السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عازفات بيت العود يتألقن في أمسية موسيقية من الزمن الجميل

عازفات بيت العود يتألقن في أمسية موسيقية من الزمن الجميل
9 مارس 2013 21:32
شهد بيت العود أمس الأول ولليوم الثاني على التوالي أمسية موسيقية مع فرقة "تخت الإمارات”، ضمن "مهرجان أبوظبي 2013”، احتفالاً بإلإرث العريق للفارابي، وتقديراً لمنجزه الكبير في علوم الموسيقى ومختلف ميادين المعرفة، وقد قدمت الفرقة بقيادة الفنان الإماراتي علي عبيد معزوفات عدة لاقت استحسان الجمهور، الذي امتلأت به الصالة، ثم وجه عبيد التحية لأعضاء الفرقة كل باسمه، وختم كلمته مرحباً بالفنان العراقي الكبير أنور أبو دراغ الذي حضر من بلجيكا إلى الإمارات في زيارة عمل وخص مهرجان أبوظبي وفرقة "تخت الإمارات” بهذه المشاركة الفنية الرائعة، حيث عزف على آلة الجوزة وقدم مقاطع من الأغاني العراقية. في حين شهدت سهرة الخميس الماضي مشاركة عازفات من بيت العود بقيادة شيرين تهامي. وقد أعلن "بيت الفارابي”، الاحتفاء بالإرث العريق من المعارف والموسيقى والعلوم التي امتاز بها هذا الموسيقي والفيلسوف الذي عاش في أواخر مجد الحضارة العربية وعاصر المتنبي في مجلس سيف الدولة. فاطمة عطفة (أبوظبي) - شارك في سهرة أمس الأول، كل من قائد الفرقة علي عبيد علي “العود”، والضيف أنور أبودراغ على “الجوزة”، بسام عبد الستار “قانون”، أحمد طه “جوزة، تشيلو”، إبراهيم السيد “ناي، كاوالا”، أسامة عبد المنعم “كونترياس”، محمد مهدي “كمان”، وسراج محمد “إيقاع”. وبعد أن قدم الفنان علي عبيد أعضاء الفرقة، أعلن عن بداية الحفل مشيراً إلى ما كتبه الفارابي عن الربابة، وقدم معزوفته “رحلة ربابة”، وراحت أنامله الرشيقة تداعب الربابة وتلامس أشجان الحضور وأحلامهم وأوجاعهم وأفراحهم، والجميع كان ينصت بتأثر واضح وانسجام تام مع هذه المقطوعة وهي الفقرة الأولى في برنامج الأمسية. عازفات مبدعات وكانت أولى فعاليات المهرجان في بيت العود قد بدأت مساء الخميس الماضي بسهرة موسيقية لفرقة “نجمات” بقيادة شيرين تهامي من مصر، أستاذة العود في المعهد، واستمرت الأمسية لمدة 90 دقيقة. وقد تألقت عازفات الفرقة بأداء روائع من الموسيقي العربية بدأت مع السيدة فيروز ولحن “حبيتك بالصيف” وتلتها موسيقى “يامسافر وحدك” للموسيقار محمد عبد الوهاب، وقدمت العازفة الإماراتية إيمان الهاشمي مقطوعة “جيدو” على البيانو، كما قدمت الفنانة المغربية منية حاجي معزوفة “ماريج دامور” لريتشارد كلايدرمان، وتضمنت بقية فقرات البرنامج عزف مقطوعات لكل من زكريا أحمد “أنا في انتظارك”، كمال الطويل “بلاش عتاب”، نصير شمة “على حافة العالم”، شيرين تهامي “أحلام”، بالإضافة إلى مؤلف الأغاني البرازيلي زيكوينها أبريو. والجميل أن بيت العود يقدم للمرة الأولى هذه الفرقة من العازفات الشابات، من العالم والبلاد العربية، وهن قائدة الفرقة شيرين تهامي “عود”، إيمان الهاشمي “بيانو”، رحاب “قانون”، ديانا “طبلة”، أولغا “هارب وفلوت”، بتيا “تشيللو”، برونيا “فيولا”. وجاءت الأمسية الثانية لفرقة “تخت الإمارات” بقيادة الفنان الإماراتي علي عبيد، وذلك احتفاء بالفارابي ومكانته العلمية في التراث، فهو مخترع آلة القانون، ومن أوائل العلماء العرب الذين أسهموا في نقل أفكار أفلاطون وأرسطو إلى اللغة العربية، إضافة إلى إسهاماته المتعمقة في العلوم والفلسفة والاجتماعيات والطب والحساب والموسيقى، والتي امتدت آثارها لما بعد الفارابي وصولاً إلى ابن سينا، وآخرين. وقد ألف الفارابي “كتاب الموسيقى الكبير” الذي استعرض فيه المبادئ الفلسفية حول قيمة وقوة الموسيقى ومعانيها ودلالاتها الفكرية التي تسهم في متعة النفس وتهذيب