الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزحيلي: الإفتاء بغير علم يدمر الأمة.. ولكن لا يملك أحد أن يغلق باب الاجتهاد

الزحيلي: الإفتاء بغير علم يدمر الأمة.. ولكن لا يملك أحد أن يغلق باب الاجتهاد
23 يوليو 2009 21:20
كرمت ماليزيا هذا العام الدكتور وهبة الزحيلي نائب رئيس المجمع الفقهي بالولايات المتحدة وأستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة بجامعة دمشق، حيث تم اختياره «شخصية العام الهجري 1430»، ويعد الزحيلي أحد كبار علماء الفقه المعاصرين فقد صدر له حوالي 70 كتابا منها الموسوعات الأربع «الفقه الإسلامي وأدلته» و«التفسير المنير» و»أصول الفقه الإسلامي» و«موسوعة الفقه الإسلامي». وقال النقاد عن مؤلفاته وخاصة «الفقه الإسلامي وأدلته» و«التفسير المنير» إنه لا يحتاج أي مسلم إلا لهذين الكتابين في الغالب، وإن كتابه «الفقه الإسلامي وأدلته» هو المفتي في كل بيت• وفي هذا الحوار معه نتناول عددا من القضايا المثارة على الساحة الإسلامية اليوم. في البداية ذكر لـ«الاتحاد» قصة تكريمه واختياره شخصية العام 1430 هـ، قائلا: فوجئت وأنا في مؤتمر بماليزيا أواخر العام الماضي 1429هـ بمن يسألني: هل توافق على أن نقيم لك تكريما في بداية عام 1430 هـ، فوافقت وسافرت إلى ماليزيا في الموعد المحدد، وقد أخجلني الاستقبال الحافل هناك ، فقد منحني رئيس ماليزيا الوسام وجائزة مادية في حدود 21 ألف يورو ولقبوني بـ «فقيه الأمة» وقام رئيس الوزراء الماليزي عبدالله بدوي بتسليمي شهادة التكريم في هذا الاحتفال الذي صاحب احتفالا شعبيا كبيرا بمناسبة المولد النبوي، واعتبروني شخصية العام الهجري 1430 • إغلاق باب الاجتهاد وحول قضية الجدل الخاصة بإغلاق باب الاجتهاد، قال الزحيلي: تلقينا أفكار إغلاق باب الاجتهاد ونحن في سن التلمذة من بعض المشايخ الذين وقعوا في هذه «الورطة»، وقال بعضهم إن علم أصول الفقه نشأ ثم احترق، وكذلك بعضهم فهم خطأ إغلاق باب الاجتهاد، في أواخر القرن الرابع الهجري، ولا يملك أحد أن يغلق باب الاجتهاد، فهو ضرورة لضمان خلود هذه الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، والله سبحانه وتعالى لم يهمل عقول هذه الأمة، فلو قمنا بإغلاق باب الاجتهاد فقد ضيقنا روح الشريعة. نعم هناك نصوص على الرأس والعين لكن هناك حوادث ونوازل متجددة تتطلب اجتهادا، والإمام السيوطي اعتبر الاجتهاد فرضا وإغلاق باب الاجتهاد في القرن الرابع الهجري كان من قبيل السياسة الشرعية، عندما ظهر بعض الناس الذين أرادوا نقد الإسلام من داخله وليست عندهم الكفاءة ولا القدرة ولا الآلية على الاجتهاد، ولما أحس العلماء بخطورة هؤلاء الذين أرادوا تدمير الفقه الإسلامي من داخله أغلقوا باب الاجتهاد في وجه هؤلاء. وأكد أن ما تم كان إغلاقا مؤقتا من باب السياسة الشرعية التي تعالج فوضى معينة وظرفا معينا طارئا ثم زال هذا الحكم الشرعي، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يعلم أصحابه الاجتهاد وكان أول من دعا إلى الاجتهاد والتجديد للعمل بما يحقق مصالح الناس• فقه الأولويات وعن كثرة الحديث في الساحة الإسلامية عن مصطلح «فقه الأولويات» قال: فقه الأولويات يقوم على أساس مقاصد الشريعة التي تشمل الضرورات لذلك ينبغي على كل عاقل ومفت أن يعرف ما هي الضروريات، وهي الحفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض وهناك مكملات وحاجات وتحسينيات• وفقه الأولويات كما كتب عنه من قبل الدكتور يوسف القرضاوي يدفع الضرر ويحقق الحاجة الأهم لتحقيق مستقبل أفضل، وقائم أيضا على أصل من أصول الإسلام الثلاثة وهي قلة التكاليف، والتدرج في التشريع والتخفيف واليسر والسماحة ودفع الحرج، وهذا يؤكد أن الإسلام جاء بما يحقق السعادة للإنسان والأمة والجماعة، فعلينا جميعا أن نعود بعد هذه الأزمات التي لحقت بنا من جراء تقليد الغربيين إلى مائدة الإسلام وندرك في صحوتنا ورشدنا ضرورة أن نستفيد من عطاءات الإسلام• أحكام الفقه وأضاف: الفقه الإسلامي ليس من القوانين الوضعية، فهو أحكام مشروعة من الله سبحانه وتعالى وأغلب أحكام الفقه نستمدها