الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزواج يتعرضون للإهانة والقمع والضرب أحياناً

أزواج يتعرضون للإهانة والقمع والضرب أحياناً
27 ابريل 2010 20:52
عندما نسمع عن النساء اللاتي يحملن نزعات قوية للاستبداد في البيت وخارجه، قد نقول لأنفسنا ربما هذه حالة فردية، أو أن هناك مبالغة بالموضوع، فمن سابع المستحيل أن تجد امرأة بمواصفات «المرأة الحديدية»، لكننا عندما نعلم أن هناك، كما أوضحت عفراء الحاي، مديرة مركز النهضة للاستشارات والتدريب، أكثر من 35% من مرتادي المركز يأتون من أجل الحصول على بعض الاستشارات التي تتنوع ما بين خيانة ونصح وتعامل مع مراهقين إلى جانب أنه بين هذه النسبة قد تصل بعض الشكاوى مابين (2- 3%) تتعلق بضرب الزوجة لزوجها. هنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال عن السبب الذي جعل الرقة والحنان والنعومة تنقلب إلى خشونة وعنف واستبداد، ولماذا لم يعد الرجل الشجاع على مقاومة نفوذ المرأة وقوتها؟ هل يدل ذلك أنه سلم نفسه طائعا ومرغماً، لأنه يعلم أن معركته خاسره مع امرأة اليوم؟! تعودنا أن نسمع ونقرأ في صفحات الجرائد والمجلات أن امرأة تعرضت للضرب من قبل زوجها، لكن على ما يبدو في الوقت الحالي، ومع تغير الظروف، أصبحت الأمور تأخذ منحى آخر، وتتحول عكسياً، فالمرأة اليوم هي المعتدية على زوجها، والزوج هو الذي يتعرض للعنف والضرب في أحيان كثيرة. ينتقد فيصل يوسف سبب هذا الانقلاب: «القول إن المرأة العصرية أصبحت «سي السيد»، فيه كثير من الصحة، بل هو حقيقة بات يدركها الجميع، وذلك طبعاً ناتج عن التغير الجديد الذي صاحب تطور العلاقات الزوجية في الفترة الأخيرة، وهذا التغير من وجهة نظري أحدث نوعاً من التغيير في مركز القوة والسيطرة، فأصبحت المرأة أكثر حظاً في اتخاذ القرارات، وربما أكثر قدرة على السيطرة الشاملة في الكثير من الأمور الخاصة المتعلقة بالحياة الاجتماعية». من جانبه يلفت يعقوب عبد الرحيم إلى أننا أمام ظاهرة جديدة، يصفها بالقول:» نحن نواجه مشكلة واضحة وضوح الشمس، وهي ليست مرفوضة كل الرفض، كما أنها ليست مقبولة كل القبول، وعلى الرجل أن يقبل هذا التغير ويدفع به في الاتجاه الايجابي، كما يتوجب على المرأة لاتتمادى كثيرا في السيطرة ولعب الأدوار الشرسة، فقد تنقلب الوداعة والرقة المتمثلة في الزوج إلى مشاعر عنيفة متوحشة تدمر عش الزوجية». زوجتي تضربني بكل هدوء وبمصداقية شديدة يقر (جمعة .خ)، ذو الستين من عمره: «بمجرد طلبي من زوجتي الآسيوية أن تجلب لي الماء سبب لي جرحاً عميقا في رأسي، فقد رمت علّى «طفاية السيجارة» . يصمت ويشير إلى الجرح، وهو يثور غضباً: «قد لا تكون هذه المرأة الأولى التي اتعرض فيها للضرب، فقد اعتادت على رميي بأي شيء، خاصة عندما تكون تشاهد فيلماً هندياً، فمن سابع المستحيل أن تلبي طلباتي في هذا الوقت». ويضيف جمعة: «لم أعد استطيع تحملها، ولكن ما باليد حيلة فأنا رجل كبير في السن، وأخجل من البوح بذلك لأبنائي