الذائقة الجمالية وعلاج الروح، وذلك قبل 1000 عام من وصول علم العلاج النفسي المعاصر إلى النتيجة ذاتها. تراث عراقي ووقف الفنان أنور أبو دراغ ليصدح بالأغنية العراقية التراثية، “فوق النخيل فوق فوق/ فوق النخيل فوق/ مادري خدك يلمع/ مادري القمر فوق... وكان لعذوبة صوته الجهوري تأثير كبير لدى الجمهور. وما إن انتهى الفنان أبو دراغ من الطواف بفنه فوق النخيل والرمزية التي يشكلها بالنسبة للتراث، حتى تناول علي عبيد العود وراح يداعب أوتاره برقة متناغمة مع الناي وهو يبوح بأشجانه المؤثرة مع بقية الآلات، من قانون بسام عبد الستار في مقطوعة “لونجا” لجوكسل باكتاجير. وتابعت الفرقة عزف بقية الفقرات، “أحبك” لعمر فاروق، “للروح حديث” لنصير شمة، تلتها معزوفة “تراث إماراتي” للفنان ميحد حمد. وبدأت المعزوفة بنغمات خفيفة على العود بصحبة القانون ثم انضمت باقي الآلات حتى انتهاء المعزوفة الجميلة وخاصة مع مشاركة القانون وبراعة أداء العازف المصري بسام عبد الستار. وكشف الفنان علي عبيد عن موهبة موسيقية جميلة ومبشرة، قائلا: “أنا محضر لكم مفاجأة موسيقية وهي “طيف” ابنتي التي عشقت الموسيقى منذ كان عمرها سبع سنوات، فاعتنينا بها واحتلت المركز الأول على المنطقة الغربية، وهي الآن تستعد لمنافسة البطولة على مستوى الدولة. ومع تصفيق الجمهور لهذه الزهرة المتفتحة في عالم الإبداع قدمت طيف علي عبيد معزوفة على القانون. ثم واصلت الفرقة بقية فقرات برنامج السهرة وعاد المطرب أبو دراغ ليصدح من جديد بأغنية “ياأم العيون السود” و”على جسر المسيب سيبوني...”. ويقول الفنان علي عبيد، والذي أشار إلى أهمية الاحتفال ببيت الفارابي انطلاقا من بيت العود في أبوظبي: “إقامة بيت العود في أبوظبي كانت فكرة مميزة، وهو ليس معهدا لتعليم الموسيقى فقط، لكنه أيضاً نقطة لتجمع مثل هذه الفعاليات، لتزويد المجتمع بالثقافة الموسيقية، أيضاً يمثل احتفالًا بالعلماء والفلاسفة الذين أسسوا للموسيقى مثل الفارابي، وهو الذي عاش في العراق، ووضع فيها أسس هذه المقامات العراقية التي بنيت على قواعد وضعها الفارابي، لذلك لابد من أن نحتفل نحن بهذا العالم الموسيقي المبدع وما ترك لنا من تراث في العلوم والمعارف المتنوعة”. وحول ما لدى الفنان علي عبيد من جديد قال: “قبل أسبوعين انتهينا من ملتقى الفجيرة للربابة، وأتوقع قريباً أن ننشئ معهداً ومتحفاً للموسيقى تحت رعاية هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وهذا سيكون إنجازاً كبيراً ونأمل أن تسير الأمور كما نخطط لها”. وعن كيفية تطوير آلة الربابة وهي الآلة التراثية يوضح عبيد قائلًا: “بدأت أعتني بهذه الآلة وأدخلها في التخت الشرقي، بعد أن كادت أن تنقرض، نحن نستطيع أن نحيي هذه الآلة لتعود بين آلات الموسيقى”. العود والغرب ومن بغداد جاء ضيفاً للمشاركة في هذه الأمسية الفنان سراج محمد، الضارب على الإيقاع، والذي يقول: “إن آتي إلى أبوظبي وأشارك في حفل بيت العود هذا شيء يسعدني، خاصة عندما أشارك مع عازفين مثل علي عبيد، وأنور أبو دراغ، فنان المقام العراقي، وإبراهيم السيد من مصر، وأنا أنتظر بفارغ الصبر لأصعد إلى المسرح”. وعن العراق وموسيقى العود إن كانت ما زالت بخير يؤكد سراج قائلا: “من العراق طلع فن موسيقى العود، من منير بشير إلى نصير شمة، والشباب الجدد كذلك يمشون بنفس الوتيرة في محبة موسيقى العود، وهذا ما يبشر بالخير”. ولأن أبو دراغ هو مؤسس أول مدرسة للعود في أوروبا، يحدثنا عن مشاركته في حفل بيت العود يقول: “أنا مقيم في بلجيكا، وفي السنة الماضية كنت أيضاً ضيفاً على بيت الفارابي، وهذه السنة أصر صديقي علي عبيد أن أكون ضيف شرف في هذه السهرة، وأنا سعيد جداً بذلك”. وعن اهتمام الغرب