من الوحي الإلهي وهي تعتمد على الدليل الصحيح من القرآن والسنة وأضيفت إليها أحكام الفروع من فقهاء هذه الأمة وأئمتها العظام مثل أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم• وهذه الفروع تعتمد إما على العرف والعادة وإما على رعاية المصلحة وإما على القياس فتتغير وتتبدل، ولذلك فالفقه الإسلامي منه ما هو ثوابت وهي الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة والأحكام المنقولة بدليل قوي لا يقبل التأويل أو النسخ أو التعديل، ولذلك فهذه الثوابت لا تقبل التجديد• والحوادث الطارئة لم يصدر فيها حكم سابق بسبب تطور المعلومات والحضارات واستحداث قضايا جديدة في التكنولوجيا، فهذه الأمور لم تكن معروفة من قبل ومن الضروري أن يكون لنا دور في بيان الأحكام الشرعية فيها لمعرفة الحلال والحرام بدلا من أن يضطر الناس إلى العمل بالقوانين الوضعية• وجاء الاجتهاد الجماعي الممثل في المجامع الفقهية والتي عالجت كثيرا من القضايا الطبية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية فهذه المجامع جددت الفقه وحركته وبينت الأحكام الشرعية في كثير من القضايا وخاصة في مجال البنوك والشركات والمؤسسات الإسلامية• فوضى الفتاوى أما عن ظاهرة «فوضى الفتاوى» التي تشهدها الساحة الإسلامية فأوضح: حضرت مؤتمرين حول هذا الموضوع لبيان أهمية الفتوى وضوابطها، الأول في الكويت منذ عامين والآخر في مكة المكرمة منذ شهرين، المؤتمران يؤكدان ضرورة بيان مؤهلات الفتوى وضوابطها وشروطها وانه يجب ألا يتصدى للفتوى إلا اهلها، وهؤلاء الذين يتسرعون في إصدار الفتاوى أغلبهم من غير المختصين. كما أن بعض الإعلاميين للأسف الشديد قد يدمرون هذه الأمة، عندما يأتون ببعض الأدعياء الذين يريدون الشهرة وأغلبهم يقول»رأيي كذا» في حين أنه غير مؤهل ولا يعرف حقيقة الأحكام الإسلامية فهؤلاء أوقعوا الناس في حرج، ولا تكاد تجد اتفاقا بين واحد منهم والآخر لأنهم يتكلمون عن جهل، وهناك خطر على الإسلام بسبب الفتاوى المتضاربة لعدم وجود أهلية للفتوى عند هؤلاء، ولأنهم لا يفتون بالرأي المعتمد ويلجأون إلى ما يسمونه التيسير والتسهيل ويوقعون الناس في هذه الإشكالات، وهذا في حقيقة الأمر خيانة لله وللرسول ولأصول الإسلام لأنهم يفتون بغير علم والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «اجرأكم على الفتيا اجرأكم على النار»• التأمين التكافلي وحول مشروعية شركات التأمين التقليدية أكد: شركات التأمين التقليدية تبغي الربح وعقودها تعتمد على المعاوضة ولذلك هي حرام لأنها من عقود الغرر. أما التأمين التكافلي أو التعاوني في الإسلام فهو قائم على التبرع ونجح نجاحا باهرا عندما بدأ في السودان، وكانت الشركات قائمة على أساس مجموعة من الأشخاص ملتزمين بدفع أقساط معينة كتبرع لتغطية حادث من الحوادث مثل حوادث السيارات أو ما شابه ذلك والفائض من ترميم وإصلاح الحوادث يستثمر ويعطى الربح الأكبر لهؤلاء الذين تبرعوا بهذه الأقساط وتأخذ الشركات نسبة أجورها وإدارتها وأعمالها بمعدل 20 في المئة• الأزمة والبنوك الإسلامية قال الدكتور وهبة الزحيلي عن الأزمة المالية العالمية وكيف خلفت اتجاها قويا يدعو إلى تطبيق الاقتصاد الإسلامي: البنوك الإسلامية تختلف اختلافا جذريا عن البنوك الاقتصادية التجارية التي تعتمد على الفائدة والتعامل بالنقود أخذا وعطاء، والفائدة تكون على المعاملات وخطابات الضمان• وأول بنك إسلامي منظم هو بنك دبي الإسلامي وانشئ عام 1976 ثم انتشرت تجربة البنوك الإسلامية في معظم أنحاء العالم، وأصبحت كثير من دول الغرب تريد التعامل معنا من خلال الأسس الإسلامية والأنظمة التي تطبق في البنوك الإسلامية• والفائدة البنكية هي التي أدت إلى هذه الأزمة العالمية الاقتصادية التي يعيشها العالم الآن• وهي التي عمقت الخلافات وأوجدت الطبقية والتضخم والمشكلات الاقتصادية• أما البنوك الإسلامية فهي قائمة على الاستثمار، فالقروض العقارية في أميركا مثلا أدت إلى هذه الكارثة، أما النظام الإسلامي فيتعامل من خلال البيع والشراء
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©