الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المياه «كلمة السر» في حل الأزمات الاقتصادية

31 مارس 2018 21:03
حسونة الطيب (أبوظبي) أغفلت جميع النقاشات التي دارت حول الحلول الممكنة للازمات الاقتصادية، قطاع الماء، كأحد العناصر المهمة في نمو الاقتصادات الخضراء، وربما يلحق ضرر هذا الإغفال بعدد من أوجه الاقتصاد مثل، فقدان الوظائف الزراعية وتقلص استهلاك المنتجات الزراعية وشحها وارتفاع أسعارها، ما يهدد التبادل التجاري مع الاقتصادات الناشئة، فيما لا يقتصر الضرر على الزراعة، بل يشمل أيضاً الصناعة والطاقة، مايستوجب التصدي للضغوطات الواقعة على إمدادات المياه والمتمثلة في، زيادة السكان وأنماط الحياة والتغير المناخي وغيرها. ويشكل عدد من القضايا المرتبطة بالمياه مثل، الفيضانات والجفاف وعدم توفر مياه الشرب وتدهور الموارد، عائقاً في طريق التنمية، في الوقت الذي يمثل فيه النمو السكاني والاقتصادي، ضغوطاً مستمرة على موارد المياه. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تقدر الخسائر العالمية الناجمة عن عدم توفر إمدادات ملائمة من المياه، بنحو 260 مليار دولار سنوياً. والماء هو عصب الحياة الذي يعتمد عليه الإنسان والحيوان والنبات، والذي قامت عليه كافة الحضارات القديمة والحديثة. وبينما للمياه تأثير على الصحة العامة، نتج عن الزراعة وعمليات التنمية، بداية المشكلة التي يواجهها الإنسان اليوم، المتمثلة في كيفية الحصول على مياه صالحة للشرب سواء للإنسان أو الحيوان، وفي إدارة مخلفات البشر. وتغطي المياه 70% من سطح الكرة الأرضية، 97.2% منها مالحة ونسبة ضئيلة لا تتعدى سوى 2.8% عذبة. وتتوفر المياه الصالحة للشرب في معظم المناطق المأهولة بالسكان، رغم أن تكلفتها ربما تكون مرتفعة وغير متوفرة بالقدر الكافي. وتتعدد مصادر المياه من أرضية مثل الجوفية والينابيع، ومياه الأمطار التي تشمل المطر والبرد والثلج والضباب، والمياه السطحية من أنهار وجداول وأنهار جليدية، ومصادر بيولوجية مثل النباتات، بالإضافة إلى مياه البحار المحلاة وشبكات إمدادات المياه. ويشكل الماء، جزءاً أساسياً من الدم ومن الوسائط الرئيسية في التفاعلات الكيميائية، بجانب محافظته على مستوى حرارة الجسم من خلال التعرق. ويعمل الماء، على مساعدة الدم لحمل المواد المغذية من المعدة، لكافة الأجزاء الأخرى من الجسم، وكذلك الحال في الأوكسجين من الرئتين. واللعاب الذي يتكون معظمه من الماء، يساعد الإنسان والحيوان على هضم الطعام. وتتراوح كمية الماء في الجسم، بين 60 إلى 70%.وعادة ما تستغل مياه الينابيع للمياه المعبأة، في حين تشير مياه الصنابير لشبكات المياه المتصلة بالمرافق السكنية والصناعية والتجارية وغيرها. وللاستهلاك الآمن، من الضروري معالجة هذه المياه. والصنابير أكثر الطرق كفاءة لتوصيل مياه الشرب، حيث تتطلب أنابيب المياه استثمارات ضخمة. وتصل تكلفة استبدال بنية تحتية قديمة لشبكة مياه ونظام صرف صحي في البلدان الصناعية، لنحو 200 مليار دولار، ونتيجة لذلك، ربما تجد الدول الفقيرة، صعوبة في امتلاك بنية تحتية ملائمة، ما يدفع الناس لإنفاق جزء مقدر من دخولهم للحصول على المياه. وفي أميركا، يقدر متوسط استهلاك الأسرة، بنحو 69.3 جالون (262 لتراً) يومياً. ويعتبر توفر المياه بكميات كبيرة من العناصر الضرورية