الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فصاحة اللون في تجربتين نسائيتين

فصاحة اللون في تجربتين نسائيتين
9 مارس 2015 22:59
إبراهيم الملا (الشارقة) يستضيف بينالي الشارقة 12 في دورته الحالية المقامة في متاحف ومواقع عدة داخل إمارة الشارقة والمناطق الخارجية التابعة لها، مجموعة قيّمة من الأعمال الاستعادية لمبدعين روّاد من الفنانين والفنانات في المشهدين العربي والإقليمي، ومن الأسماء المضيئة في هذا السياق الاحتفائي، يبرز اسم الفنانتين إيتيل عدنان من لبنان، و فخر النساء زيد من تركيا، كنماذج راكزة وعالية في سماء هذا البحث الدؤوب عن قيمة وجمالية وتأثير الفنون التشكيلية المعاصرة. ايتيل عدنان من مواليد بيروت (1925)، وتعمل وتعيش حالياً في العاصمة الفرنسية باريس، وفي لوحاتها المشغولة على السجّاد والمعروضة حالياً بمتحف الشارقة للفنون نستطيع رصد ما يمكن وصفه بفصاحة اللون وجاذبية المعنى، فهي لوحات لا تنفصل بجذرها الأصيل عن مشروع ذاتي وتراكمي مشتبك بمناخات الشعر والأدب والكتابة المسرحية التي بذلت فيها إيتيل عدنان جهدا تعبيريا لا يركن لنهايات حاسمة، بقدر ما يناور ويحوم ويجرّب في إمكانات الفن وأسئلته المشرعة على القلق والمشاكسة. وكما يرد في سيرتها الفنية، فإن إيتيل تعكس من خلال الرسم علاقتها الخاصة بالطبيعة بوصفها كائناً حيّاً، وتتسم لوحاتها بالإيجاز والاقتضاب ـ حسب وصف الناقدة سيمون فتّال ـ حيث تبدو كل لوحة وكأنها أنجزت دفعة واحدة، عبر تفاعل الفنانة مع ذبذبات اللون وتنويعاته، وخصوصا تلك الأعمال التي نفذتها على السجّاد وتصور فيها علاقتها الروحية الخاصة بجبل تلمبايس في كاليفورنيا، والتي تتجلى فيها الانخطافة المرهفة للحواس بأسلوب تجريدي يحتفل بتكوينه المبهم ضد أي تفسير صارم وأحادي للعمل. أما أعمال الفنان التركية الراحلة فخر النساء زيد (1901 ـ 1991) والمعروضة في المباني الفنية التابعة لمؤسسة الشارقة للفنون، فتكشف عن رصيد فني ومعرفي متعدد المشارب والمنابع، خصوصاً أن الفنانة كانت من مؤسسي المجموعة الطليعية «دي غروب» في إسطنبول، قبل أن تدخل المشهد الفني الباريسي في أربعينيات القرن الماضي، وتصبح جزءاً من مدرسة باريس الفنية، من خلال الحركة التجريدية التي رفضت الأساليب التقليدية الأكاديمية ونظرة المؤسسات الثقافية السائدة تجاه الفن والفنانين. في أعمالها النحتية على الزجاج والموزاييك ولوحاتها الزيتية المعروضة في بينالي الشارقة حاليا، ثمة حالة تمردية واضحة ضد الأنماط الفنية الواقعية، وثمة سعي واضح لكسر المنظور، باعتباره جزءاً من تكوين جمالي وهندسي مطلق ،ويتعدى حدود الشكل الرياضي وحدود الراهن والثابت في الزمان والمكان. وتظهر في أعمال الفنانة، كما في لوحتها: «انشطار الذرة والحياة النباتية» خاصية التجريد القائمة على أنماط فوضوية للألوان والشظايا، وفي أعمالها الأخرى التي أطلقت عليها اسم: «باليوكريستانوس» تستخدم الفنانة طبقات من مادة الراتنج شبه الشفافة على العظام، والتي تستدعي أفكار الخلود والتلاشي، وهو ما أنتج في أعمالها الأخيرة بورتريهات بمثابة تأملات عميقة في دواخل الشخصيات، ففي كل بورتريه نفذته الفنانة خلال الثمانينيات من القرن الماضي تتصادم الزركشات اللونية لملابس الشخوص، مع ملامح الانكسار والفزع والحنين للماضي والتي تبرز بقوة على الوجوه، وتترجم في ذات الوقت فوبيا الوجود المتأرجح بين الولادة والفناء، والشباب والشيخوخة، واليقين والوهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©