بالموسيقى الشرقية يؤكد أبو دراغ: “الغرب يهتم جداً بالموسيقى الشرقية ولها وقع كبير عنده، كما يهمهم أن يعرفوا كل ما يدور في العالم العربي من موسيقى وثقافة.. أعتقد أن الحركة الموسيقية الشرقية وصلت إلى العالم، ويعود الفضل بذلك لكثير من الفنانين ابتداء من منير بشير إلى نصير شمة وغيرهم”. عمالقة الطرب وتوضح الفنانة شيرين تهامي، التي عبرت عن فرحتها بالنجاح الذي حققته فرقة “نجمات”، قائلة: “أتشرف أن أشارك بمهرجان “أبوظبي” وخاصة أنه يمتاز بمكانة عالمية، ومشاركتي مع الفرقة أعتبرها انطلاقة لنا من بيت العود، الذي أعتبره بيتي لأني تعلمت فيه على يد الأستاذ نصير شمة، هنا بيتي الحقيقي بكل معنى الكلمة”. ولأن شيرين عزفت بتألق وانسجام تام مع أغاني عبد الوهاب، وزكريا أحمد، توضح: “عندما عزفت “يا مسافر وحدك” لعبد الوهاب، و”أنا في انتظارك” لزكريا أحمد، بالنسبة لي هما الفن الحقيقي وأنا تربيت في وطني مصر على ثقافتهم، وعندما أعزف لهؤلاء الكبار في الفن أشعر ببهجة كبيرة”. وتضيف شيرين أن فرقة “نجمات” سوف تقدم أشياء جديدة في الموسيقى. أما إيمان الهاشمي الطالبة في بيت العود، تقول إن بيت العود قدم هذه الأمسية تحت عنوان “بيت الفارابي” وكان لي مشاركة بمقطوعة موسيقية على البيانو مع مجموعة من الفنانات، وشرف لي أن أساهم مع الفرقة بقيادة الفنانة شيرين تهامي، أنا سعيدة جدا أن أقدم معزوفة تنال هذا النجاح، بعد أن أدخلنا عليها العود، وهذه إضافة فنية جديدة جمعت بين البيانو والعود”. وتشير الهاشمي إلى كيفية هذا الدمج موضحة: “هذه فكرتي أيضاً قدمتها وأجرينا عدة بروفات عليها ورأينا أنها ناجحة، كما أنني عملت أكثر من لحن دمجت فيه العود والناي، والساكسوفون والتشيللو، وأنا دائما أستمع إلى اللحن وأرى ما يناسبه وأفكر بالإضافة التي تنسجم معه وأشتغل عليه”. ومن المشاركات في هذه الأمسية كانت الفنانة منية حاجي التي درست الموسيقى في بلدها المغرب العربي وتكمل في بيت العود، وتقول: “أنا سعيدة جدا بأن أشارك بهذه الأمسية مع “فرقة نجمات”، ولابد من تكرار مثل هذه الأمسيات ليعرف الإعلام أكثر بصرح موسيقي في أبوظبي هو “بيت العود”، كما أتمنى أن تقام أيضاً أمسيات يشارك فيها بعض الأطفال من طلاب المعهد لنشجعهم على الظهور أمام الجمهور”. كما شاركت بالأمسية الفنانة بيتيا برونيا من نيوزلندا على آلة الـ”فيولا”، وهي تقول: “أنا مقيمة في الإمارات منذ أكثر من عام ونصف، وجاءت مشاركتي اليوم وسررت بها، كما أنني أحب أن أتعرف على الموسيقى العربية، وأنا مستعدة لأتعلم أكثر وأكثر هنا في الإمارات التي تهتم بالثقافة والفنون”. وتضيف برونيا قائلة: “في العام الماضي حضرت في دبي عدة ندوات، واحدة كانت عن الفارابي ومن خلال هذه الندوة تعرفت على ملامح من الحضارة التي قدمها هذا العالم”. بيت العود والثقافة الموسيقية يقول الفنان أحمد حميد، أستاذ ببيت العود: “اهتمام مهرجان أبوظبي باسم “بيت الفارابي” يعني النجاح لبيت العود والإنجازات التي حققها هذا الصرح الموسيقي، الذي قدم أمسيات متميزة بقيادة شيرين تهامي بما لها من مكانة في العزف وأسلوب متميز في المدرسة الموسيقية، وكذلك مشاركة الفنان علي عبيد وفرقة “تخت الإمارات”. ويضيف أن بيت العود يواكب دائما كل مهرجان ثقافي، ووجوده في أبوظبي من أجل نشر هذه الثقافة الموسيقية ونقلها للأجيال”. وعن الأمسية التي ضمت كوكبة من العازفات الشابات، يشير حميد: “المرأة لها لمسة جميلة حتى بلا موسيقى، فهي تجعل الأرواح تتهذب أكثر وتكون ألطف وأجمل، كما أن الحضور اليوم كان مستمتعا بما قدمته هؤلاء الفنانات من مقطوعات لأهم الفنانين من رواد الموسيقى والطرب”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©