الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجليد الكتب.. أبتكره الأقباط وطوره المسلمون

تجليد الكتب.. أبتكره الأقباط وطوره المسلمون
23 يوليو 2009 21:12
يدأب حرفيو قسم الترميم والتجليد في «مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث» على مواصلة عملهم بحرفية عالية بغية الحفاظ على التراث والتاريخ وتقديمهما للباحثين وطلاب العلم. ومع الاقتراب من ورشاتهم نتعرف على تاريخ حرفة الكتب والمخطوطات وطبيعتها وأنواعها ومراحل إتمامها، ونخوض في تفاصيلها من خلال الحوار مع د.بسام داغستاني- رئيس قسم الحفظ والمعالجة والترميم في المركز. تعتبر حرفة تجليد الكتب من الصناعات الفنية التي ازدهرت في عالمنا العربي والإسلامي نظرا لقيمة وأهمية الكتاب الذي جلب على وجوب وجود وسائل لحفظه من الضياع والاهتراء.. في ذلك يقول داغستاني: «التجليد مهنة فنية أساسية من صناعة الكتب عند المسلمين، ووقع على كاهلهم مسؤولية حفظ أوراق الكتاب من التلف والعناية بمظهره الخارجي بحيث يتلاءم الشكل الخارجي مع قيمة الكتاب ومحتوياته خصوصاً المصاحف الكريمة والمخطوطات التي تزيد أعمارها على مئات السنين والحقيقة إن صناعة التجليد قد أصابت الهدف في جعل الكتاب يعيش عمرا طويلا وخاصة إذا كان التجليد يدوياً وبالجلد الطبيعي، فالتجليد الفني هو فن راق لما فيه من رسومات هندسية ونباتية وزخارف تراثية تطبع بالذهب أو الضغط ليصبح نافراً على الجلد الفاخر مما يكسبه قيمة فنية إبداعية ووعاء يحتضن أغلى الدرر والنفائس من المعلومات والقيمة الفكرية التي دونها التاريخ». تاريخ عريق عن تاريخ هذه الحرفة البديعة، يقول داغستاني: «لو عدنا إلى بداية حرفة التجليد لوجدنا أن الفضل يعود في تأسيس حرفة التجليد ووضع ضوابطه وأسسه للأقباط في مصر، فهم أول من قام بتجليد كتابهم المقدس «الإنجيل» وفي عهد الإسلام وبنزول القرآن الكريم لزم الأمر على المسلمين في التفكير بطريقة ما لحفظه وصونه من الضياع، فقاموا بأخذ أسلوب الأقباط في عملية التجليد، حيث كان من خيوط سعف النخيل ودفتين من الخشب، استمر هذا الشكل لفترة قصيرة فبعد الفتوحات الإسلامية وامتزاجهم بالشعوب الأخرى أخذوا من فنونها وماتوافرت في أراضيهم من مواد خام، فطرأ تحسن في شكل غلاف المصحف الشريف ، وبدأت الحاجة إلى الزيادة في عملية نسخ القرآن الكريم لتوزيعها على الأقاليم المفتوحة، وأدى ذلك إلى التطوير في شكل التجليد. ويبقى أن المسلمين هم من طوروا هذا الفن وأدخلوا عليه بعض التحسينات في أدواته وطريقة صنعه، ومنهم انتقل إلى أوروبا. ونجد أن لكل منطقة جغرافية فناً خاصاً بها ولكل حقبة تاريخية أيضا ميزة خاصة بها، مما يصبح الأمر جلياً وواضحاً على مقتنياتهم وفنونهم ومنها النقوش والزخارف التي ظهرت على أسطح أغلفة الكتب القديمة». تعاقبت على المنطقة الإسلامية دول ودويلات مختلفة وكل دولة أخذت نموذجاً وشكلاً ما للتجليد وانطلقت منه. يلفت إلى هذا الداغستاني، ويضيف: «في عصر المماليك نجد النجمة الاثني عشرية، ودولة الموحدين في المغرب أخذوا النجمة الثمانية الشكل، ويعتبر الختم الصفوي معقداً جداً وجميلاً في الآن نفسه، فهي عبارة عن زخارف نباتية دقيقة متداخلة ومتشابكة وأخذت مساحة واسعة من الغلاف، أما الدولة العثمانية فأخذت التشكيل النباتي وحورته إلى زخارف بحيث وزعت هذه الزخارف على متن الغلاف في الوسط والأركان والمحيط. ونجد أن التجليد له ميزة خاصة، فهو مؤشر ودليل على التاريخ الذي يعود إليه المخطوط، كما أن الأغلفة حظيت بمكانة عالية عند السلاطين والفنانين لما وصلت إليه هذه الأغلفة من زخارف ونقوش غاية في الرقي والجمال». أنواع ومراحل ثمة أنواع متعددة من التجليد يشير إليها داغستاني، ويقول: «لو توقفنا عند أنواع التجليد نجد أن هناك نوعين، فتجليد المخطوطات والكتب يعتمد بشكل كلي على اليد وتستخدم أدواته من الطبيعة، وله أسلوب خاص به بدءاً من الحياكة والحبكة إلى تصميم الغلاف، بحيث يتناسب مع العصر الذي نشأ فيه». وعن مراحل تجليد المخطوطة، يقول: «يتم ترتيب الملازم وفق تسلسلها الصحيح، ثم يبدأ بعملية الخياطة على نوعين خياطة عربية وخياطة متصالبة ، العربية تتم للمخطوطات الصغيرة والمتصالبة للمخطوطات الكبيرة ،وبعد الانتهاء من عملية الخياطة تأتي مرحلة تثبيت الكعب بالقماش والغراء المناسب، وبعد أن يجف هذا الغراء تصبح الملازم متماسكة، وتأتي مرحلة الحبكة أي التطريز على كعب المخطوط من الأعلى والأسفل، ومهمتها حماية الكعب من الاهتراء وإعطاء جمالية لمنطقة الكعب، ثم تأتي عملية تفصيل الغلاف حيث نأخذ قطعة كرتون وتكون بنفس قياس الورق تماما، وبعد الانتهاء من عملية تفصيله نصل إلى قص الجلد الطبيعي المناسب للكرتون في الحجم، ثم نصل إلى مرحلة التصميم الزخرفي الذي سيطبع على سطح الغلاف (على الوجهين الأمامي والخلفي)، وبعد أن يجف نقوم بالرتوش النهائية للتجليد، وذلك بتبطين الغلاف من الداخل ووصل الوجه الأمامي والخلفي مع الصفحة الأولى من المخطوطات وعمل مفاصل لتأمين سهولة فتح وإغلاق الغلاف من الجهتين، لننتهي بذلك من تجليد المخطوطة». ويلفت الداغستاني إلى أن «التجليد الحديث يتم تقريباً بنفس المراحل، إنما بأسلوب مختلف نوعاً ما حيث نتتم عملية تثبيت الكعب بوضع حياكة صناعية تستخدم فقط للزينة، تليها مرحلة تفصيل الكرتون وتثبيت الجلد الصناعي على الكرتون بمادة لاصقة، ثم يثبت الغلاف على الكتاب ويتم تبطينه فتذهيب العناوين على كعب الكتاب وعندها تصبح المطبوعة جاهزة».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©