للحضارة، ومع أن التأكيد على أهمية جودة مياه الشرب، ليس بالقضية الجديدة، فإن أهمية توفر الصرف الصحي الملائم، لم تكن في الاعتبار حتى حلول القرن التاسع عشر. وكانت العدوى تنتقل عبر المياه؛ نظراً لعدم نظافتها، وذلك من الأسباب الرئيسية التي أدت لوفاة أعداد كبيرة من الناس في العصور القديمة. ويعتمد توالد البعوض الذي يتسبب في مرض الملاريا، على توفر المياه، ما نتج عنه مشكلة صحية كبيرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط في العصور القديمة. وبحلول القرن العشرين، تم حل المشاكل الصحية المتعلقة بتلوث المياه في البلدان المتقدمة، في الوقت الذي تعتبر فيه مشاكل الميكروبات المتعلقة بالمياه، من المعضلات الكبيرة في الدول المتقدمة. ويموت في الوقت الحالي 10 آلاف شخص يومياً، نتيجة لأمراض مثل، الدوسنتاريا والكوليرا وأمراض إسهال أخرى، لعدم توفر مياه نظيفة ونظام صرف صحي ملائم، وفقاً للرابطة الدولية للمياه. وفي الفترة بين 2000 إلى 2003، مات نحو 769 ألف طفل سنوياً دون سن الخامسة في أفريقيا جنوب الصحراء ونحو683 ألفاً في جنوب آسيا، جراء الإسهالات المائية. ويعاني العالم اليوم، من نقص في المياه الصالحة للشرب. ويوجد في منطقة الشرق الأوسط 1% من المياه العذبة في العالم، مقسمة على 5% من سكان الكرة الأرضية. وعند اتخاذ قرارات مهمة بشأن إمدادات المياه والمجاري، من الضروري الاستعداد لعمل استثمارات كبيرة. لا يرتبط مستوى إمدادات المياه والصرف الصحي بالضرورة بالزمان والمكان، بقدر ما هو مرتبط بمسؤولية المجتمع على تطوير بيئة العيش. وفي المجتمعات الفقيرة التي تعوزها مياه شرب نظيفة ونظام صرف صحي، يتسبب جلب المياه من مناطق بعيدة في حرمان الأطفال - خاصة البنات- من الذهاب للمدارس، وبالتالي حرمانهم من فرص التعليم، ما يشكل عبئاً على المجتمع عندما يصبحون بالغين. أكثر من كونها سلعة فحسب، تعتبر المياه أصلاً اقتصادياً واجتماعياً أيضاً. ويكتسب توازن أولويات استهلاك المياه وجودتها ووفرتها، أهمية خاصة للمستقبل. وفي حين تستمر أهمية وفرة المياه، فإن قضايا جودتها أكثر أهمية. ومن الضروري للغاية ترشيد استهلاك المياه. وتشكل رقابة تلوث المياه والصرف الصحي، أكبر التحديات التي تواجه العالم. وتعمل العديد من المنظمات والمبادرات مثل «وتر أيد إنترناشونال»، في تحسين توفير مياه صالحة للشرب في 26 بلداً من البلدان الفقيرة حول العالم. وكذلك شراكة «الصرف الصحي والماء للجميع»، التي تعمل على الجمع بين الحكومات والمانحين ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الربحية وغيرها. مياه الشرب هي المياه الصالحة للشرب ولعمليات الطهي، حيث تختلف نسبة الاستهلاك وفقاً للنشاط البدني للفرد ولسنه وحالته الصحية والظروف المناخية المحيطة. يبلغ متوسط شرب الفرد من المياه في أميركا، نحو واحد لتر يومياً، في حين يناهز استهلاك الفرد الذي يعمل في جو حار، نحو 16 لتراً يومياً. وتتضمن أنواع الاستهلاك الأخرى، الاستحمام ودورات المياه والري والغسيل وغيرها. ويقدر عدد الذين يمكنهم الحصول على مياه شرب نظيفة حول العالم، بنسبة بلغت 89% في 2015 ونحو 4.2 مليار على مياه الصنبور، في حين 2.4 مليار آخرين على مياه الآبار أو صنابير عامة ونحو 1.8 مليار، ما زالوا يعتمدون على مصادر مياه غير صالحة وملوثة، وفقاً للموسوعة