في هدأة النفس ثقافة الأغنية

منذ طفولة تحبو حتى طفولة تتجدد عبر الأجيال تصاحبنا الأغاني ، تطربنا حيناً وحيناً تجتر أحزاننا، لكنا لا ننصت الى معانيها المتكررة ،إذ ننشغل بالايقاع الموسيقي للأغنية ونحفظ بعض الكلمات ونرددها بطرب وتمايل، أو يأسرنا الصوت والأداء· ولأننا لا ننتبه إلى المعاني في أغانينا العربية، اعتدنا حتى على ما نسميه- الهابط منها رغم أني لا أعرف بديلا لصفة هابط- إذ تتشابه الأغاني في معانيها وكلماتها عبر كل الأجيال والسنوات إلى حد مذهل، فكل أغانينا تنتظمها تيمة واحدة وتلفها دائرة واحدة هي الحب ووصف الحبيب، واللوعة والشوق والهجر، هكذا تتكرر برمجة ذائقتنا السمعية وثقافتنا الغنائية على مر السنين، ولم تمس الحداثة والتحديث سوى سطوحها الخارجية كالإيقاع الصاخب وفق مبدأ الاستيراد، والفيديو كليب وسطوة الإعلان التسويقي· ''دورة الحياة والموت'' عنوان أغنية ليست عربية تقول في ترجمتها هذه المعاني:(تأتي للحياة باردا ملطخا بالدماء/ يسلمك الطبيب إلى والدتك التي تعطيك حريتك/ أين تذهب بدون تحديد وجهتك ولا خريطة تساعدك/ انها دورة الحياة والموت· وكل ما بينهما حكايات حياتنا/ ستكتشف أن العالم ما هو إلا مهرجان وقد حان الوقت لأن تسير/ سيكون لديك بعض الأسئلة وتريد الإجابات·· تلك هي دورة الحياة / قد يكون اليوم أفضل أو أسوأ/ إنها حياتك··حياتك أنت·) هل لدينا أغنية تقارب ولو قليلا هذه المعاني في تلك الأغنية أو هذه الأغنية المعنونة بـ''قوة المرأة'' والتي تقول: هيه أنت·· هل تذكرني؟/ هل انقرض جنسي؟/ كنت ابحث عن أعجوبة/ عندما يكون الكأس نصف مملوء نملأ النصف الثاني/ هناك نبع داخلي يشكلنا كلنا خطوة خطوة/ ساعة ساعة/ يوما بعد يوم/ أنتِ تحلمين برجل ينقذك/ أنت وحدك القادرة على ذلك/ الرجل الكامل، فتى الأحلام لم يعد له وجود/ ثقي بنفسك/ بما تريدين وما تفعلين / تحدثي بحرية / قولي رأيك/ كوني قوية/ لأننا نحلم ونأمل ونحقق الحلم! من منطلق ثقافتنا الغنائية، ربما يقول البعض :اووووه، إنها أغنية سياسية، والبعض الآخر: أنها مضجرة· لكن ماذا سنقول إذا عرفنا أنها من أغاني الشباب وتصنيف ''البوب''؟ ولأن ''المكتوب يعرف من عنوانه'' كما يقول المثل الدارج، فإن عناوين أحدث أغانينا الشبابية ستدلنا على مضامينها التي تتكرر عبر الأجيال: حب عمري/ لعينك حبيبي/ حب من غير أمل/ ويلي منك أنا في الغرام/ حاولت أنسى/ عليه العوض/ الماضي قربني منك وخليك معاي بلا حب/ آه يا ليل· هذا انتقاء عشوائي غير متحيز ولو سردت عناوين ومضامين كل الأغاني التي سمعناها ونسمعها على مدار الساعات والأيام فلن تخرج عن هذه المضامين، منذ ستينيات القرن الماضي على الأقل حتى اليوم!! حمدة خميس