الكبار من زوجتي الأولى، فقد يحسسوني باللوم نتيجة تصرفي الطائش بالزواج من هذه المرأة الآسيوية التي لم تقدر كهولتي وصحتي وجسدي الهزيل، وقد أصبح بحاجة إلى رعاية واهتمام كبيرين منها». حادثة أخرى أشد غرابة يحكيها (س. م) شاب في مقتبل العمر، يقول عن ذلك: «كنت بانتظار زوجتي التي تأخرت بالمجيء، ولم أكن أعلم أنها تعرضت لحادث طريق وتعطلت سيارتها، فلما دخلت علّي كانت في غاية الغضب، وعند محاولتي معرفة أسباب غضبها وتأخرها هاجمتني بوابل من الشتائم، فوضعت يدي على فمها لإسكاتها حتى لا يسمع الجيران صوتها، فما كان منها إلا أن صفعتني على وجهي، ثم طردتني خارج المنزل، وأغلقت الباب بعد أن القت ملابسي في الشارع». يضيف بحسرة: «في هذه اللحظة لم أشعر إلا وأنا أمام بيت أهلها لأشكوها لهم، وإلى الآن لم يحصل بيننا أي شيء، فمازلت على العشرة الزوجية التي تجمعنا». وللمرأة ..رأي بالطبع لكل زوجة ظروفها وأسبابها الزوجية الخاصة التي دفعتها للإعتداء علي زوجها سواء بالضرب أو القمع أو الإهانة والشتائم أحياناً، تقول نادرة غنام بدون مقدمات ورتوش: «ماذا أفعل مع رجل يعشق مشاهدة القنوات الفضائية الإباحية، فكل مرة أجده يستمتع بتلك المناظر، ويطلب مني الخروج أو الذهاب بالأطفال إلى أي مكان من أجل أن يستمتع بتلك المهازل». تضيف بعصبية: «ذات يوم دخلت غرفتنا على غفلة، ومشيت على أطراف أصابعي حتى لايشعر بوجودي، وعندما رأيته وهو يشاهد تلك الأفلام، لم استطع تمالك أعصابي، فأمسكت الحذاء الذي أرتديه وضربته على إنحاء متفرقة من جسمه، ومن ذلك اليوم شعرت أن علاقتنا على وشك الإنهيار، فللمرة الأولى أضرب زوجي، وهو الذي دفعني لفعل ذلك». أما الزوجة التي رمزت لنفسها بأم سيف، فقالت عن تجربتها مع زوجها: «لقد تزوجته رغم اختلاف السن ومستوى الثقافة، ولأنه أكبر مني بكثير، وأنا ما زلت في مقتبل العمر، كان دائماً ينعتني بالغبية، ليبدأ بعد ذلك مسلسل السب والشتم على أهلي وعليَّ. بكل عصبية تذكر ضربها لزوجها وتقول: «صبرت عليه طويلاً، حتى جاء اليوم الذي طفح الكيل بي، وطلبت منه غاضبة التوقف عن شتم أهلي، وكان ذلك في اليوم الذي كنا نزور فيه أهله، وأمام ردة فعلي الغاضبة قام وأحضر عصاة وشدني من شعري أمام أهله، وأخذ يضربني بكل ما أوتي من قوة علي جسدي، ولم يستطع أهله إبعاده عني، لكني استطعت الهروب من براثن يديه، وبدأت أقذفه بكل ما تطاله يدي، ورحت انهال عليه بالضرب حتى فقد وعيه». إحصائيات من جانبها تقول عفراء الحاي، مديرة مركز النهضة للاستشارات والتدريب إن أكثر من 35% ممن يأتون إلى المركز من أجل الحصول علي الاستشارات التي تتعدد ما بين ثقافة زوجية للمقبل على الزواج أو الشكوى من بخل الزوج أو كبار السن الذين يعانون من أهمال زوجاتهم، ولكن من بين تلك الحالات هناك نسبة ضئيلة من الرجال يعانون من ضرب زوجاتهم، ويتعامل المركز يوميا مع عشرات الحالات، ويقدم المركز لكل حالة ما يناسبها من الاستشارات الأسرية بكل أنواعها