العامة. وإدارة موارد المياه، هي النشاط الذي يرتبط بالتخطيط والتطوير والتوزيع والإدارة، للاستخدام الأمثل لموارد المياه. وتهتم إدارة المياه، بكافة متطلبات المياه والسعي لتوفيرها على أسس عادلة للإيفاء بكافة احتياجات هذا الاستخدام. وتشكل المياه العذبة، 3% فقط من موارد المياه، ثلثاها حبيسة تحت الأنهار والقمم الجليدية. ومن نسبة 1% المتبقية، 20% منها في مناطق نائية يصعب الوصول إليها. وكلما تقدمت السنين، شحت المياه وصعب الحصول على مياه شرب للبلدان. ويستغل البشر في الوقت الحالي، 0.08% فقط من المياه العذبة، في ظل تنامي الطلب للصرف الصحي والشرب والصناعة والزراعة والترفيه. نقص حاد بحلول 2030 وأجراس الإنذار تدق دقت أجراس الإنذار حول العالم، معلنة عن نضوب إمدادات المياه الجوفية، حيث توقعت الأمم المتحدة نقصاً حاداً في المياه بحلول 2030. ويستهلك الري الزراعي ما يزيد على ثلثي المياه، بينما تذهب البقية لمياه الشرب. ويتركز أكبر احتياطي من المياه الجوفية في العالم في الوقت الحالي في أفريقيا ومنطقة يوراسيا، بينما تعاني الأميركيتان من شح شديد في مصادر مياهها. وبرغم أن النزاعات عادة ما تنشب حول المياه العذبة، لكنها لا تستثني المياه المالحة أيضاً. وخلص تقرير أعدته مجموعة «إستراتيجك فورسايت»، إلى أن التعاون النشط بين الدول حول المياه، يقلل مخاطر وقوع الحروب. ويتوقع ريتشارد دامانيا، كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي، تراجع النمو الاقتصادي في المناطق التي تعاني من شح المياه، بنسبة قدرها 6% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يقود لارتفاع الأسعار، ومخاطر وقوع صراعات عنيفة، وموجات من الهجرة في المستقبل القريب. من الطريف، أن استخدامات المياه لا تقف عند حد استهلاك الإنسان والحيوان والنبات، بل تتعداها لأغراض الترفيه والرياضات المتنوعة من سباحة وتجديف وغوص وتزلج وأغراض تجارية من تربية الأسماك والنقل البحري والنهري والغوص لاستخراج اللؤلؤ وغيرها. 185 مليار دولار سوق المياه المعبأة نظراً للمخاوف المتعلقة بالصحة العامة، ارتفع استهلاك المياه المعبأة حول العالم خلال العقد الأخير، خاصة في الدول الغنية، ويقدر قطاع هذه المياه بنحو 185 مليار دولار في 2015، الذي من المرجح أن يناهز 334 مليار دولار بحلول 2023، بنمو سنوي قدره 8.5%، حسبما أورته مؤسسة موردور إنتيليجانس للبحوث والاستشارات. ومن العوامل التي ساعدت على انتعاش هذه السوق، تغير نمط الحياة وتفضيل المياه المعدنية الغنية بالفيتامينات وسهولة حملها. وتمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أكبر أسواق هذا القطاع، مستحوذة على حصة قدرها 33%، تليها أوروبا بنحو 28%. وفي أميركا تجاوزت سوق المياه المعبأة، 11.7 مليار جالون في 2015. وعلى الصعيد العالمي، بلغ استهلاك المياه المعبأة، 212 مليار لتر في 2007، ونحو 288 مليار لتر في 2012، ليرتفع إلى 391 مليار لتر في 2017. وعادة ما تخضع المياه لنظم المعالجة مثل، قتل الميكروبات المائية المسببة للأمراض من خلال غلي المياه، الشيء الذي يتطلب كميات ضخمة من الوقود، ما يزيد عبء التكلفة على المستهلك. ومن تقنيات المعالجة الأخرى، التنقية والتطهير الكيميائي والتعريض للأشعة فوق البنفسجية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©