حمى البحث عن الذهب تجتاح كاليفورنيا

يبدو أن ارتفاع أسعار الذهب وازدياد وطأة الركود الاقتصادي قد تضافرا مع تأصّل غريزة التفاؤل عند المواطن الأميركي لكي تعمل على تحفيز الآلاف من المغامرين للعودة إلى الجبال والمرتفعات في غرب الولايات المتحدة الأميركية· فعند اكتشاف الذهب في تلك المناطق أول مرة في أربعينات القرن ما قبل الماضي وتحديداً في عام ،1848 أدت حمى البحث عن الذهب في كاليفورنيا لأن تجلب معها أكثر من 300 شخص إلى داخل الولاية وبشكل أدى إلى تحول ما كان مجرد موقع خلفي منعزل إلى ما أصبح عليه المكان الذي يجسد أكثر من غيره الحلم الأميركي الآن· وبالرغم من أن أعدادهم مازالت أقل بكثير من الرواد الأوائل، إلا أن المندفعين الجدد إلى كاليفورنيا والذين لجأوا إلى استبدال المعاول وآليات الحفر القديمة بمعدات رفع الأوحال الحديثة واستعاضوا عن العربات المغطاة التي تجرها الأحصنة بالمنازل الحديثة المتنقلة مازال معظمهم يشعر بالثقة من أنه لا محالة سوف يحقق الثراء· وكما يقول مايك لابوكس أحد المندفعين الجدد الذي أمضى 50 عاماً في البحث والتنقيب عن الذهب في كاليفورنيا: ''ما زال العديد من الأشخاص يعتقدون أن هنالك كميات هائلة من الذهب تستلقي على طول مجرى الأنهر، وأن الأمر لا ينطوي على عناء كبير في استخراجه· والحقيقة أن هناك كميات كبيرة من الذهب، ولكن معظمها يختفي داخل التضاريس الأرضية الصعبة''، ويعمل لابوكس 57 عاماً وزوجته كاثي كمشرفين على معسكر نهر سكوت للتعدين في جبال كلاماث في شمال كاليفورنيا، حيث يقيم حوالي 20 من الباحثين عن الذهب مع عوائلهم في منازل حديثة متنقلة وهم يتسامرون في كل ليلة أمام مواقد النيران في العراء ويتبادلون حكايات المحظوظين ممن أنعم الله عليهم بالذهب والثراء ويستعدون لانطلاقة موسم إغلاق سدود الأنهر الذي يتزامن مع تجنب احداث إرباك للأسماك أثناء فترة توالدها ووضعها للبيض· ويشير لابوكس إلى أن هناك أكثر من 50 شخصاً من الباحثين عن الذهب سوف يوجدون في المنطقة قبل انقضاء موسم الصيف، وهو يقول: ''أكثر ما يزعجني أولئك الذين تخلوا عن وظائفهم ومصدر رزقهم وأتوا إلى هنا مع عوائلهم لينفقوا آلاف الدولارات مقابل الإقامة وشراء المعدات·· إنني لا أرغب في أحباطهم، ولكني أعتقد أنه الدرس الذي يتعين عليهم أن يتعلموه''، ويستطرد لابوسك قائلاً: ''هناك البعض الذي يحالفه الحظ ويتمكن من اكتساب آلاف الدولارات في يوم واحد، إلا أن هذا الأمر لا يستمر عادة إلى فترة طويلة، ولكن معظمهم يواجه العديد من المشكلات والصعوبات حتى في دفع نفقات الوقود الخاصة بالمعدات''· ويقول والت ايسون أحد كبار المسؤولين في الجمعية: ''لقد أصبح الأمر الآن ينطوي على المزيد من الإثارة، فما كان حيصل عليه الفرد من ذهب بقيمة تتراوح مابين الفين وثلاثة آلاف دولار بعد التنقيب لأسبوع كامل أضحى هذا الرقم يتراوح مابين 15 و20 ألف دولار الآن بعد ارتفاع أسعار الذهب''· ويشار إلى أن الذهب كان قد تم اكتشافه في الماضي في جميع الولايات الأميركية باستثناء ولايتي كينتيك وهاواي، ولما كانت القاعدة الأولى للتنقيب عن الذهب تقضي بالبحث في الأماكن التي كانت تحتوي على كميات أكبر، فإن معظم الاهتمام أصبح يتركز على ولايات كاليفورنيا ونيفادا واريزونا، بالإضافة إلى ولاية ألسكا· بيد أن التحسن الكبير الذي شهدته نوعية الأجهزة والمعدات أخذ يساعد الباحثين على الحصول بسهولة أكثر على الذهب المستلقي داخل التجاويف الأرضية والذي ظل يعاني من الهجران لفترة طويلة قبل أن يبلغ سعره الآن في التعاملات حوالي ألف دولار مقابل الأونصة الواحدة· وفي بعض الأحيان، فإن الأمر لا يستدعي سوى تمرير كاشفة المعادن الحديثة فوق بعض الحطام الصخري الذي تركه الرواد الأوائل، إذ إن أحد الباحثين عن الذهب قبل عامين من الآن اكتشف أن أحد الشقوق في قاع النهر يحتوي على أكثر من 23 أونصة من الذهب تبلغ قيمتها أكثر من 40 ألف دولار بأسعار اليوم· على أن البسطاء من الأفراد من حاملي المقلاة والصحون ليسوا وحدهم الذين انتابتهم حمى البحث عن الذهب فيما يبدو، فهناك العديد من كبريات شركات التعدين التجارية التي بدأت تزحف نحو ولايات نيفادا وايداهو وكولورادو، بل إن هناك المزيد من الجيولوجيين والمهندسين الكنديين والأميركيين الذين تخلوا عن وظائفهم في كبريات شركات التعدين واتجهوا إلى البحث عن التمويل من البنوك وإنشاء مشاريعهم الخاصة للبحث عن الذهب في سلسلة جبال سيرا مادري في شمال كاليفورنيا·