الشرعية والصحية والقانونية والإعاقية». وترجع الحاي سبب لجوء البعض من النساء إلي العنف، بالقول: «يمكن إرجاع عنف المرأة ضد الرجل لعدة أسباب من أهمها أن يكون كرد فعل ضد عنف الرجل، وهذا غالباً ما يحصل، حيث يمارس الرجل عنفاً قاسياً ضد المرأة، مما يقابله عنف في مستواه أو أقل منه أو للتركيبة النفسية للمرأة التي تعامل بقسوة في طفولتها، وأثناء شبابها فنشأت في هذه البيئة العنيفة، مما قد ينتج عنه عنف صادر من المرأة. وغالباً علي حد قول الحاي ما تكون المرأة العنيفة متزوجة برجل ضعيف الشخصية، وهي توضح ذلك بالقول:»بحكم انها تتحمل مسؤولية البيت والأولاد، قد تدفعها هذه المسؤولية إلى الطغيان واستعمال العنف، لأنها تقلدت مكانة الرجل. والفارق العمري الكبير بين الزوج والزوجة، والطلاق والانفصال، وما يتبعه من حرمان للأب من رؤية أبنائه، وزواج المصلحة، وعدم التوافق والتكافؤ الاجتماعي بين الزوج والزوجة.لكن وفي جميع الحالات، فإن هذا العنف يعتبر وضعاً شاذاً في المجتمع، حتى وإن كانت حالات قليلة». ?ظاهرة دخيلة من جانبه يؤكد خليفة المحرزي، استشاري أسري ونفسي بمحاكم دبي «بالنسبة للمجتمع الخليجي فأنا لا أستطيع أن أعتبر الضرب ظاهرة اجتماعية منتشرة في المجتمع، خاصة وأنه لم تتوافر حتى الآن دراسات موثقة عن ضرب الزوجات لأزواجهن ودوافعهن وراء ذلك، فمسألة ضرب الأزواج من قبل الزوجات تعد من المواضيع النادرة والقليلة التي لابد وأن نتريث فيها قبل الحكم عليها، فمن غير المنصف أن نأتي بأحكام عامة على حالات عديده ،لأن الأمر وإن كان قد زاد منذ سنوات لكنه لم يصل لدرجة الظاهرة، بل إن تقارير الجهات المسؤولة تؤكد خلو المجتمع من ضرب الزوجات لأزواجهن إلا بشكل طفيف عند البعض. ويتابع المحرزي: «في هذه الحالة نجد من النادر أن تسمع لصوت رجل يشكو من عنف زوجته، أو أن تتناقل ألسنة الناس موقف رجل ضربته زوجته، وحتى عندما يتعرض الرجل للضرب يحرص على اخفاء الأمر حتى عن أقرب الناس اليه، نظرا للعادات والتقاليد التي تقضي باحترام الزوج في كل الظروف، كما أن المجتمع بطبيعته الفكرية والاجتماعية لا يتقبل مثل هذه التصرفات الشاذة على أساس أنها ظاهرة دخيلة مستنكرة، فهي حتى وأن وجدت فإننا لا نستطيع الاطلاع عليها لحرص الزوج على الظهور بأفضل صورة ممكنة أمام أقرانه من الرجال، لذا فمن المستحيل أن يعترف أمامهم بأنه يُضرب من قبل زوجته إلا ما ندر. ومن المواقف التي تعامل معها يذكر المحرزي: «تلك الحادثة التي حدثت مع إحدى الزوجات التي تربصت بزوجها وبزوجته الجديدة في أحد المراكز التجارية، وانهالت عليهما ضرباً بعصا غليظة كانت قد اعدتها سلفا للانتقام من الزوج لزواجه الثاني، وذلك أمام الناس، مما أدى لهروب الزوج وترك زوجته الجديدة تحت رحمة الزوجة الأولى حتى تمكن المارة من إنقاذها ونجدتها. وحالة أخرى بين رجل وزوجته الجديدة اللذين فوجئا بالزوجة الأولى تنهال عليهما ضرباً لدى ترجلهما من سيارتهما في أحد شوارع المدينة، فلم