الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا.. ومساعدات صندوق النقد

9 مارس 2015 22:50
سجلت العملة الأوكرانية «الهريفنا»، وهي العملة الأسوأ أداء في العالم هذا العام، ارتفاعاً بنسبة 47% منذ الانخفاض الحاد الذي سجلته خلال الأسبوع الماضي. وهذا يدفعنا إلى استنتاج أن أوكرانيا قد تراجعت أخيراً عن السقوط في كارثة مالية. وفي الواقع، فإن البنك المركزي الأوكراني والحكومة يبذلان محاولات لإخفاء مشاكلهما حتى لا تكون جلية لصندوق النقد الدولي، في الوقت الذي يتأهب فيه لاتخاذ قرار بشأن تقديم حزمة إنقاذ للبلاد في 11 مارس. وبعد وصول أموال صندوق النقد، ربما تستأنف أوكرانيا سياستها المالية السابقة -وهي الأكثر سلبية مقارنة مع أي مكان آخر في أوروبا منذ مطلع تسعينيات القرن. وتقترب قيمة «الهريفنا» حالياً من 21,7 مقابل الدولار الأميركي، وهو المستوى الذي نص عليه برنامج صندوق النقد. وقد يكون ذلك عظيماً إذا لم يكن الأمر متعلقاً فقط بمجرد سعر الصرف الرسمي الذي لا معنى له. وعلى رغم تعويم «الهريفنا» رسمياً الشهر الماضي، إلا أنها كانت مدعومة بالارتفاع في معدل إعادة التمويل (تسديد قرض بآخر) يوم الأربعاء لتبلغ 30% مقابل 19,5%، علاوة على ضوابط العملة. وتشمل هذه حظراً على مبيعات النقد الأجنبي بأكثر من 3000 «هريفنا» للأفراد، ودفعات الودائع بالعملة الأجنبية لأكثر من 15000 «هريفنا». هذا إلى جانب فرض قيود على شراء العملات بواسطة البنوك لحساباتها الخاصة. وقد تبدو هذه الإجراءات الصارمة معقولة نظراً لأن الاحتياطات الدولية لأوكرانيا في نهاية فبراير انخفضت إلى 5,6 مليار دولار، لتبلغ أدنى مستوياتها منذ يونيو 2003. وهناك أيضاً حقيقة أن البنك الوطني الأوكراني ينفق حوالي مليار دولار شهرياً برغم كل القيود الحالية، نصفها على خدمة الدَّين والنصف الآخر لدعم سعر الصرف الرسمي لـ«الهريفنا». وحيث إن الخزانة أصبحت فارغة، فإنه يتعين على محافظ البنك الوطني «فاليريا جونتاريفا» القيام بأي شيء لإقناع صندوق النقد بأن أوكرانيا ستتمكن من السداد. والمشكلة هي أن لوائح النقد الأجنبي الصارمة، التي تجعل من المستحيل تقريباً السفر أو القيام بأعمال تجارية خارج الحدود، وكذلك سعر الفائدة الذي يحول دون الاستثمار المحلي من خلال تمويل البنوك، يدفعان الاقتصاد إلى قطاع الظل. وقد كانت لدى أوكرانيا لفترة طويلة واحد من أكبر اقتصادات الظل في العالم. وقبل قيام «ثورة الكرامة» العام الماضي، كان اقتصاد الظل يشكل حوالي 50% من ناتج البلاد، وفقاً لتقديرات صندوق النقد، وربما أصبح أكبر الآن، نظراً لأن معاملات الصرف الأجنبي للمواطنين العاديين قد انتقلت بالكامل تقريباً إلى السوق السوداء، بينما خرجت تعاملات الشركات إلى الخارج. وفي ذات الوقت، فإن البنك المركزي ليس مستقلًا بأية مقاييس، فهو يطبع النقود لتمويل الإنفاق العام. وقد أصرت «جونتاريفا» في خطاب أمام البرلمان مؤخراً على أن القاعدة النقدية للبلاد قد تقلصت بالفعل خلال الشهرين الماضيين. وتبلغ قيمة سعر صرف «الهريفنا» مقابل الدولار في السوق السوداء أكثر من 27، بانخفاض نسبته 25% عن السوق الرسمي. وعلى الأرجح فإن أكثر من نصف الاقتصاد الأوكراني يدار على هذا الأساس، بعيداً عن سيطرة المنظمين. وبينما كانت محافظة البنك المركزي تتحدث تعالت أصوات نواب البرلمان، بقيادة النائب الشعبوي الراديكالي «أوليه لياشكو» حتى بات من الصعب عليها مواصلة كلمتها. وفي النهاية، قام البنك المركزي بنشر ملاحظاتها بالكامل على موقعه الإلكتروني. ولم يسمعها النواب وهي تعلن عن توقعاتها بأن يتراوح سعر «الهريفنا» مقابل الدولار 20- 22، ما يساعد على القضاء على العجز الحالي في الحساب الجاري، واستثمار قروض صندوق النقد في تجديد الاحتياطات الدولية لتصل إلى 17 مليار دولار بنهاية العام. بيد أن هذا ليس هو العلاج. فإذا كانت الزيادة المزمعة في الاحتياطي الأجنبي ستحفز البنك المركزي على تخفيف ضوابط العملة، فإن «الهريفنا» ستغرق لا محالة على الأقل إلى مستوى أسعار السوق السوداء الحالية ما لم يتدخل البنك المركزي ويستنزف الاحتياطيات مرة أخرى. وتواجه أوكرانيا حالياً مفارقة نادرة. فالمواطنون يقاومون التدخل الروسي بحماس ولكنهم لا يشعرون بالثقة في سلطة بعض الأطراف التي انتخبوها العام الماضي، ويفعلون أي شيء للهروب من رقابتها. وهم يسحبون ودائعهم المصرفية وينقلون معظم نشاطهم الاقتصادي إلى قطاع الظل. وعليه، فإن صندوق النقد لا ينبغي أن يوافق على حزمة الإنقاذ الأسبوع القادم. فقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن الحكومة والبنك المركزي قد يفقدان السيطرة على الاقتصاد في خضم الأوضاع الصعبة الراهنة. ليونيد برشيدسكي* *كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©