الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجرة... معضلة أم حل؟

27 ابريل 2010 22:55
عندما تعجز بعض الدول النامية عن خلق ما يكفي من الوظائف لسكانها الذين يتكاثرون بسرعة، فإنهم يلجؤون إلى تصدير البعض منهم إلى دول غنية... وهكذا يهاجر الشباب من هايتي والمكسيك والفلبين وبلدان أخرى إلى الدول الغنية طلباً لحياة أفضل لهم ولأسرهم، غير أن تصدير فائض العمالة إلى بلدان تحتاجها في الشمال ليس سيئاً ما دام يؤمن مداخيل مهمة بالنسبة للبلدان المصدرة من خلال الحوالات التي يرسلها المهاجرون إلى بلدانهم، كما تساهم تلك الهجرة في تخفيف الضغط على الدول الفقيرة، وبالتالي التقليص من البطالة الداخلية التي غالباً ما تشكل مصدراً لعدم الاستقرار الاجتماعي، وهو ما يؤكده "جوزيف شامي" من مركز "دراسات الهجرة" في نيويورك بإشارته إلى الدور الأمني للهجرة في الحد من الاضطرابات الاجتماعية في البلدان الفقيرة العاجزة عن توفير فرص عمل لشبابها، وفي أحيان أخرى يكتسب المهاجرون نفوذاً في البلدان التي استقروا فيها مثل اللاتين في الولايات المتحدة، أو الأتراك في ألمانيا بسبب حصولهم على الجنسية واندماجهم في المجتمع، فضلاً عن النجاح المالي والاقتصادي الذي يحققونه، وفي مرحلة لاحقة المشاركة السياسية. وعلى الجانب الآخر، تواجه معظم الدول الغنية مشكلة مختلفة تماماً تتمثل في تراجع نسبة الخصوبة وانحدارها إلى ما دون معدل الإنتاج المطلوب للحفاظ على الرفاه الاقتصادي، وفي أميركا كان لتدفق المهاجرين وإبقاء باب الهجرة مفتوحاً دور كبير في تجنب مصير الدول الأوروبية التي تعاني من تناقص الولادات، لكن ذلك لا يخفي المشاكل التي أحدثتها الهجرة، وبخاصة غير الشرعية، على جانبي الأطلسي وما نتج عنها من تنامي المشاعر المناهضة للمهاجرين والمطالبة بسن قوانين أكثر تشدداً لوقف التدفق البشري تجاه دول الشمال. فهل تشكل الهجرة نحو الدول المتقدمة حلاً لمعضلة النمو السكاني المتسارع في ظل التقديرات التي تشير إلى بلوغ سكان العالم حوالي سبعة مليارات نسمة خلال العامين القادمين و8 مليارات نسمة في العقدين المقبلين؟ فعلى سبيل المثال يصل معدل الولادات بالنسبة للمرأة في هايتي إلى 5.3 طفل، وهو ما يفاقم الوضع في البلاد التي يعاني سكانها أصلا من الفقر، بحيث لا يتعدى الدخل السنوي 660 دولارا كما يثقل كاهل الجزيرة المكتظة بسكانها البالغ عددهم 8.9 مليون نسمة، وهي تحتل المرتبة 30 في قائمة الدول الأكثر كثافة، وبالطبع لا يستطيع الاقتصاد الهايتي من مواكبة النمو السكاني وتوفير الوظائف التي تحتاجها فئات واسعة من المجتمع؛ وبالمثل تضاعف عدد سكان الفلبين عشر مرات منذ العام 1900 علماً أنها تعاني أيضاً من مشكلة الاكتظاظ والكثافة السكانية العالية، وقد لجأت الفلبين إلى تصدير الملايين من العمال إلى شرق آسيا والشرق الأوسط ودول أخرى، بحيث أرسلوا في العام 2008 ما لا يقل عن 28 مليار دولار، وهو ما يشكل 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد، وفي المقابل تراجعت نسبة الخصوبة في المكسيك إلى 2.2 طفل بالنسبة للمرأة المكسيكية مقارنة بـ 5.5 خلال السبعينيات، ولعل ما يصعب مهمة التنظيم الأسري الذي تدعو إليه العديد من الهيئات الدولية انتماء العديد من الدول النامية التي تشهد تزايداً سكانياً كبيراً إلى الكنيسة الكاثوليكية التي ترفض الحث على استخدام وسائل منع الحمل لأن ذلك في اعتقادها يعتبر تدخلا في الحياة التي يمنحها الله، وهو ما حدا برجال دين آخرين مثل أسقف ويستمنستر في بريطانيا إلى الدفاع عن وسائل الحمل باعتبارها أداة لمحاربة الفقر في دول العالم الثالث. وحسب معهد "جوتماتشر" هناك 215 مليون امرأة في العالم تريد تجنب الحمل لكنهن لا يستخدمن وسائل فعالة لمنع حدوث الحمل، وهو ما يفتح المجال أمام عمليات الإجهاض غير الآمنة التي تضطر النساء الخضوع إليها رغم مخاطرها على صحتهن، وفي إطار جهودها لمساعدة الدول النامية على إقرار خطط للتنظيم الأسري أدرجت إدارة أوباما في مقترح ميزانيتها للسنة القادمة 715 مليون دولار على شكل مساعدات خارجية، مشكلا ارتفاعاً بنسبته 10 في المئة مقارنة مع السنة المالية 2010، وفيما كانت الولايات المتحدة ومعها باقي الدول المتقدمة تركز في الماضي ومازالت على كبح الأمراض المميتة مثل الإيدز والملاريا وغيرها بدأت اليوم تهتم أكثر بمسائل تنظيم الحياة من خلال الحد من النمو السكاني ومساعدة السكان في البلدان الفقيرة على التحكم في حياة أسرهم من خلال توعيتهم بأن الفقر الذي تعاني منه الأسرة مرتبط بعدد أفرادها. ديفيد فرانسيس محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©