السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الزيارات الفارغة!

27 ابريل 2010 22:40
عندما كنا طلابا صغارا في المدارس كانت الرحلة المدرسية بالنسبة إلينا مكافأة، كنا نسعد بها ونستعد لها بفرحة وسعادة كبيرتين، وقد تبدو رحلاتنا ساذجة مقارنة برحلات الجيل الحالي، ولكن رغم البساطة والسذاجة إلا أنها كانت أفضل ألف مرة..! فقد أصابتني صدمة شديدة وأنا أجد طلبة المدارس حالياً يذهبون في رحلات مدرسية إلى المولات، أي والله المولات، تعلن المدرسة عن الرحلة الميمونة إلى مول كذا أو مول كذا.. ويتدافع الطلاب إلى الاشتراك في الرحلة بغرض قضاء أوقات مع بعضهم البعض والخروج من الأجواء المدرسية، وتذهب الرحلة إلى المول ويتم ترك الطلاب داخل أروقته لساعات طويلة، يتجولون بين المحال التجارية، ويتناولون الطعام في مطاعمه، وبعضهم يدخل دور العرض السينمائي، ونادراً ما يذهبون إلى منطقة ألعاب الأطفال. وتنتظر مشرفة أو مشرف الرحلة حتى موعد المغادرة المتفق عليه، ليتم تجميع الطلاب ليعودوا أدراجهم مرة أخرى بعد هذا اليوم الشيق، أو لنقل هذا اليوم السخيف في رحلة سخيفة لم يستفد منها الطلاب أو المشرفون أو المدرسة أو العملية التعليمية والتثقيفية، والأخطر أنني علمت أن المولات تتسابق الآن على المدارس لإقناعها بتسيير الرحلات إليها، مع تقديم منافع أو مصالح متبادلة مع المدارس، وطبعا النتيجة زيادة عدد زوار المول وزيادة المبيعات..! بلا أدنى شك أنا مقتنع تماماً بضرورة الترفيه عن طلاب المدارس، ومقتنع أيضاً بأهمية الرحلات في تقوية العلاقات بين الطلاب وبينهم وبين المدرسين، وإعادة النشاط والحيوية لهم بعيداً عن الروتين اليومي للعملية التعليمية، ولكن السؤال هل المولات هي المكان الصحيح للرحلات المدرسية..؟ ألا يمكن أن تكون الرحلات تتضمن الترفيه وكسر الروتين مع الاستفادة منها لتعريف الطلاب ببلادهم وتاريخهم وثقافتهم، ألا يمكن أن تكون الرحلة لمدينة بها مزارات سياحية مثل المتاحف التاريخية أو الفنية أوالقلاع أوالصحراء، أو مناطق صناعية مثل المصانع والمؤسسات الكبرى في المدن الصناعية، أو المنشآت الرياضية..؟ هل فكر أحد في تنظيم رحلة إلى حلبة سباق سيارات الفورمولا أو مزرعة وسط الصحراء أو برج خليفة الأطول في العالم، أو..أو..أو..؟ هل يمكن أن نتخيل مدى تأثير زيارة الطالب أو التلميذ الصغير إلى مصنع في بلاده أو مشروع ضخم تحت التأسيس أو حظيرة الطائرات لإحدى شركات الطيران الإماراتية الكبرى، أو المطارات الجديدة. سيقضي الطلاب نفس الأوقات الترفيهية مع بعضهم البعض، وستزيد معلوماتهم عن بلادهم، ويتذكرون كيف شاهدوا مراحل تأسيس مكان أو حدث، وسيزيد ارتباطهم ببلادهم وهم يشاهدون كيف تنمو أمام أعينهم، وإذا كنا نعاني من ثقافة الاستهلاك، فلا أرى أي داع لأن نرسخ في نفوس الأبناء تلك الثقافة الاستهلاكية بتنظيم رحلات إلى المراكز التجارية، ولا أدري هل ستتوقف المدارس عن تلك الرحلات الفارغة من أي مضمون..أم أن الأمر يحتاج إلى قرار ملزم، أعتقد أن الثانية أكثر واقعية. إبراهيم الذهلي رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©