الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صراع بين بنوك مصرية لجذب المدخرات وتمويل المشروعات

25 يوليو 2009 00:16
دفعت عمليات الطرح المتوالية لسندات وأذون الخزانة من جانب وزارة المالية لسد العجز في موازنة العام المالي 2010 - 2009 باتجاه صراع بين بنوك مصرية على كعكة المدخرات وقاعدة التمويل بين القطاعين العام والخاص. ولعبت عمليات القروض المشتركة التي تقوم بها البنوك لتمويل مشاريع وتوسعات خاصة بالشركات الصناعية الكبرى المملوكة للحكومة دوراً متزايداً في إثارة المخاوف لدى شركات القطاع الخاص من عدم قدرتها على الحصول على التمويل اللازم لمشاريعها في ظل توجيه السيولة إلى المشاريع العامة. وبدأت مؤشرات السيولة لدى الجهاز المصرفي المصري في التراجع النسبي عقب القرارات المتتالية للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة حيث بلغت أربعة تخفيضات خلال خمسة أشهر وبإجمالي 2.5 بالمئة مما دفع كثيراً من المودعين إلى إعادة النظر في استمرار ودائعهم في البنوك وبدأوا البحث عن أوعية استثمارية بديلة وأكثر جاذبية وعائداً مما يعني ظهور بوادر أزمة سيولة مستقبلاً تزيد من تعقيد الموقف التمويلي للشركات. وعلى الرغم من مخاوف شح السيولة فإن البداية القوية للعام المالي الجديد والمدفوعة بمشاريع التحفيز الحكومي البالغ قيمتها 15 مليار جنيه ذهب معظمها إلى البنية الأساسية ساهمت في خلق احتياجات تمويلية إضافية تمثل عبئاً على البنوك مما أدى إلى اندفاع هذه البنوك إلى طرح أوعية ادخارية جديدة على عملائها بهدف جذب المزيد من المدخرات لمقابلة هذه الاحتياجات التمويلية المتزايدة. وجاءت المنافسة في السوق بنتائج إيجابية لصالح أصحاب المدخرات حيث اضطر العديد من البنوك لتثبيت أسعار العائد على الودائع بهدف الاحتفاظ بالعملاء القدامى وجذب عملاء جدد على الرغم من أن هذا الإجراء سوف يؤدي إلى تراجع ربحية البنوك بسبب ضيق الهامش بين العائد الذي تدفعه على الودائع والعائد الذي تحصل عليه من القروض. ويرى مصرفيون أن هناك مشروعات استثمارية حكومية وخاصة باتت تستدعي المنافسة على جذب مزيد من المدخرات وهو ما فرض على بعض البنوك تثبيت أسعار عائداتها خاصة أن هناك حزمة من المشروعات الحكومية في مجال البنية الأساسية تحتاج إلى أرقام تمويلية كبيرة ولمدة زمنية تمتد أكثر من عشر سنوات بالإضافة إلى المشروعات الحالية في مجال البترول والبتروكيماويات والعقارات فهناك نشاط من جانب المستثمرين لاستغلال تراجع أسعار المواد الخام وتدشين مشروعات جديدة في الفترة الحالية تبدأ عملها بعد انتهاء الأزمة المالية. ويؤكد الخبراء أن الأزمة المالية العالمية خلقت فرصاً تمويلية كبيرة أمام البنوك مما يدفعها للمنافسة بقوة على مدخرات الأفراد المتوقعة والحفاظ على القائم منها . وتقول فاطمة لطفي - نائب رئيس بنك الإسكندرية - إن هناك متغيرات في الساحة المصرفية خلال النصف الأول من العام الجاري منها تراجع أسعار العائد وظهور مشاريع جديدة وكبيرة تبحث عن التمويل الأمر الذي خلق منافسة بين البنوك على القاعدة التمويلية وهي منافسة سوف تؤدي إلى نتائج إيجابية لأن صراع البنوك للحصول على مدخرات العملاء يفرض عليها تعديل استراتيجياتها التسويقية وتقديم مزايا جديدة وإضافية لهؤلاء العملاء مما يساهم في تعزيز قاعدة المدخرات وزيادة حجمها كما أن المنافسة سوف تفرض على البنوك ترشيد قراراتها الائتمانية وتحقيق أعلى كفاءة في عمليات منح الائتمان ودراسة المشاريع لأن الحصول على التمويل ستكون له تكلفة على هذه البنوك وسوف تسعى إلى تعويض هذه التكلفة عبر إعادة إقراض الأموال لمشاريع ذات جدوى اقتصادية مرتفعة تستطيع سداد هذه القروض بفوائدها. وتضيف فاطمة لطفي أن الأزمة المالية العالمية خلقت فرصاً تمويلية كبيرة أمام البنوك خلال الفترة الماضية خاصة في مجالات جديدة نسبياً على القطاع المصرفي المصري وفي مقدمة هذه المجالات مجال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يعد مجالا واسعا وواعدا ومن شأنه استيعاب جانب كبير من الأموال وهو قطاع منتج ومولد لفرص العمل ويتسم بالتنوع الشديد في نشاطاته. وتشير إلى أن الحكومة ربما تطرح مشاريع قومية كبيرة في الفترة المقبلة بهدف إحداث مزيد من التحفيز الاقتصادي ودعم معدلات النمو وهذه المشاريع بدورها سوف تدفع البنوك لمزيد من المنافسة على السوق المتوقعة للودائع. ويرى الدكتور حافظ الغندور - المدير العام بالبنك الأهلي المصري - أن المنافسة بين البنوك على القاعدة التمويلية - خاصة ودائع القطاع العائلي - قد تدفع بنوكاً ليست لديها حاجات تمويلية حقيقية لدخول حلبة المنافسة مما يكبدها خسائر جراء تحمل تكلفة لا يقابلها توظيف. وقال إن المنافسة ظاهرة صحية ونوع من الخروج عن النمطية التي كان يسير بها القطاع المصرفي عقب كل اجتماع للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري وتحقق في الوقت ذاته مصالح أصحاب المدخرات. وكشف الغندور عن أن هذه المرحلة تشهد نوعاً من الانتعاش الاقتصادي على الرغم من أثار الأزمة المالية العالمية وهو انتعاش نلمسه في قطاعات التشييد والبناء والاتصالات وبعض الأنشطة الصناعية إلى جانب قطاع الخدمات المالية وقد ساهم هذا الانتعاش في اجتذاب جانب كبير من السيولة وأدى إلى المنافسة بين البنوك لتعويض هذه السيولة الأمر الذي يؤشر إلى تنامي تكلفة التمويل خلال المرحلة المقبلة في مصر وسيؤدي إلى إعادة ترتيب أولويات التمويل لدى معظم البنوك وشركات التأمين التي ستفضل المشروعات الكبرى ذات الجدوى الاقتصادية المضمونة ومن ثم حرمان الكثير من المشاريع من إمكانية الحصول على التمويل اللازم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©