يجدا بداً من الاستعانة بالمارة لانقاذهما من هذا الهجوم الغاضب، وقد تمكن العابرون بصعوبة من الإمساك بالزوجة الأولى حتى وصلت الشرطة التي تولت القضية، وقد اعترف الزوج بأن هذه ليست المرة الأولى التي يتلقى فيها العقاب من زوجته، حيث كشف أنها سبق وإن قامت بتعذيبه وحبسه في إحدى الغرف في المنزل لمدة يوم كامل. ومن أغرب الحالات التي تابعتها، يقول المحرزي، كانت لأحد الأزواج الذي جاء يشكو زوجته ويطلب منا توقيعها على تعهد خطي لتحسن العشرة معه وتعامله باحترام، فيقول إن زوجته دائمة الاعتداء عليه عبر طريقة مسيئة، وهي رميه بالحذاء، والغريب أن الاعتداء عادة ما يكون بسبب أو بدون سبب، فقد ضربته ذات مرة لأنه نسي اغلاق النافذة مما أدى الى دخول بعض الغبار الى الشقة، ومرة لأنها طلبت منه أن يوقظها من النوم في السابعة صباحاً، فتأخر في ايقاظها وكان إن طاردته بالسكين في الغرفة. المرأة كوبوي من جانبه يوضح الدكتور محمد جاسم المرزوقي مسألة العنف قائلا «العنف بحسب مفهومي عنه إنه أي إساءة تترك أثرا، ومن هنا فإن الآثار قد تكون جسدية، أو نفسية، أو لفظية، أو جنسية، وأيا كانت الآثار فإنها تشكل صور العنف، وللأسف هي واقعة وبدرجات متفاوتة، والواقع قد يرفض مثل هذه الصورة، ولكن الحقيقة دائما هي الواقع فالصورة والمشاهد التي ترد لأسماعنا أو نقرأها في الصحف، وقد كنا لا نرى لها أثراً قبل فترة قريبة، أصبحت أقرب لواقعنا من الأمس، فالمرأة أصبحت «كوبوي» تدافع عن نفسها وفق مبدأ خير وسيلة للدفاع الهجوم؟ وأسلتحها وإن كانت بدائية إلا أن أثرها قد لا يقل تأثيراً عن أي سلاح، أما العنف النفسي، حدث ولا حرج؟ فأفضل أنواع العنف التي تتقنها المرأة هي العنف النفسي، ويمكن تأثيرها الشنيع في ظل شاعرية بعض الرجال؟! ويذكر المرزوقي أشكال العنف، فيقول في هذا الصدد «الألفاظ هي أسهل الأسلحة استخداماً وأكثرها تأثيراً، فاللسان هو ما حذرنا منه سيدنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وهو كما قيل «لسانك حصانك إن صنته صانك». لكن البعض يرى أن الكثير من الرجال يلجأون إلى مكاتب الاستشارات الأسرية، ويبتعدون عن المحاكم، يفسر المرزوقي سبب ذلك بالقول «أعتقد العكس هو الصحيح، إلا إذا كانت المشكلات متعلقة بالعنف والزوج يصارع الذات من أجل الحفاظ على ديمومة الحياة الأسرية من أجل عدم تشتيت الأسرة والأبناء، وبشكل عام فإن 20% من الرجال يطلبون الاستشارة النفسية مقابل 80% من النساء، وذلك من واقع متابعتي للكثير من الحالات في العيادة النفسية خلال السنتين الماضيتين، والسبب في ذلك يرجع إلى طبيعة الرجال في الغالب، وإلى طبيعة ثقافة المجتمعات العربية بشكل عام، فالصورة العامة عن الرجل، أنَّه يحبذ القوة والهيمنة والسلطة، وعدم طلب المساعدة والتحمل وإنتهاج العنف وعدم إظهار الخلافات خارج المنزل. وهذا كله يقلل من إقبال الرجال نحو طلب المساعدة في الغالب.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©