منها الطرفان منتصرين؟ قبل اتخاذك قراراً بهذا الشأن، جُدْ على نفسك بلحظات من الترفيه والترويح، وانْسَ أمر العرض، وكُنْ على يقين أنك ستتخذ بعد حين قراراً أذكى وأفضل. هذا ما توصلت إليه دراسة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «علم الأعصاب الاجتماعي الإدراكي والتأثيري».
وخلال هذه الدراسة، قام باحثون بوصف خصائص أربع سيارات مختلفة لنحو 27 راشداً. ثم فصلوا المتطوعين المشاركين، ووزعوهم إلى ثلاث مجموعات. طُلب من أفراد المجموعة الأولى تقييم السيارات الأربع التي عُرضت عليهم على نحو فوري، بينما طُلب من المجموعة الثانية تقييم السيارات بعد التفكير حول إيجابياتها وسلبياتها، في حين طُلب من المجموعة الثالثة تقييم السيارات الأربع والمفاضلة بينها، بعد أداء مهمة حسابية ترفيهية، وبعد مقارنة النتائج التي توصلت إليها المجموعات الثلاث، تبين أن المجموعة التي حظي أفرادها بقدر من الترفيه والترويح كانوا أكثر من أصدر أحكاماً قيمية تفضيلية دقيقة عن السيارات الأربع، وأن قراراتهم بشأن السيارات كانت أكثر سداداً، مقارنة بالقرارات التي اتخذها أفراد المجموعتين الأخريين.
وبحسب قائد فريق البحث الدكتور ديفيد كريسويل، أستاذ مساعد في قسم علم النفس بجامعة كارنيجي ميلون، فإنه حتى عندما يأخذ الشخص استراحة ترفيهية وترويحية، فإن جزء الدماغ المسؤول عن اكتساب المعلومات يواصل نشاطه، وهذا يعني أن العقل الباطن للشخص يواصل التفكير في خياراته حتى بعدما يتحول انتباهه إلى أشياء أخرى وأماكن أخرى.
ويقول الباحثون إن هذا شيء جيد، خصوصاً عندما يكون الشخص مضطراً لاتخاذ قرار صعب، من قبيل تحديد مكان عيشه وعمله، ويرجع ذلك إلى أنه يسهل على العقل الواعي أن يفقد بوصلة مواصلة التفكير في موضوع ما، عندما تكثر تفاصيله وتشعباته وسيناريوهات تبعاته المختلفة.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور كريسويل “إن العقل الواعي لديه طاقة استيعابية محدودة. ولا يمكنه التفكير في أكثر من شيئين اثنين في وقت واحد. وبالمقابل، فإن الطاقة الاستيعابية للعقل الباطن لا حدود لها. إذ يتصف هذا الأخير بقدرة عجيبة على ربط المعلومات والتفاصيل بنظيراتها ذات الصلة وتشعيبها، ثم التوصل إلى نتائج وقرارات أكثر فعالية ومنطقية”.
وأوصى الباحثون في ختام دراستهم كل من يحتاج إلى اتخاذ قرار أصوب بألا يعتمد على انطباعه الفوري أو ملاحظاته الأولى التي ينتجها عقله الواعي بالأساس.
وأضافوا “إذا كنت ترغب في اتخاذ القرار الأفضل، فما عليك سوى الترويح عن نفسك بضع دقائق أو لحظات، ثم إصدار حكمك القيمي بشأن ما تريد اختياره أو اتخاذ قرار بشأنه”.
ومن وجهة نظر الدكتور كريسويل، فإن أكثر وسائل الترفيه والترويح عن النفس فعالية هي تلك التي تُبعد الشخص تماماً عن المشكلة الأصلية التي كان بصدد مواجهتها.
عن موقع “nbcnews.com”
عدد اليوم
